وكان أن يلبس ما تيسر من اللباس، من قطن، أو صوف، أو غيرهما. هديه في اللباس:
فالذي رغب عما أباحه الله من لباس القطن والكتان وغيرهما تزهدا وتعبدا، هم نظير الذين يمتنعون أيضا عن لباس الصوف ونحوه، ولا يلبسون إلا أعلى الثياب ترفها وتكبرا، كلاهما مذموم. [ ص: 141 ]
ولهذا قال بعض السلف: كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب: العالي والمنخفض.
وقد روى أبو داود والنسائي عن وابن ماجه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ابن عمر من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوبا مثله».
وفي رواية: « ثوب مذلة ثم تلتهب فيه النار».
وهذا لأنه قصد به الاختيال والفخر، فعاقبه الله بنقيض ذلك فأذله. كما يعاقب الذي يطيل ثوبه خيلاء بأن خسف به الأرض ونحو ذلك، كما فعل بقارون.
وفي « الصحيحين» عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « بينما رجل يجر إزاره خيلاء خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة».
وفي « الصحيحين» عن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ ص: 142 ] عبد الله بن عمر
« من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة».
وقد روى أبو داود والنسائي عن وابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ابن عمر الإسبال في القميص والإزار والعمامة، من جر منها شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة».
وروى عن أبو داود قال: ابن عمر ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص».
وكذلك ولبسه تواضعا محمود، كما أن لبس الرفيع تكبرا مذموم، ولبسه إظهارا لنعمة الله وتجملا محمود. ففي « صحيح مسلم» عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لبس الدنيء من الثياب مكروه، [ ص: 143 ] لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان». فقال رجل: يا رسول الله! إني أحب أن يكون ثوبي حسنا، ونعلي حسنا، أفمن الكبر ذلك؟ فقال: « لا، إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس».
وقد ذكرنا الحديث الصحيح الذي في وغيره: البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس في السفر جبة من صوف.
وعن قال: قال أبي: يا بني! لو رأيتنا ونحن مع نبينا وقد أصابتنا السماء، حسبت أن ريحنا ريح الضأن. رواه أبي بردة بن أبي موسى الأشعري أبو داود وابن ماجه وقال: « صحيح». والترمذي