الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
(ثم تستأنف له) تعالى (ذلا وتواضعا بركوعك) لمناسبة أن nindex.php?page=treesubj&link=25353_1535الركوع رجوع العبد عن نسبة القيومية له، (وتجتهد في ترقيق قلبك) وتصقيله عن كدر الأنانية، (وتجديد خشوعك) غير الذي كنت قائما به حالة القيام، (وتستشعر) في نفسك (ذلك) الذاتي، (وعز مولاك) الحقيقي، (و) تتصور (اتضاعك) بوصف العبودية (وعلو ربك) بالربوبية، (وتستعين على تقرير ذلك) ، وإثباته (في قلبك) مساعدا (بلسانك) الظاهر، (فتسبح ربك) الذي اعتقدته ربا، (وتشهد له بالعظمة) في سائر الأدوار، (وتقول: سبحان ربي العظيم وأنه أعظم من كل عظيم) ، بل كل عظيم عند عظمته يتلاشى ويضمحل، والاعتبار في ذلك أن المصلي لما كان في وقوفه بين يدي ربه في الصلاة له نسبة إلى القيومية ثم انتقل عنها إلى حالة الركوع الذي هو الخضوع، ولم تنبغ هذه الصفة أن تكون لله تعالى، فشرع النبي -صلى الله عليه وسلم- على ما فهم من كلام الله في قوله: nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=74فسبح باسم ربك العظيم ، فقال: اجعلوها في ركوعكم، فيقول: نزهوا عظمة ربكم عن الخضوع، فإن nindex.php?page=treesubj&link=29509_25353الخضوع إنما هو لله لا بالله، فإنه يستحيل أن تقوم به صفة الخضوع وأضافه لاسم الرب؛ لأنه يستدعي المربوب، ثم إن هذا الاسم لما تعلق التسبيح به لم يتعلق به مطلقا من حيث ما يستحقه لنفسه، وإنما تعلق به [ ص: 155 ] مضافا إلى نفس المسبح فقال: سبحان ربي العظيم، وحالة الركوع برزخ متوسط بين القيام والسجود بمنزلة الوجود المستفاد للممكن برزخ بين الواجب الوجود لنفسه، وبين الممكن لنفسه، فالممكن عدم لنفسه، فإن العدم لا يستفاد فإنه ما ثم من يفيده، والواجب الوجود وجوده لنفسه وظهرت حالة برزخية، وهي وجود العبد بمنزلة الركوع، فله نسبتان يعرفهما العارف فيخطر للعارف في حال الركوع الحال البرزخي الفاصل بين الأمرين، وهو المعنى المعقول الذي به يتميز العبد من الرب، وهو أيضا المعنى المعقول الذي به يتصف العبد بأوصاف الرب، والله أعلم. (وتكرر ذلك) القول (على قلبك) بفهم معانيه التي ذكرت من التسبيح والربوبية والعظمة، (لتوكده بالتكرار) لها ثلاثا وهو أدنى الكمال كما مر، أو خمسا حتى يدرك من وراءه ثلاثا، ومن زاد زاد الله عليه .