وإذا أراد المسلم أن يتدبر ذلك، فلينظر كيف شهرة والسلطان عمر بن عبد العزيز، نور الدين الشهيد، وغير هؤلاء من ولاة الأمور، أهل الصدق والعدل، والهدى والرشاد.
ولينظر كيف شهرة قوم آخرين، أقدمهم وأمثاله من أهل الظلم والعدوان، الذين لهم سمعة سوء في محياهم ومماتهم; ما بين ذاكر لمساويهم، وما بين داع عليهم، وما بين مبغض لهم. وأولئك لهم الدعاء والثناء، وهم في الآخرة في الحجاج بن يوسف الثقفي، في مقعد صدق عند مليك مقتدر [القمر: 55]. [ ص: 229 ]
وقد روى في « مسنده» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « الإمام أحمد أحب الخلق إلى الله إمام عادل، وأبغض الخلق إلى الله إمام ظالم».
وقد روي: « يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين أو سبعين سنة».
وفي « الصحيحين» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه».
وكان يقول عن ذي السلطان: هو كالسوق فما نفق فيه جلب إليه. فإذا نفق عنده الصدق والبر والعدل وطاعة الله [ ص: 230 ] ورسوله جلب إليه ذلك. وإن نفق فيه ضد ذلك، جلب إليه ضد ذلك. عمر بن عبد العزيز
والله -سبحانه- قد جعل قيام أمر الملة والدولة بالمصحف والسيف، فقال في كتابه: لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز [الحديد: 25]. فجعل سبحانه المقصود بإرسال الرسل وإنزال الكتب هو أن يقوم الناس بالقسط، وجعل قيام ذلك بكتاب يهدي وسيف ينصر، وكفى بربك هاديا ونصيرا.
ولهذا روي عن قال: جابر بن عبد الله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نضرب بهذا -يعني السيف- من خرج عن هذا -يعني المصحف-. [ ص: 231 ]
وكان ويضع السيف، ثم يقول: هذا كتاب الله وهذه سنة رسوله، وهذا سيف الله. فمن خرج عن كتاب الله وسنة رسول الله ضربناه بسيف الله. أبي داود»، بعض الملوك العادلين يضع المصحف، ويضع « سنن