الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

* وأما ما شجر بين الصحابة، فقد ثبت بالنصوص الصحيحة أن عثمان وعليا وطلحة والزبير وعائشة من أهل الجنة، بل ثبت في « الصحيح» أنه « لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة».

وأبو موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، هم من الصحابة ولهم فضائل ومحاسن.

وما يحكى عنهم فكثير منه كذب، والصدق منه إن كانوا فيه مجتهدين، فالمجتهد إذا أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر، وخطؤه مغفور له. [ ص: 27 ]

وإن قدر أن لهم ذنوبا فالذنوب لا توجب دخول النار مطلقا إلا إذا انتفت الأسباب المانعة من ذلك، وهي عشرة: منها التوبة، ومنها الاستغفار، ومنها الحسنات الماحية، ومنها المصائب المكفرة، ومنها شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ومنها شفاعة غيره، ومنها دعاء المؤمنين، ومنها ما يهدى للميت من الثواب، كالصدقة والعتق عنهم، ومنها فتنة القبر، ومنها أهوال القيامة.

وقد ثبت في « الصحيح» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « خير القرون القرن الذي بعثت فيه، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». وحينئذ فمن جزم في أحد من هؤلاء أن له ذنوبا يدخل بها النار قطعا فهو كاذب مفتر، فإنه لو قال ما لا علم له به لكان مبطلا، فكيف إذا قال ما دلت الدلائل الكثيرة على نقيضه؟ فمن تكلم فيما شجر بينهم بما نهى الله عنه من ذمهم أو التعصب لبعضهم بالباطل فهو ظالم معتد. [ ص: 28 ]

قد ثبت في « الصحيح» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « يمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق». وثبت في « الصحيح» عنه أنه قال عن الحسن: « إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين [من المسلمين]». وفي « الصحيحين» عن عمار أنه قال: « تقتله الفئة الباغية».

وقد قال الله في القرآن: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين [الحجرات: 9].

فثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف ما يدل على أنهم مؤمنون مسلمون، وأن علي بن أبي طالب والذين معه كانوا أولى بالحق من الطائفة المقابلة، والله أعلم. [ ص: 29 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية