الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
(ثم ترتفع من ركوعك) بالاعتدال (راجيا أنه راحم ذلك) ، وفي نسخة: لك، أشار بذلك أن nindex.php?page=treesubj&link=25353_1535_32714الركوع حالة الخضوع والذل، والرفع منه حالة العز، فلما أمر بالرفع على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ثم ارفع حتى تستوي قائما، أراد أن يرحم ذله، وهذا نظر من أوجب الاعتدال فيه يقول: إذا اتفق أن يقام العبد في موطن يكون الأولى فيه ظهور عزة الإيمان وجبروته وعظمته بعز المؤمن، فيظهر فيه من الأنفة ما يناقض الخضوع، ففي ذلك الموطن لا يكون الخضوع واجبا، بل ربما الأولى إظهار صفة ما يقتضيه ذلك الموطن، ومن قال بسنيته لا ينظر إلى هذا، وإنما يقول nindex.php?page=treesubj&link=25353_29509الخضوع واجب على كل حال إلى الله تعالى باطنا وظاهرا خصوصا في الصلاة، ومن قال بالإيجاب نظره دقيق (ومؤكدا للرجاء في نفسك بقولك سمع الله لمن حمده، أي أجاب) الله (من شكره) ، كذا عن nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري، وقيل: معناه علم حمد الحامد، وقيل: قبل حمد من حمده، ومنه قولهم سمع القاضي البينة، أي: قبلها، والقبول أقرب إلى معنى الإجابة. (ثم تردف ذلك بالشكر المتقاضي للمزيد) ، أشار بذلك إلى قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7لئن شكرتم لأزيدنكم ، (فتقول: ربنا لك الحمد) . وفي نسخة: ولك الحمد، بزيادة الواو، وقد تقدم الكلام على ذلك .
اعلم أن العارف الجامع لأكمل الصلاة nindex.php?page=treesubj&link=1548_1547إذا رفع رأسه من الركوع يقول: سمع الله لمن حمده، ثم يسكت قليلا ثم يقول يرد على نفسه بلسانه: ربنا ولك الحمد، فإنه في قوله: سمع الله لمن حمده نائب عن ربه لنفسه، ورد في الحديث الصحيح: nindex.php?page=hadith&LINKID=667420 "إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد، فإن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده، فلهذا يستحب للمنفرد أن يسكت بينهما قليلا، والمراد من قوله: لمن حمده، أي: في حال ركوعه وما حمده به في حال قيامه في قوله: الحمد لله رب العالمين، وبحذف حرف النداء، وهو "يا" ليؤذن بالقرب، وإنما أبقى المنادى لبقاء نفسه في جواب ربه، فيقول: لك الحمد، أي: الثناء التام بما هو لك، ومنك ولك عواقب ثناء كل مثن في العالم، وكل مثنى عليه في العالم، وهو قوله: ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، يقول: كل جزء من العالم العلوي والسفلي وما بينهما، وما يعطيه إلا مكان كل جزء منه معلوم بحكم الوجود والتقدير له ثناء خاص عليك من حيث عينه، وإفراده وجمعه بغيره في قليل الجمع وكثيره: أحمدك بلسانه وبلسان كل حامد، فيكون لهذا الحامد بمثل هذه الألسنة جميع ما يستدعيه من التجليات الإلهية، ومن الأجور الحسية، وقوله: أحق ما قال العبد، أي: أوجب ما يقوله عبد مثلي لسيد مثلك، وكلنا لك عبد، يقول: أنوب عن إخواني من العبيد في حمدك عنهم لمعرفتي بك وجهلهم بما ينبغي لجلالك، لا مانع لما أعطيت من الاستعداد لقبول تجليات مخصوصة، وعلوم مخصوصة ولا معطي لما منعت، وإذا لم تعط استعدادا عاما، فما ثم سيد غيرك يعطي أحدا ما لم تعطه أنت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، أي: من كان له حظ في الدنيا من جاه ورياسة، ومال بغيرك في علمه لا في نفس الأمر لم ينفعه ذلك عندك في الآخرة عند كشف الغطاء .
"(تنبيه)
قد تقدم الاختلاف بين العلماء في الدعاء في الركوع بعد اتفاقهم على جواز الثناء على الله فيه، أو وجوبه في مذهب من يراه شرطا في صحة الصلاة، فمنهم من كره nindex.php?page=treesubj&link=1570الدعاء في الركوع، ومنهم من أجازه، فمن أجازه يقول لما كانت الصلاة معناها الدعاء صح أن يكون الدعاء جزءا من أجزائها، ويكون من باب تسمية الكل باسم الجزء .
وأما من كرهه يقول الحالة البرزخية لها [ ص: 156 ] وجهان؛ وجه إلى الحق، ووجه إلى الخلق، فمن كان مشهده من الركوع الوجه الذي يطلب الحق كره الدعاء فيه ولم يحرمه؛ لأن صفة القيومية قد يتصف بها الكون ومن رجح الوجه الذي يطلب الكون من الركوع، قال بجوازه فيه، وبه جاءت السنة، والله أعلم .