الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
والزوال يعرف بزيادة ظل الأشخاص المنتصبة مائلة إلى جهة الشرق إذ يقع للشخص ظل عند الطلوع في جانب المغرب يستطيل ، فلا تزال الشمس ترتفع والظل ينقص وينحرف عن جهة المغرب إلى أن تبلغ الشمس منتهى ارتفاعها وهو قوس نصف النهار فيكون ذلك منتهى نقصان الظل .

فإذا زالت الشمس عن منتهى الارتفاع أخذ الظل في الزيادة فمن حيث صارت الزيادة مدركة بالحس دخل وقت الظهر .

ويعلم قطعا أن الزوال في علم الله سبحانه وقع قبله ولكن التكاليف لا ترتبط إلا بما يدخل تحت الحس .

والقدر الباقي من الظل الذي منه يأخذ في الزيادة يطول في الشتاء ويقصر في الصيف ، ومنتهى طوله بلوغ الشمس أول الجدي ومنتهى قصره بلوغها أول السرطان ويعرف ذلك بالأقدام والموازين .

التالي السابق


وإلى الزوال السادس المشترك أشار المصنف بقوله: ( والزوال يعرف بزيادة ظل الأشخاص المنتصبة) حالة كون ذلك الظل ( مائلا إلى جهة المشرق) ، وينبغي أن تعرف أن المقياس شخص مستو إما قائم على سطح الأفق وإما قائم على السطح القائم على سطح الأفق، فيكون موازيا لسطح الأفق، وهو إما أن يقسم باثني عشر، وتسمى أصابع، وإما أن يقسم بسبعة وتسمى أقداما، وإما أن يقسم بأقسام أخر فيستعمل ظله في وجوه من الأعمال؛ الظل الأول لكل قوس هو المأخوذ من المقاييس الموازية لسطح الأفق، وهو خط يخرج من أصل المقياس مواز لجيب القوس، وهو الظل المنكوس، والظل الثاني هو المأخوذ من المقاييس القائمة على سطح الأفق ويقال له: المستوي، والمبسوط، والظل الأول هو الموضوع في الجدول لحساب الأبواب، والظل الثاني هو الموضوع في الجدول لمعرفة الأقدام والأصابع عند انتصاف النهار، ويثبت في التقاويم والمقاس أي أجزاء فرض جاز غير أن الأسهل في حساب الأبواب أن تكون أجزاؤه ستين؛ ولذلك وضع الظل الأول، على أن المقياس ستون جزءا، والظل الثاني على أن المقياس اثنا عشر أصبعا أو سبع أقدام، وإذا كان أجزاء المقياس أجزاء بعينها؛ فإن [ ص: 341 ] الظل الأول لكل قوس هو الظل الثاني لتمام تلك القوس، وكل عدد فسواء ضرب في ظل قوس أو قسم على ظل تمام القوس؛ فإن المبلغ من الضرب والحاصل من القسمة شيء واحد، وقطر الظل هو الخط الواصل بين رأس المقياس ونهاية الظل .

( إذ يقع للشخص ظل عند الطلوع) أي طلوع الشمس ( إلى جانب المغرب مستطيلا، فلا تزال الشمس ترتفع والظل ينقص) على قدر ارتفاعها، ( وينحرف عن جهة المغرب إلى أن تبلغ الشمس منتهى ارتفاعها) في كبد السماء، ( وهو نصف قوس النهار فيكون ذلك منتهى نقصان الظل، فإذا زالت الشمس عن منتهى الارتفاع أخذ الظل في الزيادة) قليلا قليلا، ( فمن حيث تصير الزيادة مدركة بالحس يدخل وقت الظهر) ، ولكن مقادير الظل تختلف باختلاف الأقاليم وباختلاف البلدان والأقطار، ( ويعلم قطعا أن الزوال في علم الله تعالى وقع قبل ذلك) قال صاحب القوت: وروينا في الخبر: أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عليه السلام، فقال: هل زالت الشمس؟ فقال: لا، نعم، فقال كيف هذا؟ فقال: من قولي لك: لا نعم قطعت الفلك خمسين ألف فرسخ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن زوالها على علم الله سبحانه وتعالى. اهـ .

( ولكن التكاليف) الشرعية ( لا ترتبط إلا بما يدخل في الحس) والمعاينة، وما لا يدرك كذلك لا يتعلق به تكليف، ( والقدر الباقي من الظل الذي منه يأخذ في الزيادة يطول في الشتاء ويقصر في الصيف، ومنتهى طوله بلوغ الشمس أول) برج ( الجدي) الذي هو ثامن البروج في سادس عشر كانون الأول الرومي، وخامسض عشر كيهاك القبطي، ( ومنتهى قصره بلوغها أول) برج ( السرطان) الذي هو رابع البروج بعد انتصاف النهار من اليوم الثامن عشر من حزيران الرومي لساعتين وعشر ساعة، وسادس عشر بؤونة القبطي، ( ويعرف ذلك بالأقدام والموازين) ، فقد قال تعالى: ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا وقال تعالى: وجعلنا الليل والنهار آيتين الآية، وقال تعالى: و الشمس والقمر بحسبان ، وفي حديث أبي الدرداء وكعب الأحبار في صفة هذه الأمة: يراعون الظلال لإقامة الصلاة، وأحب عباد الله إلى الله عز وجل الذين يراعون الشمس والقمر والأظلة لذكر الله عز وجل.

وفي القوت: قال بعض العلماء بالحسبان والأثر من أهل الحديث: إن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، وإن الساعة ثلاثون شعيرة، ويأخذ كل واحد من صاحبه في كل يوم شعيرة حتى تستكمل الساعة في شهر، وبين أول الشهر وآخره ثلاثون درجة، الشمس كل يوم في درجة، قال: وتفسير ذلك أنه إذا مضى من أيلول سبعة عشر يوما استوى الليل والنهار، ثم يأخذ الليل من النهار من ذلك اليوم في كل يوم شعيرة حتى يستكمل ثلاثين يوما، فيزيد ساعة حتى يصير سبعة عشر يوما من كانون الأول، فينتهي طول الليل وقصر النهار، وكانت تلك الليلة أطول ليلة في السنة وهي خمس عشرة ساعة، وكان ذلك أقصر يوم في السنة وهو تسع ساعات، ثم يأخذ النهار من الليل كل يوم شعيرة، حتى إذا مضت سبع عشرة ليلة من آذار استوى الليل والنهار، وكان كل واحد منهما اثنى عشر ساعة ثم يأخذ النهار من الليل كل يوم شعيرة، حتى إذا مضى سبعة عشر يوما من حزيران كان نهاية طول النهار وقصر الليل، فيكون النهار يومئذ خمسة عشر ساعة والليل تسع ساعات، ثم ينقص من النهار كل يوم شعيرة، حتى إذا مضت سبع عشرة ليلة من أيلول استوى الليل والنهار، ثم يعود الحساب مع ذلك. ا هـ .

قلت: والساعات عند أهل هذا الفن على قسمين: مستوية وهي التي يختلف عددها بطول النهار وقصره، وتتساوى أجزاؤها، وهي خمسة عشر جزءا من أجزاء معدل النهار، وزمانية وهي التي يتساوى عددها مع طول النهار وقصره، وهي اثنتا عشرة ساعة أبدا، وتختلف أجزاؤها. ثم قال صاحب القوت: فمواقيت الصلاة من ذلك أن الشمس إذا وقفت فهو قبل الزوال، فإذا زالت بأقل القليل، فذلك أول وقت الظهر، فإذا زادت على سبعة أقدام بعد الزوال، فقد دخل أول وقت العصر، وهو آخر وقت الظهر، وقد روينا عن سفيان الثوري، قال: أكثر ما تزول عليه الشمس تسعة أقدام، وأقل ما تزول عليه قدم، وروينا عن أبي مالك سعد بن طارق [ ص: 342 ] الأشعري، عن الأسود بن يزيد، أن ابن مسعود قال: كانت قدر صلاة الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى ستة أقدام، قال: والذي جاء في الحديث أن الشمس إذا زالت بمقدار شراك فذاك وقت الظهر، إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، فذلك آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، فكذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول يوم، ثم صلى من الغد الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، فذلك آخر وقت الظهر، وأول وقت العصر، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، وقال: بين هذين وقت. فإذا أردت أن تقيس الظل حتى تعرف ذلك فانصب عودا أو قم قائما في موضع من الأرض مستو ثم اعرف موضع الظل ومنتهاه، فخط على موضع الظل خطا، ثم انظر أينقص الظل أم يزيد، فإن كان الظل ينقص فإن الشمس لم تزل بعد ما دام الظل ينقص، فإذا قام الظل فذلك نصف النهار، ولا يجوز في هذا الوقت الصلاة، فإذا زاد الظل فذلك زوال الشمس إلى طول ذلك الشيء الذي قست به طول الظل، وذلك آخر وقت الظهر، فإذا زاد الظل بعد ذلك قدما، فقد دخل وقت العصر حتى يزيد الظل طول ذلك الشيء مرة أخرى، فذلك وقت العصر الثاني، فإذا قمت قائما تريد أن تقيس الظل بطولك؛ فإن طولك سبعة أقدام بقدمك سوى قدمك الذي تقوم عليها، فإذا قام الظل فاستقبل الشمس بوجهك، ثم مر إنسانا يعلم طرف ظلك بعلامة ثم قس من عقبك إلى تلك العلامة، فإن كان بينهما أقل من سبعة أقدام سوى ما زالت عليه الشمس من الظل، فإنك في وقت الظهر، ولم يدخل وقت العصر، ثم إن الأقدام تختلف في الشتاء والصيف فيزيد الظل وينقص في الأيام، فمعرفة ذلك أن في استواء الليل والنهار لسبعة عشر يوما من آذار؛ فإن الشمس تزول يومئذ، وظل ذلك ظل كل شيء ثلاثة أسباعه، ثم ينقص الظل، وكلما مضت ستة وثلاثون يوما نقص الظل قدما حتى ينتهي طول النهار وقصر الليل في سبعة عشر من حزيران فتزول الشمس يومئذ، وظل الإنسان نصف قدم، وذلك أقل ما تزول عليه الشمس، ثم يزيد الظل فكلما مضت ستة وثلاثون يوما زاد الظل قدما، حتى يستوي الليل والنهار في سبعة عشر يوما من أيلول، فتزول الشمس يومئذ والظل على ثلاثة أقدام، ثم يزيد الظل، وكلما مضى أربعة عشر يوما زاد الظل قدما، حتى ينتهي طول الليل وقصر النهار، وذلك في سبعة عشر يوما من كانون الأول فتزول الشمس يومئذ على تسعة أقدام ونصف قدم، وذلك أكثر ما تزول الشمس يومئذ عليه، ثم كلما مضى أربعة عشر يوما زاد الظل قدما حتى ينتهي إلى سبعة عشر يوما من آذار، فذلك استواء الليل والنهار، وتزول الشمس على ثلاثة أقدام، وذلك دخول الصيف وزيادة الظل الذي ذكرناه في كل ستة وثلاثين يوما قدم في الصيف والقيظ، وزيادته في كل أربعة عشر يوما قدم في الربيع والشتاء، هكذا ذكره بعض المتأخرين من علماء النجوم، وقد ذكر غيره من القدماء قريبا من هذا، وذكر زوال الشمس بالأقدام في شهر شهر، وخالف هذا في حدين من نهاية الطول والقصر قدمين، فذكر أن أقل ما تزوله عليه الشمس في حزيران على قدمين، وأن أكثر ما تزول عليه الشمس في كانون ثمانية أقدام، فكان الأول هو أدق تحديدا وأقوم تحريرا، وذكر هذا أن الشمس تزول في أيلول على خمسة أقدام، وفي تشرين الأول على ستة، وفي تشرين الآخر على سبعة، وفي كانون على ثمانية، قال: وذلك منتهى قصر النهار وطول الليل، وهو أكثر ما تزول عليه الشمس، ثم ينقص الظل ويزيد النهار؛ فتزول الشمس في كانون الآخر على سبعة أقدام، وتزول في شباط على ستة أقدام، وفي آذار على خمسة، وذلك استواء الليل والنهار، وتزول في نيسان على أربعة أقدام، وتزول في آيار على ثلاثة أقدام، وتزول في حزيران على قدمين، فذلك منتهى طول النهار وقصر الليل، وهو أقل ما تزول عليه الشمس، فيكون النهار خمسة عشر ساعة والليل تسع ساعات، وتزول في تموز على ثلاثة أقدام، وفيه يستوي الليل والنهار. ا. هـ .



قلت: وذكر أبو حنيفة الدينوري في كتاب الزوال على حساب الخط الذي عليه الدينور شرقا وغربا من الأرض، وهو كل بلد يبلغ طول النهار فيه إلى أن يكون أربع عشرة ساعة وثلثا ساعة أن مقادير ظلال نصف النهار بها، وبجميع ما على سمتها إذا استوى الليل والنهار في اليوم [ ص: 343 ] السادس عشر من آذار .

آذار في ستة عشر منه أربع أقدام ونصف وثلث قدم، وفي ستة وعشرين منه أربع أقدام وعشر وثلث عشر قدم، نيسان في ستة منه ثلاثة أقدام وثلث وخمس قدم، وفي ستة عشر منه ثلاثة أقدام، وفي ستة وعشرين منه قدمان ونصف .

أيار في ستة منه قدمان وعشر وثلثا عشر، وفي ستة عشر منه قدم ونصف وربع وثلث عشر، وفي ستة وعشرين منه قدم ونصف ونصف عشر .

حزيران في ثمانية منه قدم وربع وسدس، وفي ثمانية عشر منه قدم وخمس وسدس، وفي ثمانية وعشرين منه قدم وربع وسدس .

تموز في تسعة منه قدم ونصف ونصف عشر، وفي تسعة عشر منه قدم ونصف وربع وثلث عشر، وفي تسعة وعشرين منه قدمان وعشر وثلثا عشر .

آب في تسعة منه قدمان ونصف وربع، وفي تسعة عشر منه ثلاثة أقدام، وفي تسعة وعشرين منه ثلاثة أقدام وثلث وخمس .

أيلول في تسعة من أيلول أربع أقدام وعشر وثلث عشر، وفي تسعة عشر منه أربع أقدام ونصف وثلث، وفي تسعة وعشرين منه خمس أقدام وثلث وربع .

تشرين أول في ثمانية منه ست أقدام وخمسا قدم، وفي ثمانية عشر منه سبع أقدام وسدس عشر، وفي ثمانية وعشرين منه ثمانية أقدام وخمس .

تشرين ثاني في سبعة منه تسع أقدام وعشر، وفي سبعة عشر منه تسع أقدام وتسعة أعشار وثلث عشر، وفي سبعة وعشرين منه عشر أقدام وستة أعشار وثلث عشر .

كانون أول في ستة منه إحدى عشرة قدما وعشر، وفي ستة عشر منه إحدى عشرة قدما وسدس وعشر، وفي ستة وعشرين منه إحدى عشرة قدما وعشر .

كانون ثاني في خمسة منه عشرة أقدام، وستة أعشار وثلث عشر، وفي خمسة عشر منه تسع أقدام وتسعة أعشار وثلث عشر، وفي خمسة وعشرين منه تسع أقدام وعشر، شباط في ثلاثة منه ثمانية أقدام وخمس قدم، وفي ثلاثة عشر منه سبع أقدام وربع وثلث عشر قدم، وفي ثلاثة وعشرين منه ست أقدام وخمسا قدم .

آذار في ستة منه خمس أقدام ونصف ونصف سدس، فعلى هذا مقادير الظلال بالدينور، ومما يزيد من الحقيقة قربا أن تجعل مقادير الظل في خمسة أيام الأول من العشرة مثل ظل أول العشرة، وأن تجعل مقادير ظل الخمسة الأخيرة من العشرة مثل ظل آخر العشرة، فتعمل بالأقرب ليكون من الحقيقة أقرب، فالزوال أول وقت الظهر، فمن أراد علم أول وقت العصر نظر كم ظل الزوال من اليوم الذي هو فيه، والبلد الذي هو فيه، ثم زاد عليه سبع أقدام، ثم رصد الفيء حتى يصير مثل ذلك، فذلك أول وقت العصر، وما أكثر من يغلط في هذا الموضع إذا سمع ما جاء به بعض الخبر مجملا بأن أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثليه ولم يسمع الخبر المفسر بأن أول وقت العصر إذا كان الظل مثل الشيء، ومثل ظل الزوال، وهو هذا الذي قد بينته من أن تزيد على ظل الزوال أبدا سبع أقدام، ولو أن إنسانا لم يصل العصر أبدا حتى يصير ظل الشيء مثليه لمكث في الشتاء أشهرا لا يصلي العصر، ولا سيما في البلدان الشمالية، ومن نظر إلى أقدار الظل في كل إقليم تبين له ذلك ووقف عليه، وكذلك إن لم يصل الظهر حتى يصير ظل كل شيء مثله مكث في الصيف أشهرا لا يصلي الظهر ولا سيما في البلدان الجنوبية، فافهم ذلك. ومن أراد أن يعرف ظل نصف النهار بالقياس فليتحر وقت نصف النهار، وليكن ذلك قبل انتصافه، ثم لينصب المقياس ولينظر كم الظل من قدم، ثم ليثبت قليلا ثم ليعد القياس، فإن وجد الظل قدره فإن الشمس لم تزل، وإن وجده قد زاد فقد فاته الزوال ومضى، فإن وجد الظل ينقص فليقس أبدا حتى يجده قد اختفى الزيادة، فإذا زاد فذلك حين زالت الشمس فلينظر على كم قدم زالت من أقدام المقياس، فذلك هو ظل الزوال في ذلك اليوم، وبه يعرف وقت العصر على ما بينته لك، واعلم أن لكل بلد خطا من السماء عليه تزول الشمس الدهر كله، فمن أراد أن يعلمه فلينظر إلى مطلع الشمس في أي يوم شاء، ويعلم لذلك الموضع علامة من الأرض ويحفظها، ثم يقدر ببصره النصف مما بين العلامتين، وليحتط بذلك أشد الاحتياط، فحيث وجده فليعلم له علامة من الأرض لتكون محفوظة عنده أبدا، ثم ليعلم أن الشمس تزول أبدا على الخط الذي يأخذه من تلك العلامة إلى محاذاة الرأس لا يخرم [ ص: 344 ] عنه إذا هو أخذ ذلك بتقدير صحيح، وليعلم أن نصف النهار هو أبدا من طلوع الشمس إلى مصيرها على هذا الخط إلى أن تغيب، ثم اعلم أن فصل أزمان هذا التقدير هو عند أقصر ما يكون النهار؛ وذلك لأن مطلع الشمس يقرب من مغربها فيكون إصابة النصف مما بينهما بالنظر والتقدير أسهل والخطأ فيه أقل. ا هـ .




الخدمات العلمية