الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=33081ولا بأس أن يستعيذ في التشهد بالكلمات الخمس المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول نعوذ بك من عذاب جهنم وعذاب ، القبر ، ونعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين .
(ولا بأس أن يستعيذ في تشهده بالكلمات الخمس المأثورة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم) ، ولفظ القوت : ولا يدع أن يستعيذ في تشهده بالكلمات الخمس (فيقول نعوذ بك) هذا إذا كان إماما ، وأورده صاحب القوت بالإفراد ، ونصه : اللهم إني أعوذ بك (من عذاب جهنم ، و) أعوذ بك من (عذاب القبر ، ونعوذ بك) .
وفي القوت : وأعوذ بك (من فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ، وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا) ، ولفظ القوت : فاقبضني (إليك غير مفتونين) ، فقد فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأمر به ، وقال في موضع آخر من هذا الباب : واستحب أن يقول في تشهده : أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه ، وما لم أعلم ، وأسألك مما سألك منه نبيكمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأعوذ بك مما استعاذك منه نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأسألك مما سألك به عبادك الصالحون ، وإن قال : أسألك الجنة ، وما قرب إليها من قول وعمل ، nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا الآيتين nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201ربنا آتنا في الدنيا حسنة الآية ، ثم يستغفر للمؤمنين ، والمؤمنات الأحياء منهم ، والأموات ، وليس بعد هذا دعاء مفضل ، ولا كلام مأثور ، وإن اقتصر على الاستعاذة بالكلمات التي ذكرناها آنفا أجزأه ، وهذا كله من nindex.php?page=treesubj&link=33081_1539فضائل التشهد ، ومندوب إليه . أهـ .
قلت : هذا الحديث روي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، فحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=12070فالبخاري أخرجه في الصلاة ، وفي الاستقراض ، والباقون في الصلاة ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب الدعاء قبل السلام من طريق شعيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة عنهما رفعته : nindex.php?page=hadith&LINKID=650789كان يدعو في الصلاة اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا ، وفتنة الممات ، اللهم إني أعوذ بك من المأثم ، والمغرم ، وهكذا أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة [ ص: 207 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=689946كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو بهؤلاء الكلمات اللهم إني أعوذ بك من عذاب النار ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر المسيح الدجال .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=657932nindex.php?page=treesubj&link=33081إذا تشهد أحدكم ، فليستعذ بالله من أربع ؛ يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر المسيح الدجال ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15714حسان بن عطية ، عن محمد بن أبي عائشة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه : إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير ، فليتعوذ بالله من أربع ، فذكرها ، وفي رواية له من هذا الوجه من التشهد ، ولم يذكر الآخر .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=657936عوذوا بالله من عذاب الله ، عوذوا بالله من عذاب القبر ، عوذوا بالله من فتنة المسيح الدجال ، عوذوا بالله من فتنة المحيا والممات ، وله عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة طرق أخرى ، وقد عرف مما تقدم من سياق الأئمة لهذا الحديث أن الكلمات المذكورة أربعة ، ففي قول المصنف تبعا لصاحب القوت : بالكلمات الخمس نظر ؛ لأن الوارد في هذا الحديث ما ذكرناه ، نعم هذا الذي زاده صاحب القوت ، وتبعه المصنف ، وهو قوله : وإذا أردت بقوم فتنة . . . إلخ أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بلفظ : nindex.php?page=hadith&LINKID=665527وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ، وللحاكم نحوه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان ، وعبد الرحمن بن عابس ، وصححهما ، ولكن ليس فيه أنه مقيد بآخر الصلاة .
(تنبيه) :
لم يبين في رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المحل الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي فيه بهذه الاستعاذة ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عندهما كان يدعو بذلك في صلاته ، وفهم منه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه في آخر صلاته ؛ ولذا ترجم عليه بقوله : باب الدعاء قبل السلام ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وغيره من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الأمر بذلك بعد الفراغ من التشهد ، وفي رواية له التقييد بالأخير ، ففيه استحباب nindex.php?page=treesubj&link=33081_1539الإتيان بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير ، وهو مراد المصنف ، وقد صرح بذلك العلماء من المذاهب الأربعة ، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم الظاهري على ذلك ، فقال بوجوبه ، ومال إليه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=12816محيي الدين بن عربي في الفتوحات ، إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم لم يخصه بالتشهد الأخير ، فقال : ويلزمه فرضا أن يقول إذا فرغ من التشهد في كلتا الجلستين : اللهم إني أعوذ بك . . . إلخ . قال : وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أنه صلى ابنه بحضرته ، فقال : ذكرت هذه الكلمات ؟ قال : لا ، فأمره بإعادة الصلاة . أهـ .
قال العراقي : وهذا الأثر عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه بلاغا بغير إسناد ؛ قال nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : وهذا يدل على أنه حمل أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك على الوجوب ، وقال النووي : ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أنه حمل الأمر به على الوجوب فإعادة الصلاة لفواته ، وجمهور العلماء على أنه مستحب ليس بواجب ، ولعل nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا أراد تأديب ابنه ، وتأكيد هذا الدعاء عنده لا أنه يعتقد وجوبه . أهـ .
وكذا قال أبو العباس القرطبي : يحتمل أن يكون إنما أمره بالإعادة تغليظا عليه لئلا يتهاون بتلك الدعوات فيتركها ، فيحرم فائدتها وثوابها . أهـ .
وفي هذا الاحتمال نظر لا يخفى عند التأمل ، قال العراقي : وما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم من وجوب ذلك عقب التشهد الأول لم يوافقه عليه أحد ، ثم إنه ترده رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم التي فيها تقييد التشهد بالأخير ، فوجب حمل المطلق على المقيد ، لا سيما والحديث واحد مداره على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - ، وقد أورد nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم هذه العبارة على نفسه ، وقال : فهذا خبر واحد ، وزيادة nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم زيادة عدل ؛ فهي مقبولة ، فإنما يجب ذلك في التشهد الأخير فقط ، ثم أجاب عنه بقوله : لو لم يكن إلا حديث محمد بن أبي عائشة وحده لكان ما ذكرت ، لكنهما حديثان ، كما أوردنا أحدهما من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة ، والثاني من طريق محمد بن أبي عائشة ، وإنما زاد الوليد على nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع بن الجراح ، وبقي خبر nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة على عمومه فيما يقع عليه اسم تشهد . أهـ .
قال العراقي : وهو مردود ؛ لأن محمد بن أبي عائشة ، وأبا سلمة كلاهما يرويه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، فهو حديث واحد لا حديثان ، ثم إن nindex.php?page=treesubj&link=1554سنة الجلوس الأولى التخفيف فيه عند الأئمة الأربعة ، وغيرهم ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أن nindex.php?page=treesubj&link=1865_1554من زاد فيه على التشهد عليه سجدتا السهو ، ولم يستحضر ابن دقيق العيد في شرح العمدة هذه الرواية المقيدة بالأخير ، فقال : قوله إذا تشهد أحدكم عام في الأول ، والأخير ، وقد اشتهر بين الفقهاء التخفيف في الأول ، وعدم استحباب nindex.php?page=treesubj&link=1554الذكر بعده
[ ص: 208 ] حتى سامح بعضهم في الصلاة على الآل فيه ، والعموم الذي ذكرناه يقتضي الطلب لهذا الدعاء ، فمن خصه فلا بد له من دليل راجح ، وإن كان نصا فلا بد له من صحة . أهـ .