وقيل: للكتاني لما حضرته الوفاة : ما كان عملك ؟ فقال : لو لم يقرب أجلي ما أخبرتكم به ، وقفت على باب قلبي أربعين سنة فكلما مر فيه غير الله حجبته عنه .
وحكي ، عن المعتمر قال : كنت فيمن حضر الحكم بن عبد الملك حين جاءه الحق فقلت : اللهم هون عليه سكرات الموت فإنه كان وكان فذكرت محاسنه فأفاق فقال : من المتكلم ؟ فقلت : أنا ، فقال : إن ملك الموت عليه السلام يقول لي : إني بكل سخي رفيق ثم طفئ .
ولما حضرت يوسف بن أسباط الوفاة شهده حذيفة فوجده قلقا فقال : يا أبا محمد هذا أوان القلق والجزع ، فقال : يا أبا عبد الله وكيف لا أقلق ولا أجزع وإني لا أعلم أني صدقت الله في شيء من عملي ، فقال واعجبا لهذا الرجل الصالح يحلف عند موته أنه لا يعلم أنه صدق الله في شيء من عمله . حذيفة:
وعن المغازلي قال : دخلت على شيخ لي من أصحاب هذه الصفة وهو عليل وهو يقول يمكنك أن تعمل ما تريد فارفق بي ودخل بعض المشايخ على ممشاد الدينوري في وقت وفاته ، فقال له : فعل الله تعالى وصنع من باب الدعاء ، فضحك ثم قال : منذ ثلاثين سنة تعرض علي الجنة بما فيها فما أعرتها طرفي .
. وقيل : لرويم عند الموت قل : لا إله إلا الله ، فقال : لا أحسن غيره
ولما حضر الثوري الوفاة قيل له : قل : لا إله إلا الله ، فقال : أليس ثم أمر ودخل المزني على رحمة الله عليهما في مرضه الذي توفي فيه فقال له : كيف أصبحت يا الشافعي أبا عبد الله ؟ فقال : أصبحت من الدنيا راحلا وللإخوان مفارقا ولسوء عملي ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى الله تعالى واردا ، ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها أم إلى النار فأعزيها ؟ ثم أنشأ يقول .
:
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي نحو عفوك سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته
بعفوك ربي كان عفوك أعظما فما زلت ذا عفو عن الذنب
لم تزل تجود وتعفو منة وتكرما ولولاك لم يغوى بإبليس عابد
فكيف وقد أغوى صفيك آدما
فهذه أقاويلهم وإنما اختلفت بحسب اختلاف أحوالهم فغلب على بعضهم الخوف وعلى بعضهم الرجاء وعلى بعضهم الشوق والحب فتكلم كل واحد منهم على مقتضى حاله والكل صحيح بالإضافة إلى أحوالهم .