الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1717 (باب منه)

                                                                                                                              وقال النووي : (باب بيان أن اليد العليا، خير من اليد السفلى... الخ)

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 125 - 126 ج 7 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن حكيم بن حزام، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني. ثم قال: "إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه. ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع. واليد العليا خير من اليد السفلى" .]

                                                                                                                              [ ص: 628 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 628 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن حكيم بن حزام) رضي الله عنه، (قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني. ثم قال: " إن هذا المال خضرة حلوة".)

                                                                                                                              شبهه في الرغبة فيه، والميل إليه، وحرص النفوس عليه: بالفاكهة الخضراء الحلوة المستلذة.

                                                                                                                              فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده، والحلو كذلك على انفراده، فاجتماعهما أشد.

                                                                                                                              وفيه: إشارة إلى عدم بقائه، لأن الخضراوات لا تبقى، ولا راد للبقاء. والله أعلم.

                                                                                                                              (فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه) .

                                                                                                                              قال أهل العلم: " إشراف النفس ": تطلعها إليه، وتعرضها له، وطمعها فيه.

                                                                                                                              وأما "طيب النفس"، فذكر عياض فيه احتمالين. أظهرهما: أنه عائد على الآخذ.

                                                                                                                              ومعناه: من أخذه بغير سؤال، ولا إشراف وتطلع؛ بورك له فيه.

                                                                                                                              والثاني: أنه عائد إلى الدافع.

                                                                                                                              [ ص: 629 ] ومعناه: من أخذه ممن يدفع، منشرحا بدفعه إليه، طيب النفس.

                                                                                                                              لا بسؤال اضطره إليه أو نحوه، مما لا تطيب معه نفس الدافع.

                                                                                                                              (وكان كالذي يأكل ولا يشبع) .

                                                                                                                              قيل: هو الذي به داء لا يشبع بسببه.

                                                                                                                              وقيل: يحتمل أن المراد: التشبيه بالبهيمة الراعية.

                                                                                                                              (واليد العليا خير من اليد السفلى) . تقدم تفسيره.

                                                                                                                              وفي هذا الحديث، وما قبله وما بعده في صحيح مسلم: الحث على التعفف، والقناعة، والرضا بما تيسر في عفاف، وإن كان قليلا. والإجمال في الكسب، وأنه لا يغتر الإنسان بكثرة ما يحصل له بإشراف ونحوه، فإنه لا يبارك له فيه.

                                                                                                                              وهو قريب من قول الله تعالى: يمحق الله الربا ويربي الصدقات .




                                                                                                                              الخدمات العلمية