الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ويستحب أن يختم القرآن في يوم الجمعة وليلتها ، إن قدر وليكن ختمه للقرآن في ركعتي الفجر إن قرأ بالليل ، أو في ركعتي المغرب ، أو بين الأذان والإقامة للجمعة ، فله فضل عظيم .

وكان العابدون يستحبون أن يقرءوا يوم الجمعة قل هو الله أحد ألف مرة .

ويقال : إن من قرأها في عشر ركعات ، أو عشرين ، فهو أفضل من ختمة وكانوا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة وكانوا يقولون سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ألف مرة .

التالي السابق


(ويستحب) للمريد (أن يختم القرآن في يوم الجمعة، وليلة الجمعة إن قدر) على ذلك، ولفظ القوت: واستحب له أن يقرأ ختمة يوم الجمعة، فإن ضاق عليه شفعها بليلتها ليكون ابتداؤه من ليلة الجمعة (وليكن ختمه للقرآن في ركعتي الفجر إن قرأ بالليل، أو في ركعتي المغرب، أو بين الأذان والإقامة للجمعة، فله فضل عظيم) ، ولفظ القوت: وإن جعل ختمه القرآن في ركعتي الفجر من يوم الجمعة، أو ركعتي المغرب ليلة السبت ليستوعب بذلك كله اليوم والليلة، فحسن، وإن جعل ختمه بين الأذانين أذان الجمعة، وأذان الإقامة للصلاة، ففيه فضل. اهـ .

وأخرج أبو نعيم من حديث سعد: من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، ومن ختمه آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح.

وأخرج الديلمي من حديث أنس: من قرأ القرآن في صلاة قائما كان له بكل حرف مائة حسنة، ومن قرأه قاعدا كان له بكل حرف خمسون حسنة (وكان العابدون) من السلف الماضين (يستحبون أن يقرؤوا يوم الجمعة) سورة (قل هو الله أحد ألف مرة) ، وقد ورد فيه حديث لكن من غير تقييد بيوم الجمعة بلفظ: من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة، فقد اشترى

[ ص: 294 ] نفسه من الله - عز وجل -
أخرجه الرافعي في تاريخ قزوين من طريق إبراهيم بن حمير الخيازجي الشيباني قال في فوائده: أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد البزاز، أخبرنا عبد الله بن سهل المقري، حدثنا محمد بن الوليد، حدثنا غندر، عن شعبة، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة مرفوعا. قال الرافعي: رواه أحمد بن علي الخيازجي، عن أحمد بن نصر الخيازجي سماعا، أو إجازة، عن حمير بن إبراهيم الخيازجي، عن أبيه إبراهيم بن حمير، فساقه .

وأخرج ابن عساكر، عن أبان، عن أنس، وإن قرأها ألف مرة لم يمت حتى يرى مكانه في الجنة، أو يرى له. (ويقال: إن من قرأها في عشر ركعات، أو عشرين ركعة، فهو أفضل من ختمة) . هكذا نقله صاحب القوت، فعلى الأول يقع في كل ركعة مائة مرة، وعلى الثاني خمسين مرة .

أما ثواب من قرأها مائة مرة، فأخرج ابن عدي، والبيهقي في الشعب من حديث أنس: من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة غفر له خطيئة خمسين عاما ما اجتنب خصالا أربعا: الدماء، والأموال، والفروج، والأشربة. تفرد به الخليل بن مرة، وهو من الضعفاء الذين يكتب حديثهم، وعند ابن عساكر من حديث أبان، عن أنس: كفر عنه ذنوب خمس وعشرين سنة ما خلا الدماء، والأموال.

وأخرج الطبراني في الكبير، والبغوي من حديث فيروز بن الديلمي: من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة في الصلاة، أو غيرها كتبت له براءة من النار.

وأما ثواب من قرأها خمسين مرة، فأخرج محمد بن نصر من طريق أم كثير الأنصارية، عن أنس: من قرأ قل هو الله أحد خمسين مرة غفر له ذنوب خمسين سنة (وكانوا يصلون على النبي -صلى الله عليه وسلم- ألف مرة) ، كذا في القوت .

وأخرج أبو الشيخ من حديث أنس: من صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة، والألف أوسط مرتبة الكمال، فمن زاد زاد الله عليه؛ إذ كل مرة منها بعشرة من الله تعالى، فليقلل، أو ليكثر، كما صرحت به الروايات .

وأخرج الشافعي من مرسل صفوان بن سليم رفعه: إذا كان يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة، فأكثروا من الصلاة علي. ومن مرسل عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر: أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة. (و) كانوا يقولون هذه الأربع كلمات: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ألف مرة) ، فقد ورد في كل من ذلك افرادا، وجمعا أخبار صحيحة. أخرج أحمد، والبيهقي في الشعب من حديث رجل من بني سليم: سبحان الله نصف الميزان، والحمد لله تملؤ الميزان، والله أكبر تملؤ ما بين السماء والأرض.

وأخرج ابن السني من حديث ابن عباس: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر في ذنب المسلم مثل الأكلة في جنب ابن آدم.

وأخرج السجزي في الإبانة، عن ابن عمر، وابن عساكر، عن أبي هريرة: سبحان الله نصف الميزان، والحمد لله ملء الميزان، والله أكبر ملء السموات والأرض، ولا إله إلا الله ليس دونها سر، ولا حجاب حتى تخلص إلى ربها -عز وجل-، وفي حديث أم هانئ: التسبيح مائة تعدل مائة رقبة من ولد إسماعيل، والتحميد مائة تعدل مائة فرس مسرجة ملجمة يحمل عليها في سبيل الله، والتكبير مائة تعدل مائة بدنة متقبلة، والتهليل مائة تملأ ما بين السماء والأرض، ومعناه عند أحمد، والطبراني، والحاكم.

وأخرج ابن شاهين في الترغيب، عن أبي هريرة: من قال: لا إله إلا الله كتب له عشرون حسنة، ومن قال: الحمد لله كتب له ثلاثون حسنة، ومن قال: الله أكبر كتب له عشرون حسنة.

وأخرج الديلمي، عن سلمان من قال بعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر: لا إله إلا الله، وسبحان الله غفر له ذنوبه.

وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق، عن ابن عباس: من قال إذا أصبح: سبحان الله وبحمده ألف مرة، فقد اشترى نفسه من الله تعالى.

قال صاحب القوت: وهذه ثلاثة أوراد حسنة في يوم الجمعة؛ أعني: قراءة الإخلاص، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والتسبيح، والتهليل، فلا يدع ذلك من وفقه الله، أو أحدها ألفا ألفا، فإنه في هذا اليوم من أفضل الأعمال .




الخدمات العلمية