الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
(و) ينبغي أن (لا يفترش) أي: لا يبسط (ذراعيه) أي: ساعديه (على الأرض) ، ويتكئ عليها في السجود، (كما يفترش الكلب) ، بل يرفعهما، (فإنه) ، أي: الافتراش كذلك (منهي عنه) . رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رفعه: nindex.php?page=hadith&LINKID=650779 "اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب، أي: فإن المنبسط يشبه الكسالى، ويشعر حاله بالتهاون، لكن لو تركه صحت صلاته مع ارتكابه النهي .
وفي حديث أبي حميد عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : nindex.php?page=hadith&LINKID=650785 "فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما". (وأن يقول) في سجوده: (سبحان ربي الأعلى ثلاثا) ، كما رويناه من الخبر في فضل الركوع عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر، وفيه: nindex.php?page=hadith&LINKID=672659 "فلما نزلت nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سبح اسم ربك الأعلى قال: اجعلوها في سجودكم". أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه، nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ، وناسب وصف الرب بالأعلى في السجود؛ لأن العبد في حال سجوده في غاية السفل، وقد وضع أشرف أعضائه على أحقر موجود وهو التراب، فناسب وصفه تعالى [ ص: 70 ] لها بالعلو في الاقتدار، وكان في الركوع انحناء، وفيه مذلة العبد، فناسب وصفه تعالى بالعظمة. والاقتصار على الثلاث أدناه، (فإن زاد) على الثلاث إلى الخمس أو السبع أو التسع أو الإحدى عشرة، (فحسن إلا أن يكون إماما) لقوم غير محصورين غير راضين بالتطويل، فإنه يكره له أن يزيد (ثم يرفع) رأسه (من السجود فيطمئن جالسا معتدلا) ، أي: يجب أن يعتدل بين السجدتين مع الطمأنينة خلافا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك حيث قالا: لا يجب، بل يكفي أن يصير إلى الجلوس أقرب، وربما قال أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : يكفي أن يرفع رأسه قدر ما يمر السيف عرضا بين جبهته وبين الأرض، هكذا نقله nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي .
قلت: المنقول عن الإمام nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في الرفع من السجود أربع روايات؛ إحداهن أن يكون الرفع منه إلى أقرب القعود؛ ليصح إتيانه بالسجدة الثانية، وهو الأصح؛ لأنه يعد جالسا بقربه من القعود، فتحققت السجدة الثانية، فلو كان إلى السجود أقرب لم تجز الثانية لأنه يعد ساجدا؛ إذ ما قرب من الشيء له حكمه، كذا في "البرهان"، وهذه الرواية صححها صاحب "الهداية" بقوله: وهو الأصح، وهو احتراز عما ذكر بعض المشايخ أنه إذا زايل جبهته عن الأرض ثم أعادها جاز. وعن nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد ما هو قريب منه، فإنه قال: "إذا رفع رأسه بقدر ما تجري فيه الريح جاز، وعما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري أنه مقدر بأدنى ما ينطلق عليه اسم الرفع، وهو رواية nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف كما في "المحيط"، وجعل شيخ الإسلام هذا القول أصح، وقال محمد بن سلمة: مقدار ما يقع عند الناظر أنه رفع رأسه، فإن فعل ذلك جاز، أي: السجود الثاني؛ وإلا فلا، وقال صاحب "البحر": ولم أر من صحح رواية الرفع بقدر ما تمر الريح بينه وبين الأرض، والله أعلم .
ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : لنا قوله صلى الله عليه وسلم في خبر المسيء صلاته: nindex.php?page=hadith&LINKID=656174 "ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا"، ويجب فيه الطمأنينة؛ لأنه قد روي في بعض الروايات: nindex.php?page=hadith&LINKID=650715 "ثم ارفع حتى تطمئن جالسا".
قلت: أخرجه الشيخان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وفيه الأمران، قال الحافظ: ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي عن nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين في "النهاية" أنه قال: في قلبي من الطمأنينة في الاعتدال شيء، فإنه صلى الله عليه وسلم ذكرها في حديث المسيء صلاته في الركوع والسجود، ولم يذكرها في الاعتدال والرفع بين السجدتين، فقال: nindex.php?page=hadith&LINKID=650715اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل جالسا، ولم يتعقبه nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي، وهو من المواضع العجيبة التي تقضي على هذا الإمام، فإنه كان قليل المراجعة لكتب الحديث المشهورة فضلا عن غيرها، فإن ذكر nindex.php?page=treesubj&link=1542الطمأنينة في الجلوس بين السجدتين ثابت في الصحيحين، ففي الاستئذان من nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان: nindex.php?page=hadith&LINKID=650715 "ثم ارفع حتى تطمئن جالسا"، وهو أيضا في بعض كتب السنن .
وأما nindex.php?page=treesubj&link=1542الطمأنينة في الاعتدال فثابت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ومسند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من حديث رفاعة بن رافع ولفظه: nindex.php?page=hadith&LINKID=699070 "فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها"، ورواه أبو علي بن السكن في صحيحه، nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه من حديث رفاعة: nindex.php?page=hadith&LINKID=650715 "ثم ارفع حتى تطمئن قائما". قال: وأفادني شيخ الإسلام جلال الدين البلقيني -أدام الله بقاءه- أن هذا اللفظ في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في سنن nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه، وهو كما أفاد زاده الله عزا اهـ .
(فيرفع رأسه مكبرا) لما تقدم من الخبر، (و) كيف يجلس؟ المشهور أنه (يجلس على رجله اليسرى وينصب قدمه اليمنى) ، لما روي من حديث أبي حميد: nindex.php?page=hadith&LINKID=650137 "فلما رفع رأسه من السجدة الأولى فرش رجله اليسرى، وقعد عليها". رواه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ولفظهم: "ثنى رجله اليسرى"، وحكي قول آخر: "أنه يضع قدميه ويجلس على صدورهما"، ويروى ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في "المعرفة" عن نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في البويطي، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه كان يأمر nindex.php?page=treesubj&link=1577_1578بالتورك في جميع سجدات الصلاة، وسيأتي الكلام عليه في المنهيات .