الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولذلك كان المتعبدون يتعبدون في بيت صغير مظلم سعته قدر السجود ليكون ذلك أجمع للهم .

والأقوياء منهم كانوا يحضرون المساجد ويغضون البصر ولا يجاوزون به موضع السجود ويرون كمال الصلاة في أن لا يعرفوا من على يمينهم وشمالهم .

وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يدع في موضع الصلاة مصحفا ولا سيفا إلا نزعه ولا كتابا إلا محاه .

التالي السابق


(ولذلك كان المتعبدون) من السادة الصوفية (يتعبدون في بيت صغير مظلم سعته قدر السجود) ، أي: قدر أن يقف المصلي وينحط إلى السجود بمد ضبعيه، (ليكون ذلك أجمع للهم) من التشتت، ومن ذلك الخلاوي التي تبنى للصوفية في الخانقاهات منها في خانقاه سعيد السعداء بالقاهرة، التي بناها السلطان المرحوم صلاح الدين يوسف بن أيوب قدس الله سره، ومنها في زاوية القطب سيدي محمد دمرداش المحمدي رحمه الله تعالى التي ظاهر القاهرة عند قبة يشبك المعروفة بالعزب، (والأقوياء منهم) أي: من المتعبدين (كانوا يحضرون المساجد) ، ويختلفون إليها، (ويغضون البصر) في مرورهم إليها، وحالة دخولهم في الصلاة فيها، (ولا يجاوزون به موضوع السجود) متابعة منهم لما روي، وأن لا يجاوز بصره إشارته كما تقدم، (ويرون كمال الصلاة في أن لا يعرفوا من على يمينهم وشمالهم) . وفي نسخة: على أيمانهم وشمائلهم، وهذا قد تقدم من حال سعيد بن المسيب، وقد أخذه عن ابن عباس، (وكان ابن عمر) -رضي الله عنه- (لا يدع في موضع الصلاة) ، أي: بين يديه (مصحفا) موضوعا على الأرض أو معلقا بعلاقة، (ولا سيفا) كذلك (إلا نزعه) ، أي: رفعه من موضعه، (ولا كتابا) في جدار (إلا محاه) ، وفي نسخة نحاه، أي: أزاله، وكل ذلك ليكون أجمع للخاطر وأدعى للفكر عن التفرق، ويدخل في هذا ما إذا وضع قنديلا بين يديه أو شمعا، أو كانون نار مع ما في الأخير من التشبه بعبادة المجوس، وقد قال أصحابنا بكراهته، والله أعلم .




الخدمات العلمية