بيان المعاني الباطنة التي تتم بها حياة الصلاة .
اعلم أن هذه المعاني تكثر العبارات عنها ولكن يجمعها ست جمل وهي حضور القلب والتفهم والتعظيم والهيبة والرجاء والحياء .
فلنذكر تفاصيلها ثم أسبابها ثم العلاج في اكتسابها .
أما التفاصيل فالأول حضور القلب ونعني به أن يفرغ القلب عن غير ما هو ملابس له ومتكلم به ، فيكون العلم بالفعل والقول مقرونا بهما ولا يكون الفكر جائلا في غيرهما ومهما انصرف في الفكر عن غير ما هو فيه وكان في قلبه ذكر لما هو فيه ، ولم يكن فيه غفلة عن كل شيء ، فقد حصل حضور القلب ولكن التفهم لمعنى الكلام أمر وراء حضور القلب فربما يكون القلب حاضرا مع اللفظ ولا يكون حاضرا مع معنى اللفظ فاشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ ، هو الذي أردناه بالتفهم .
وهذا مقام يتفاوت الناس فيه إذ ليس يشترك الناس في تفهم المعاني للقرآن والتسبيحات .
وكم من معان لطيفة يفهمها المصلي في أثناء الصلاة ولم يكن قد خطر بقلبه ذلك قبله ومن هذا الوجه كانت الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر فإنها تفهم أمورا ، تلك الأمور تمنع عن الفحشاء لا محالة .


