الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما الأمة فتطلق على ثمانية أوجه الأمة : الجماعة كقوله تعالى وجد عليه أمة من الناس يسقون وأتباع : الأنبياء كقولك عن : أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورجل جامع : للخير يقتدى به كقوله تعالى إن إبراهيم كان أمة قانتا لله والأمة : الدين كقوله عز وجل إنا وجدنا آباءنا على أمة والأمة : الحين والزمان كقوله عز وجل إلى أمة معدودة وقوله عز وجل وادكر بعد أمة والأمة : القامة يقال : فلان حسن الأمة أي القامة ، وأمة : رجل منفرد بدين لا يشركه فيه أحد قال صلى الله عليه وسلم : يبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمة وحده والأمة الأم يقال : هذه أمة زيد أي : أم زيد والروح أيضا ورد في القرآن على معان كثيرة فلا نطول بإيرادها وكذلك قد يقع الإبهام في الحروف مثل قوله عز وجل فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا فالهاء الأولى كناية ، عن الحوافر وهي الموريات أي أثرن بالحوافر نقعا والثانية كناية عن الإغارة وهي المغيرات صبحا فوسطن به جمعا جمع المشركون فأغاروا بجمعهم وقوله تعالى فأنزلنا به الماء يعني السحاب فأخرجنا به من كل الثمرات يعني الماء وأمثال هذا في القرآن لا ينحصر

التالي السابق


(وأما الأمة فتنطلق على ثمانية أوجه الأمة: الجماعة) من الناس ، (كقوله تعالى وجد عليه أمة من الناس يسقون ) أي: جماعة منهم، (والأمة: أتباع الأنبياء) عليهم السلام (كقولك: نحن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم) أي: من أتباعه والجمع أمم كغرفة وغرف، وقد ورد في أسمائه صلى الله عليه وسلم نبي الأمة، (والأمة: الرجل الجامع للخير) كله، (المقتدى به) في أحواله، (كقوله عز وجل إن إبراهيم كان أمة قانتا ) سمي بذلك لكونه يؤتم به، (والأمة: الدين كقوله عز وجل إنا وجدنا آباءنا على أمة ) أي على دين، (والأمة: الحين والزمان كقوله تعالى إلى أمة معدودة ) أي مدة معلومة من الزمان، (ومنه) أيضا (قوله تعالى وادكر بعد أمة ) أي بعد حين، وقرئ بعد أمه بالتحريك والهاء أي: بعد نسيان، (والأمة: القامة يقال: فلان حسن الأمة أي) حسن (القامة، وأمة: رجل منفرد بدين لا يشركه فيه أحد) يقال: رجل أمة إذا كان عالم عصره، ومنفردا بعلمه، (قال صلى الله عليه وسلم: يبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمة وحده ) .

قال العراقي: رواه النسائي في الكبرى من حديث زيد بن حارثة وأسماء بنت أبي بكر بإسنادين جيدين اهـ .

قلت: ورواه أحمد والطبراني في الكبير من حديث سعيد بن زيد، وأبو يعلى والبغوي وابن عدي، وتمامه من حديث جابر بلفظ: سئل النبي صلى الله عليه وسلم، عن زيد بن عمرو بن نفيل، فقال: يبعث يوم القيامة أمة وحده بيني، وبين عيسى، (والأمة) لغة في (الأم يقال: هذه أمة زيد أي: أم زيد) نقله أبو علي في البارع، (والروح أيضا ورد في القرآن لمعان كثيرة فلا نطول بإيرادها) فمن ذلك الأمر كقوله تعالى ينزل الملائكة بالروح والقرآن كقوله أوحينا إليك روحا من أمرنا وأيدهم بروح منه ، والحياة كقوله فروح وريحان ، وجبريل عليه السلام كقوله نزل به الروح الأمين ، وملك عظيم كقوله يوم يقوم الروح ، وجنس من الملائكة كقوله تنزل الملائكة والروح فيها ، وروح القدس كقوله ويسألونك عن الروح ، وأما النظائر التي ذكرناها فالهدى يأتي على سبعة عشر وجها بمعنى الثبات والدين والبيان والإيمان والدعاء، وبمعنى الرسل والكتب والمعرفة والنبي صلى الله عليه وسلم والقرآن والاسترجاع والحجة والتوحيد والإصلاح والإلهام والتوبة والإرشاد، ومن ذلك الصلاة تأتي على أوجه: الصلوات الخمس، وصلاة العصر وصلاة الجمعة والجنازة والدعاء والقراءة والرحمة والاستغفار، ومواضع الصلاة، ومن ذلك: السوء، يأتي على أوجه: الشدة والعقد والزنا والبرص والعذاب والشرك والشتم والضر والقتل والهزيمة، ومن ذلك: الرحمة، وردت على أوجه: الإسلام والإيمان والجنة والمطر والنعمة والنبوة والقرآن والرزق والنصر والعافية والسعة والمغفرة والعصمة .

ومن ذلك: الفتنة، وردت على أوجه: الشرك والإضلال والقتل والصد والضلالة والمعذرة والقضاء والإثم والمرض والعبرة والعقوبة والاختبار والعذاب والإحراق والجنون، ومن ذلك: القضاء، ورد على أوجه: الفراغ والأمر والأجل والفصل والمضي والهلاك والوجوب والإبرام والإعلام والوصية والموت والنزول والخلق والفعل والعهد، ومن ذلك: الذكر، ورد على أوجه: ذكر اللسان وذكر القلب والحفظ والطاعة والجزاء [ ص: 551 ] والصلوات الخمس والعظمة والبيان والحديث والقرآن والتوراة والشرف والعيب واللوح المحفوظ والثناء والوحي والرسول والصلاة وصلاة الجمعة وصلاة العصر، ومن ذلك: الدعاء، ورد على أوجه: العبادة والاستعانة والسؤال والقول والنداء والتسمية، ومن ذلك: الإحصان، ورد على أوجه: العنت والتزوج والحرية، ولكل ما ذكرنا شواهد من القرآن لا نطول بذكرها، (وقد يقع الإبهام في الخروف مثل قوله تعالى فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا فالهاء الأولى كناية، عن الحوافر وهي الموريات) ، قدحا، يعني الخيل تقدم بحوافرها فتوري النار، أي (أثرن بالحوافر نقعا) ، والنقع: التراب (و) الهاء (الثانية كناية عن الإغارة وهي المغيرات) صبحا، (وسطن به) بالإغارة، (جمعا) أي جمع المشركين (فأغاروا) عليهم (بجمعهم) ، والمشركون غارون كذا في القوت .

ومن غرائب التفسير أن المراد بالجمع هنا مزدلفة، نقله الطبري في مناسكه، (و) بهذا المعنى، (قوله عز وجل فأنزلنا به الماء) فأخرجنا به من كل الثمرات الهاء الأولى عائدة على السحاب (يعني) أنزلنا (بالسحاب) الماء وفي قوله (فأخرجنا به من كل الثمرات ) مبدل ومكني، فالمكني هو ما ذكرناه من أسماء السحاب (يعني بالماء) ، والمبدل أريد به معنى منه كقوله: يشرب بها عباد الله، وقال في الصريح المفسر من المعصرات ماء ثجاجا يعني السحاب فجمع بين اسم السحاب، والماء بالهاء فأشكل، (وأمثال هذا في القرآن لا تنحصر) ، ومن ذلك قوله: إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون الهاء الأولى المتصلة بيتولون كناية عن إبليس، والهاء المتصلة بالباء هي اسم الله تعالى، وقد قيل إنها عائدة على إبليس أيضا فيكون المعنى هم به، قد أشركوا في التوحيد، أي: أشركوه بعبادة الله عز وجل، ومن ذلك قوله وإخوانهم يمدونهم في الغي ، فضمير إخوانهم المراد به أسماء الشياطين، وضمير يمدونهم أسماء المشركين، أي الشياطين إخوان المشركين يمدون المشركين في الغي، ولا يقصرون عنهم في الإمداد .




الخدمات العلمية