ونحن نورد من أوصاف المجتهدين وفضائلهم ما يحرك رغبة المريد في الاجتهاد اقتداء بهم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله أقواما يحسبهم الناس مرضى وما هم بمرضى قال الحسن أجهدتهم العبادة وقال الله تعالى : والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة قال الحسن يعملون ما عملوا من أعمال البر ويخافون أن لا ينجيهم ذلك من عذاب الله .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى لمن طال عمره وحسن عمله .
ويروى أن الله تعالى يقول لملائكته ما بال عبادي مجتهدين فيقولون إلهنا خوفتهم شيئا فخافوه وشوقتهم إلى شيء فاشتاقوا إليه فيقول الله تبارك وتعالى فكيف لو رآني عبادي لكانوا أشد اجتهادا .
وقال الحسن أدركت أقواما وصحبت طوائف منهم ولهي كانت أهون في أعينهم من هذا التراب الذي تطئونه بأرجلكم أن كان أحدهم ليعيش عمره كله ما طوي له ثوب ولا أمر أهله بصنعة طعام قط ولا جعل بينه وبين الأرض شيئا قط وأدركتهم عاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم إذا جنهم الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم تجري دموعهم على خدودهم يناجون ربهم في فكاك رقابهم إذا عملوا الحسنة فرحوا بها ودأبوا في شكرها وسألوا الله أن يتقبلها وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله تعالى أن يغفرها لهم والله ما زالوا كذلك وعلى ذلك ووالله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا إلا بالمغفرة ويحكى أن قوما دخلوا على ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبل ولا يتأسفون على شيء منها أدبر يعودونه في مرضه وإذا فيهم شاب ناحل الجسم فقال عمر بن عبد العزيز له يا فتى ما الذي بلغ بك ما أرى فقال يا أمير المؤمنين أسقام وأمراض فقال سألتك بالله إلا صدقتني فقال يا أمير المؤمنين ذقت حلاوة الدنيا فوجدتها مرة وصغر عندي زهرتها وحلاوتها واستوى عندي ذهبها وحجرها وكأني أنظر إلى عرش ربي والناس يساقون إلى الجنة والنار فأظمأت لذلك نهارى وأسهرت ليلي وقليل حقير كل ما إنا فيه في جنب ثواب الله وعقابه وقال أبو نعيم كان داود الطائي يشرب الفتيت ولا يأكل الخبز فقيل له في ذلك فقال بين مضغ الخبز وشرب الفتيت قراءة خمسين آية . عمر
ودخل رجل عليه يوما فقال إن في سقف بيتك جذعا مكسورا فقال يا ابن أخي إن لي في البيت منذ عشرين سنة ما نظرت إلى السقف .