الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1437 (باب الإيجاز في الخطبة)

                                                                                                                              وأورده النووي في: (كتاب الجمعة) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 158 ج6 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن واصل بن حيان . قال: قال أبو وائل: خطبنا عمار فأوجز وأبلغ. فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان! لقد أبلغت وأوجزت. فلو كنت تنفست! فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه. فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة. وإن من البيان سحرا" . ]

                                                                                                                              [ ص: 152 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 152 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي وائل) رضي الله عنه; (قال: خطبنا عمار) رضي الله عنه (فأوجز) هذا الإسناد مما استدركه الدارقطني.

                                                                                                                              وتعقبه النووي ; وقال بعد ما ذكر كلامه: إن مثل هذا الاستدراك مردود، لأن "ابن أبجر" - يعني الذي في رجال سنده، ثقة يجب قبول روايته.

                                                                                                                              (فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان! لقد أبلغت، وأوجزت. فلو كنت تنفست!) أي: أطلت قليلا.

                                                                                                                              (فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه" ) .

                                                                                                                              بفتح الميم، ثم همزة مكسورة، ثم نون مشدودة. أي: علامة.

                                                                                                                              قال الأزهري والأكثرون: "الميم فيها زائدة" . وهي "مفعلة" .

                                                                                                                              قال الهروي عن الأزهري: غلط أبو عبيد في جعله الميم أصلية.

                                                                                                                              قال عياض : قال شيخنا "ابن سراج" : هي أصلية.

                                                                                                                              (فأطيلوا الصلاة، واقصروا) بهمزة وصل (الخطبة) .

                                                                                                                              وليس هذا مخالفا للأحاديث المشهورة، في الأمر بتخفيف الصلاة. لقوله في الرواية الأخرى: (وكانت صلاته قصدا، وخطبته قصدا) .

                                                                                                                              [ ص: 153 ] لأن المراد هنا: أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة إلى الخطبة، لاتطويلا يشق على المأمومين.

                                                                                                                              وهي حينئذ قصد، أي: معتدلة. والخطبة قصد بالنسبة إلى وضعها. (وإن من البيان سحرا) . قال أبو عبيد: هو من الفهم، وذكاء القلب.

                                                                                                                              وقال عياض: فيه تأويلان: "أحدهما" : أنه ذم. لأنه إمالة القلوب، وصرفها بمقاطع الكلام إليه، حتى يكسب من الإثم به كما يكسب بالسحر.

                                                                                                                              وأدخله مالك في الموطأ، في "باب ما يكره من الكلام" ، وهو مذهبه في تأويل الحديث.

                                                                                                                              "والثاني" : أنه مدح. لأن الله تعالى امتن على عباده بتعليمهم البيان; وشبهه بالسحر، لميل القلوب إليه.

                                                                                                                              وأصل السحر: "الصرف" . فالبيان يصرف القلوب، ويميلها، إلى ما تدعو إليه. انتهى.

                                                                                                                              قال النووي : وهذا التأويل الثاني، هو الصحيح المختار.




                                                                                                                              الخدمات العلمية