وعن أنه لما دخل ابن عمر البيت وصلى وأثنى عج أهل البيت عجيجا سمعه أهل المصلى كلما ذكر شيئا ازدادوا فما سكن عجيجهم إلا تسليم رجل على الباب صيت جلد قال : السلام عليكم يا أهل البيت ، أبو بكر كل نفس ذائقة الموت الآية ، إن في الله خلفا من كل أحد ، ودركا لكل رغبة ونجاة ، من كل مخافة ، فالله تعالى فارجوا ، وبه فثقوا .
فاستمعوا له وأنكروه ، وقطعوا البكاء فلما انقطع البكاء فقد صوته ، فاطلع أحدهم فلم ير أحدا ، ثم عادوا فبكوا فناداهم مناد آخر لا يعرفون صوته : يا أهل البيت اذكروا الله تعالى واحمدوه على كل حال تكونوا من المخلصين ، إن في الله عزاء من كل مصيبة ، وعوضا من كل رغيبة ، فالله فأطيعوا وبأمره فاعملوا .
فقال هذا أبو بكر الخضر واليسع عليهما السلام حضرا النبي صلى الله عليه وسلم واستوفى القعقاع بن عمرو حكاية خطبة رضي الله عنه فقال : قام أبي بكر ، في الناس . أبو بكر
خطيبا حيث قضى الناس عبراتهم ، بخطبة جلها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه على كل حال ، وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وغلب الأحزاب وحده ، فلله الحمد وحده ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخاتم أنبيائه ، وأشهد أن الكتاب كما شرع ، وأن الدين كما شرع ، وأن الحديث كما حدث ، وأن القول كما قال ، وأن الله هو الحق المبين ، اللهم فصل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وحبيبك وأمينك وخيرتك وصفوتك بأفضل ما صليت به على أحد من خلقك ، اللهم واجعل صلواتك ومعافاتك ورحمتك على سيد المرسلين وخاتم النبيين وإمام المتقين محمد قائد الخير وإمام الخير ورسول الرحمة ، اللهم قرب زلفته وعظم برهانه وكرم مقامه وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون ، وانفعنا بمقامه المحمود يوم القيامة ، واخلفه فينا في الدنيا والآخرة ، وبلغه الدرجة والوسيلة في الجنة ، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم إنك حميد مجيد . أيها الناس ، إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات . ومن كان يعبد الله فإن الله حي لم يمت ، وإن الله قد قدم إليكم في أمره فلا تدعوه جزعا ، فإن الله عز وجل قد اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم ما عنده على ما عندكم ، وقبضه إلى ثوابه وخلف فيكم كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فمن أخذ بهما عرف ، ومن فرق بينهما أنكر ، يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط ، ولا يشغلنكم الشيطان بموت نبيكم ، ولا يفتننكم عن دينكم ، وعالجوا الشيطان بالخير تعجزوه ، ولا تستنظروه فيلحق بكم ويفتنكم .
وقال لما فرغ ابن عباس من خطبته قال : يا أبو بكر أنت الذي بلغني أنك تقول : ما مات نبي الله صلى الله عليه وسلم ! أما ترى أن نبي الله صلى الله عليه وسلم : قال يوم كذا كذا وكذا ويوم كذا كذا وكذا ، وقال تعالى في كتابه : عمر ، إنك ميت وإنهم ميتون فقال والله لكأني لم أسمع بها في كتاب الله قبل الآن ; لما نزل بنا أشهد أن الكتاب كما أنزل ، وأن الحديث كما حدث ، وأن الله حي لا يموت ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، وصلوات الله على رسوله ، وعند الله نحتسب رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم جلس إلى . أبي بكر
وقالت رضي الله عنها : عائشة فانتبهوا ففعلوا ذلك فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه حتى إذا فرغوا من غسله كفن . غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثيابه ،
لما اجتمعوا لغسله قالوا والله ما ندري كيف نغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أنجرده عن ثيابه كما نصنع بموتانا أو نغسله في ثيابه ؟ قالت : فأرسل الله عليهم النوم حتى ما بقي منهم رجل إلا واضع لحيته على صدره نائما ، ثم قال قائل لا يدرى من هو : وقال كرم الله وجهه أردنا خلع قميصه فنودينا لا تخلعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثيابه . علي
فأقررناه فغسلناه في قميصه كما نغسل موتانا مستلقيا ما نشاء أن يقلب لنا منه عضو لم يبالغ فيه إلا قلب لنا حتى نفرغ منه ، وإن معنا لحفيفا في البيت كالريح الرخاء ويصوت بنا : ارفقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنكم ستكفون فهكذا كانت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يترك سبدا ولا لبدا إلا دفن معه .
قال أبو جعفر : فرش لحده بمفرشه وقطيفته ، وفرشت ثيابه عليها ، التي كان يلبس يقظان ، على القطيفة والمفرش ، ثم وضع عليها في أكفانه .