الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وإلا فركعة فردة صحيحة في أي وقت كان وإنما لم يصح قبل العشاء لأنه خرق إجماع الخلق في الفعل ولأنه لم يتقدم ما يصير به وترا .

التالي السابق


( وإلا فركعة فردة صحيحة في أي وقت كان) هذا مذهب الشافعي؛ فإنه يرى جواز التطوع بركعة في غير الوتر قياسا على الوتر. وحكي منعه عن مالك وإحدى الروايتين عن أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه .

ودليل الشافعي قوله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة خير موضوع، من شاء استقل، ومن شاء استكثر" كما تقدم .

وفي المصنف لابن أبي شيبة: حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه أن عمر دخل المسجد فركع فيه ركعة، فقالوا له: فقال: إنما هو تطوع، فمن شاء زاد، ومن شاء نقص.

حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب مر في المسجد، فركع ركعة، فقيل له: إنما ركعت ركعة، فقال: إنما هو تطوع، وكرهت أن أتخذه طريقا.

حدثنا شريك، عن سماك قال: حدثني من رأى طلحة بن عبيد الله مر في المسجد فركع فسجد سجدة .

حدثنا وكيع، عن سيف بن ميسرة، عن أبي سعيد قال: رأيت الزبير بن العوام خرج من القصر فمر بالمسجد فركع ركعة أو سجد. اهـ .

وأخرج البيهقي حديث قابوس عن أبيه، وقابوس قال النسائي: ليس بالقوي، وضعفه ابن معين، وكان شديد الحمل عليه، وقال ابن حبان: رديء الحفظ ينفرد عن أبيه بما لا أصل له .

وقال أصحابنا: الوتر بواحدة هي البتيراء، وقد نهي عنه. أورد صاحب التمهيد عن أبي سعيد الخدري أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل ركعة واحدة يوتر بها، فلما لم يصحح الوتر عندنا بركعة واحدة لم تصح ركعة فردة في غيره قياسا عليه .

فإن قلت: ذكر صاحب التمهيد بعد أن أخرج الحديث المذكور أن في سنده عثمان بن محمد بن ربيعة، قال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم .

فالجواب: لم يتكلم عليه أحد بشيء فيما علمنا غير العقيلي، وكلامه ضعيف. وقد أخرج له الحاكم في المستدرك .

( وإنما لم تصح) تلك الركعة الفردة ( قبل العشاء لأنه خرق إجماع الخلق في الفعل) المذكور، ( ولأنه لم يتقدم له ما يصير به وترا) ، وفيه وجه أنها تصح إن قلنا في وقت الوتر بدخول وقت العشاء كما تقدم نقله عن الرافعي.




الخدمات العلمية