الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
(ثم يقوم) سواء كان من جلسة الاستراحة أو من غيرها، (فيضع اليد) معتمدا بها (على الأرض) خلافا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة حيث قال: يقوم معتمدا على صدور قدميه، ولا يعتمد بيديه على الأرض، قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي : لنا حديث nindex.php?page=showalam&ids=2مالك بن الحويرث، وفيه: nindex.php?page=hadith&LINKID=72916 "أنه رفع رأسه من السجدة الأخيرة في الركعة الأولى واستوى قاعدا، واعتمد بيديه على الأرض"، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رفعه: "كان إذا قام في صلاته وضع يديه على الأرض كما يضع العاجن".
قلت: أما حديث ابن الحويرث رواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بهذا، وعند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=650781 "فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس، واعتمد على الأرض ثم قام". nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي: nindex.php?page=hadith&LINKID=693693 "استوى قاعدا ثم قام".
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، فقال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح في كلامه على "الوسيط": هذا الحديث لا يعرف ولا يصح، ولا يجوز أن يحتج به .
وقال النووي في "شرح المهذب": هذا حديث ضعيف أو باطل لا أصل له، وقال في "التنقيح": ضعيف باطل، وقال في "شرح المهذب": نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي أنه قال في درسه: هو بالزاي وبالنون أصح، وهو الذي يقبض بيديه ويقوم معتمدا عليهما، قال: ولو صح الحديث لكان معناه قام معتمدا ببطن يديه، كما يعتمد العاجز، وهو الشيخ الكبير، وليس المراد عاجن العجين .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح أن nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي حكى في درسه: هل هو العاجن بالنون أو العاجز بالزاي؟ فأما إذا قلنا: إنه بالنون فهو عاجن الخبز يقبض أصابع كفه ويضمها ويتكئ عليها، ويرتفع ولا يضع راحتيه على الأرض، قال ابن الصلاح: وعمل بهذا كثير من العجم، وهو إثبات هيئة شرعية عهد لها بحديث لم يثبت، ولو ثبت لم يكن ذلك معناه، فإن العاجن في اللغة هو الرجل المسن، قال الشاعر:
فأصبحت كنتيا وأصبحت عاجنا وشر خصال المرء كنت وعاجن
قال: فإن كان وصف الكبر بذلك مأخوذا من عاجن العجين، فالتشبيه في شدة الاعتماد عند وضع اليدين لا في كيفية ضم أصابعها، قال nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : وإذا قلنا بالزاي، فهو الشيخ المسن الذي إذا قام اعتمد بيديه على [ ص: 74 ] الأرض من الكبر، قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح: ووقع في "المحكم" للمغربي الضرير المتأخر: "العاجن: هو المعتمد على الأرض، وجمع الكف، وهذا غير مقبول منه، فإنه لا يقبل ما ينفرد به؛ لأنه كان يغلط ويغلطونه كثيرا، وكأنه أضر به مع كبر حجم الكتاب ضرارته". اه كلامه .
قلت: وقد نقل هذا الكلام صاحب "المصباح"، فقال: من غلط يغلط في اللفظ، فيقول: العاجز بالزاي، ومن غالط في المعنى على تقدير النون، ولا يخفى أن كلام من سبقه كالأزهري وغيره من الأئمة، ومن بعده كالزمخشري وغيره، يوافق كلام صاحب "المحكم"، وهو ثقة، وتغليطه في بعض ألفاظ جزئيات لا يضر توثيقه، فما منا إلا وقد رد عليه، والكمال لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أوردت نقول الأئمة بدلائلها في "شرح القاموس" وأوضحته فراجعه، والله أعلم .
ثم رأيت الحافظ نقل عن "الأوسط" nindex.php?page=showalam&ids=14687للطبراني من طريق الأزرق بن قيس: رأيت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وهو يعجن في nindex.php?page=treesubj&link=25352الصلاة يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يعجن العجين .
(فصل) وفي سياق عبارات أصحابنا أن nindex.php?page=treesubj&link=25352لا يعتمد على الأرض بيديه عند النهوض إن لم يكن به عذر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وعن nindex.php?page=showalam&ids=8علي قال: من السنة إذا انتهضت من الركعتين أن لا تعتمد على الأرض بيديك، إلا أن لا تستطيع، وكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهضون في الصلاة على صدور أقدامهم، هذا هو المشهور في المذهب، إلا أنه نقل في "الدراية" عن شرح nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي: لا بأس بأن يعتمد على يديه على الأرض شيخا كان أو شابا، وهو قول عامة العلماء فتأمل .