الباب الثاني في خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها بعض فضائل أم المؤمنين
وفيه أنواع :
الأول : في نسبها
تقدم نسب أبيها في الباب الأول ، وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن حجر بن معيص بن عامر بن لؤي ، وأمها هالة بنت عبد مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي ، وأمها العوقة ، واسمها قلابة بنت سعيد بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي .
الثاني : فيمن تزوجها قبل النبي صلى الله عليه وسلم
قال -رحمه الله تعالى- : كانت الزبير بن بكار -رضي الله تعالى عنها- قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند خديجة عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومي ، فولدت له جارية اسمها هند ، ثم خلف عليها أبو هالة مالك بن نباش بن زرارة بن واقد بن حبيب بن سلامة بن عدي بن أسد بن عمرو بن تميم ، حليف بني عبد الدار بن قصي ، فولدت له هند وهالة ، فهما أخوا ولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رواه والأكثر ، تقدم الطبراني أبي هالة على عتيق .
الثالث : في كيفية زواجه -صلى الله عليه وسلم- إياها :
روى الإمام برجال الصحيح عن أحمد ابن عباس ، والبزار برجال ثقات أكثرهم رجال الصحيح عن والطبراني أو رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جابر بن سمرة والبزار بسند ضعيف (عن والطبراني عمار بن ياسر ، والبزار بسند ضعيف) عن والطبراني -رضي الله تعالى عنهم- قال عمران بن حصين أو الرجل المبهم : جابر فلما قضوا السفر بقي لهما عليها شيء ، فجعل شريكه يأتيها ، فيتقاضيا ، ويقول خديجة ، لمحمد : انطلق ، فيقول : اذهب أنت ، فإني أستحي . فقالت مرة وأتاهم شريكه ، فقالت : أين محمد ؟ قال : قد قلت فزعم أنه يستحي ، فقالت : ما رأيت رجلا أشد حياء ، ولا أعف ولا ولا ، فوقع في نفس أختها فبعثت إليه ، فقالت : ائت أبي فاخطبني ، قال : إن أباك رجل كثير المال ، وهو لا يفعل . خديجة ، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرعى غنما فاستعلى الغنم ، فكان يرعى الإبل هو وشريك له ، فأكريا أخت
وفي حديث قال : عمار [ ص: 156 ] وهي جالسة على أدم لها فنادتني ، فانصرفت إليها ، ووقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت : أما لصاحبك في تزوج خديجة حاجة ؟ فأخبرته ، فقال : بلى ، لعمري ، فرجعت إليها فأخبرتها . خديجة خرجت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم حتى مررنا على أخت
وفي حديث والرجل المبهم ، فقالت : انطلق إلى أبي فكلمه وأنا أكفيك ، وائت عندنا بكرة ، ففعل . جابر
وفي حديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر ابن عباس وكان أبوها يرغب أن يزوجه إياها ، فصنعت طعاما وشرابا . خديجة ،
وفي حديث فذبحت بقرة . قال عمار : فدعت أباها ونفرا من ابن عباس : قريش فطعموا وشربوا حتى علوا ، فقالت إن خديجة : محمد بن عبد الله يخطبني ، فزوجني إياه ، وفي حديث والرجل المبهم : فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكلمه . جابر
قال فخلفته وألبسته حلة ، زاد ابن عباس : وضربت عليه قبة ، وقال عمار : وكذلك كانوا يفعلون بالآباء ، فلما سري عنه سكره نظر فإذا هو مخلق وعليه قبة ، فقال : ما شأني ؟ ما هذا ؟ قالت : زوجتني ابن عباس : محمد بن عبد الله ، وقال : أو الرجل المبهم : فلما أصبح جلس في المجلس ، فقيل له : أحسنت ، زوجت جابر محمدا ، فقال : أوقد فعلت ، قالوا : نعم ، فقام ، فدخل عليها ، فقال : إن الناس يقولون : إني قد زوجت محمدا! وما فعلت ، قالت : بلى .
وروى -رضي الله تعالى عنهما- فقال : أنا أزوج يتيم ابن عباس أبي طالب ؟ لا ، لعمري ، فقالت ألا تستحي تريد أن تسفه نفسك عند خديجة : قريش ، وتخبر الناس أنك كنت سكران ، فإن محمدا كذا ، فلم تزل به حتى رضي .
وقال أو الرجل المبهم : ثم بعثت إلى جابر محمد -صلى الله عليه وسلم- بوقيتين من فضة أو ذهب ، وقالت : اشتر حلة وأهدها لي ، وكيسا ، وكذا وكذا ، ففعل .
وكانت رضي الله عنها تدعى في الجاهلية الطاهرة ، تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل المبعث بخمس عشرة سنة ، وقيل : أكثر من ذلك ، وهي بنت الأربعين سنة ، وقيل : أكثر من ذلك .
الرابع : في أنها أول من أسلم
روى برجال ثقات عن الطبراني بريك -رضي الله تعالى عنه- قال : أول من أسلم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خديجة وعلي بن أبي طالب .
وروى بإسناد لا بأس به عن الطبراني -رحمه الله تعالى- قال : توفيت قتادة بن دعامة -رضي الله تعالى عنها- قبل الهجرة بثلاث سنين ، وهي أول من آمن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من النساء والرجال . خديجة
وقال عبد الله بن محمد بن عقيل -رحمه الله تعالى- قال : كانت أول الناس إيمانا بما أنزل الله . خديجة
وقال -رحمه الله تعالى- : كانت ابن شهاب أول من آمن بالله ، وصدق رسول الله قبل أن تفرض الصلاة . خديجة
[ ص: 157 ] رواهما أبو بكر بن أبي خيثمة .
وقال اتفقوا على أن أبو عمر بن عبد البر : -رضي الله تعالى عنها- أول من آمن . خديجة
وقال أبو الحسن بن الأثير : أول خلق الله إسلاما بإجماع المسلمين ، لم يتقدمها رجل ولا امرأة ، وأقره الحافظ الناقد خديجة أبو عبد الله الذهبي ، وحكى الإمام اتفاق العلماء على ذلك ، وإنما اختلافهم في أول من أسلم بعدها بعد . الثعلبي
وقال الإمام النووي -رحمه الله تعالى- : إنه الصواب عند جماعة من المحققين ، قال : فخفف الله بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان لا يسمع بشيء يكرهه من الرد عليه ، فيرجع إليها ، فتثبته وتهون عليه .