الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1121 [ ص: 239 ] (باب قصر الصلاة بمنى)

                                                                                                                              وهو عند النووي في الكتاب المتقدم.

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 203 - 204 جـ5 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن ابن عمر، قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم "بمنى" صلاة المسافر، وأبو بكر، وعمر، وعثمان: ثماني سنين (أو قال: ست سنين) . قال حفص: وكان ابن عمر يصلي بمنى ركعتين. ثم يأتي فراشه. فقلت: أي عم! لو صليت بعدها ركعتين! قال: لو فعلت لأتممت الصلاة.]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن ابن عمر ) رضي الله عنهما؛ (قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم بمنى صلاة المسافر) .

                                                                                                                              "منى" تذكر وتؤنث، بحسب "القصد":

                                                                                                                              إن قصد الموضع، "فمذكر". أو البقعة، "فمؤنثة ".

                                                                                                                              وإذا ذكر، صرف وكتب بالألف. وإن أنث، لم يصرف وكتب بالياء.

                                                                                                                              والمختار: تذكيره، وتنوينه.

                                                                                                                              وسمي: "منى"، لما يمنى به من الدماء. أي: يراق.

                                                                                                                              [ ص: 240 ] (وأبو بكر، وعمر، وعثمان: ثماني سنين "أو قال: ست سنين".

                                                                                                                              قال حفص) "يعني: ابن عاصم": (وكان ابن عمر يصلي بمنى ركعتين، ثم يأتي فراشه. فقلت: أي عم! لو صليت بعدها ركعتين! قال: لو فعلت لأتممت الصلاة) .

                                                                                                                              وفي رواية: ( وأبو بكر بعده، وعمر بعد أبي بكر، وعثمان صدرا من خلافته. ثم إن عثمان صلى بعد أربعا.

                                                                                                                              فكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام، صلى أربعا. وإذا صلاها وحده، صلى ركعتين
                                                                                                                              ) .

                                                                                                                              ويوضحه حديث عبد الرحمن بن يزيد: (قال: صلى بنا عثمان بمنى: "أربع ركعات ". فقيل ذلك لعبد الله بن مسعود، فاسترجع، ثم قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصديق بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب بمنى ركعتين. قلت: حظي من أربع ركعات، ركعتان متقبلتان!) .

                                                                                                                              يعني: ليت عثمان صلى "ركعتين"، بدل الأربع. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان في صدر خلافته، يفعلون.

                                                                                                                              ومقصوده: كراهة مخالفة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحباه.

                                                                                                                              [ ص: 241 ] ومع هذا فابن مسعود، موافق على جواز الإتمام؛ ولهذا كان يصلي وراء عثمان متما.

                                                                                                                              ولو كان القصر عنده واجبا، لما استجاز تركه وراء أحد. هذا كلام النووي .

                                                                                                                              ولا حجة في ذلك. بل الحجة في قوله: "ليت حظي"، الخ.

                                                                                                                              ثم ذكر النووي تأويلات لما صنعه عثمان "رضي الله عنه".

                                                                                                                              والصحيح في ذلك: ما أخرجه أحمد، عن عثمان "رضي الله عنه":

                                                                                                                              ( أنه صلى بمنى أربع ركعات، فأنكر الناس عليه، فقال: يا أيها الناس! إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من تأهل في بلد، فليصل صلاة المقيم ) .

                                                                                                                              وفي إسناده: " عكرمة بن إبراهيم". وفيه ضعف خفيف، لا يوجب ترك ما رواه.

                                                                                                                              وفيه: أن من تأهل، يتم الصلاة فيها.

                                                                                                                              وما ذكره الفقهاء، من الفرق بين دار الوطن ودار الإقامة، ليس عليه أثارة من علم.

                                                                                                                              وهكذا مصير المكان وطنا، مجرد النية: لم يوافق رواية صحيحة، ولا رأيا مقبولا.

                                                                                                                              وجعل النية مؤثرة في دون سنة، لا في سنة فما فوقها،: لا يدري ما وجهه؟ ومن أين مأخذه؟

                                                                                                                              [ ص: 242 ] وليس مثل هذا الكلام الفائل، والرأي العاطل مما يدون في مثل كتب الهداية، التي هي لقصد إرشاد العباد: إلى ما شرعه الله تعالى لهم. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية