الباب الثاني في بعض فضائل أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وفيه أنواع :
الأول : في الحث على التمسك بهم ، وبكتاب الله عز وجل
روى الترمذي وحسنه عن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول : "إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي" .
وروى الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن زيد بن أرقم -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وأهل بيتي" .
الثاني : في وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه -رضي الله تعالى عنهم- بأهل البيت -رضي الله تعالى عنهم-
روى الترمذي وحسنه والعسكري في الأمثال عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ألا إن عيبتي التي آوي إليها أهل بيتي ، وإن كرشي الأنصار ، فاعفوا عن مسيئهم ، واقبلوا من محسنهم" .
ورواه الديلمي في مسنده بلفظ : "ألا إن عيبتي أهل بيتي ، والأنصار أثق بهم ، وأطلعهم على أسراري ، وأعتمد عليهم" .
وقال الحافظ أبو خيثمة زهير بن حرب : معنى كرشي باطني ، وعيبتي ظاهري وجمالي ، وهذا غاية من التعطف عليهم ، والوصية بهم ، وأما قوله : "وتجاوزوا عن مسيئهم" هو من نمط قوله صلى الله عليه وسلم : "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود" إذ أهل البيت النبوي والأنصار من ذوي الهيئات .
الثالث : في أنهم أمان لأمة محمد صلى الله عليه وسلم
روى ابن أبي شيبة ومسدد وأبو يعلى والحكيم والترمذي والطبراني وابن عساكر ، عن سلمة بن الأكوع -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأمتي" .
وروى الحاكم عن جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت أتاها ما توعدون ، وأنا أمان لأصحابي ، فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون ، وأهل بيتي أمان لأمتي ، فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون" .
[ ص: 7 ] وروى الحاكم -ضعيف- عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس" .
وروى الإمام أحمد في المناقب عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "النجوم أمان لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم ، ذهب أهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض" .
الرابع : في أنهم لا يقاس بهم أحد
روى الديلمي وعمر الملا عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد" .
الخامس : في الحث على حفظهم
روى البخاري عن أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- أنه قال : ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته .
وروى الديلمي عن علي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أربعة أنا شفيع لهم يوم القيامة : المكرم لذريتي ، والقاضي لهم حوائجهم ، والساعي لهم في أمورهم عند ما اضطروا إليه ، والمحب لهم بقلبه ولسانه" .
السادس : في بشارتهم بالجنة ورفع منزلتهم
بالوقوف عند ما أوجبه الشارع وسنه ، تقدمت في الباب الأول عدة أحاديث في التنصيص على شفاعته صلى الله عليه وسلم وغضبه حيث قيل : إنهم لا ينتفعون بقرابته .
وروى الجصاص عن زيد بن علي -رحمه الله تعالى- في قوله تعالى : ولسوف يعطيك ربك فترضى [الضحى : 5] قال : إن من رضى رسول الله أن يدخل أهل بيته الجنة .
وروى الثعلبي عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حسد الناس فقال لي : "أما ترضى أن تكون رابع أربعة ؟ أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين ، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا ، وذريتنا خلف أزواجنا" .
وروى الطبراني بسند رواه عن أبي رافع -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي -رضي الله تعالى عنه- : "إنا أول أربعة يدخلون الجنة ، أنا وأنت والحسن والحسين ، وذريتنا خلف أظهرنا ، وأزواجنا خلف ذريتنا ، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا" .
وروى ابن السري والديلمي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "نحن بنو عبد المطلب [ ص: 8 ] سادات أهل الجنة ، أنا وحمزة ، وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي في الفردوس" .
وعن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سألت ربي- تبارك وتعالى- أن لا يدخل النار أحدا من أهل بيتي" .
السابع : في حثه والتحذير من بغضهم وأذاهم
وروى الطبراني في الأوسط ، والديلمي ، وسنده واه ، عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أول من يرد علي الحوض أهل بيتي ، ومن أحبني من أمتي" .
وروى الترمذي وحسنه والطبراني والحاكم وقال صحيح الإسناد ، والبيهقي في "الشعب" وابن سعد وابن الجوزي -فذكر هذا الحديث في العلل- عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه ، وأحبوني بحب الله -تعالى- وأحبوا أهل بيتي بحبي" .
وروى أبو نعيم عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من آذاني في أهلي فقد آذى الله عز وجل" .
وروى الإمام أحمد في المناقب عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أبغض أهل البيت فهو منافق" .
وروى الطبراني وأبو الشيخ بن حيان في "الثواب" والبيهقي في "الشعب" والديلمي عن ابن أبي ليلى -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحد حتى أكون أحب إليه من نفسه ، وتكون عترتي أحب إليه من عترته ، وأهلي أحب إليه من أهله ، وإني أحب إليه من ذاك" .
وروي عن جابر -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يبغضنا إلا منافق -وفي لفظ- : لا يبغضنا أهل البيت إلا شقي" .
وروى الحاكم وابن حبان وصححاه عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده ، لا يبغض أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار" .
ورواه الطبراني في الأوسط عن الحسن بن علي -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال لمعاوية بن خديج -رحمه الله تعالى- : يا معاوية ، إياك وبغضنا ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يبغضنا ، ولا يحسدنا أحد إلا زيد عن الحوض يوم القيامة بسياط من نار" .
وروى أبو بكر البرقاني ، عن الحسين بن علي -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من سب أهل البيت فإنما يسب الله ورسوله" .
[ ص: 9 ] وروى أيضا عنه قال : من والانا فلرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن عادانا فلرسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى أيضا عن عبد الله بن حسن بن حسين قال : كفى بالمحب لنا أن أنسبه إلى من يحبنا ، وكفى بالمبغض لنا أن أنسبه إلى من يبغضنا .
وروى أيضا عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من آذاني وعترتي فعليه لعنة الله" .
وروى الديلمي عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من آذاني في عترتي فقد آذى الله عز وجل" .
وروى أيضا بلا إسناد عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي ، أو قاتلهم أو أعان عليهم أو سبهم" .
وروى الطبراني في "الدعاء" عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "خمسة أو ستة لعنتهم وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله ، والمستحل من عترتي ما حرم الله ، والتارك للسنة" .
وروى عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال : من مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه : آيس من رحمة الله .
وروى أبو الشيخ عن علي -رضي الله تعالى عنه- عن درة بنت أبي لهب -رضي الله تعالى عنها- قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا حتى استوى على المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ثم قال : "ما بال الرجال يؤذونني في أهلي ؟ ! والذي نفسي بيده ، لا يؤمن عبد حتى يحبني ، ولا يحبني حتى يحب ذوي" .
وروى الطبراني وأبو الشيخ عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن لله -عز وجل- ثلاث حرمات ، من حفظهن حفظ الله دينه ودنياه ، ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله دينه ولا آخرته" قلت : ما هن ؟ قال : "حرمة الإسلام ، وحرمتي ، وحرمة رحمي" .


