الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ويسلم الخطيب على الناس إذا أقبل عليهم بوجهه ، ويردون عليه السلام .

التالي السابق


(ويسلم الخطيب على الناس إذا أقبل عليهم بوجهه ، ويردون عليه السلام ) ، وبه قال أحمد ؛ لأنه قد نقل ذلك من فعله - صلى الله عليه وسلم - قال الشعبي : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه ، فقال : السلام عليكم ، ويحمد الله ، ويثني عليه ، ويقرأ سورة ، ثم يجلس ، ثم يقوم فيخطب ، وكان أبو بكر ، وعمر يفعلانه ، وقال أبو حنيفة ، ومالك : لا يستحب له السلام ؛ بل يكره ، وإنما كرها ذلك ؛ لأن الخطيب يسلم عليهم عند إقباله ، وقبل صعوده على المنبر ، فهذا يكفي عن سلام آخر ، وفي كيفية السلام طريقان ؛ أحدهما : سلام عليكم ورحمة الله وبركاته بالتنكير ، والثاني : السلام عليكم بالتعريف ، وعليه جمهور الخطباء ، وكل وارد في السنة ، وقال النووي في التحرير : وكلاهما جائز بالاتفاق ، لكن بالتعريف أفضل بالاتفاق أيضا ، فإذا فرغ من السلام جلس مطرقا حامدا لله - عز وجل - على ما أولاه من نعمه ، وكيف خصه بهذا المقام الشريف شاكرا لله على آلائه كيف جعله أهلا لدعاء عباده إليه ، وتذكيرهم ، وترغيبهم فيما لديه ، فيقول : الحمد لله رب العالمين ، حمدا يوافي نعمه ، ويكافئ مزيده ، سبحانه لا أحصي ثناء عليه ، هو كما أثنى على نفسه ، فله الحمد حتى يرضى ، يكرر ذلك ، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم يقول : استعنت بالله على ما أقصد ، وأريد ، وعلى ما أبدأ في مقالي هذا ، وأعيد ، فقد قيل : إن هذا مأثور عن أبي بكر الخطيب ، ثم يكثر من الاستغفار ؛ فإن له في هذا الموطن تأثيرا

[ ص: 229 ] عظيما ، وخاصية غريبة في ذهاب الغفلة ، وزيادة الحفظ ، وترقيق القلب ، ثم يتدارك جواب المؤذن ، فيقول مثل ما يقول ، إلا في الجملة الأولى ، فيقول لا حول ولا قوة إلا بالله ، وأما الثانية ، فيقول - عند الشافعية - كما يقول في الأولى ، وعندنا الأظهر أن يقول : ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ثم يقول : لا إله إلا الله بقلبه مخلصا ، وبلسانه ناطقا ، ففي الصحيح : من فعل ذلك وجبت له الجنة ، ثم يقول : اللهم رب هذه الدعوة التامة . . . إلخ .




الخدمات العلمية