الباب الرابع في حفصة بنت عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنهما - بعض مناقب أم المؤمنين
وفيه أنواع :
الأول : في ، ولدت مولدها ونسبها وقريش تبني الكعبة قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمس سنين ، وتقدم نسب أبيها ، وأمها زينب بنت مظعون .
الثاني : - رضي الله تعالى عنها - . فيمن كانت تحته وتزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - إياها
كانت تحت خنيس بخاء معجمة مضمومة فنون مفتوحة ، فتحتية ، ساكنة فسين مهملة ابن حذافة ، بضم الحاء المهملة وبالذال المعجمة ، وبعد الألف فاء ، السهمي وكان ممن شهد بدرا فهاجر بها إلى المدينة فمات بها من جراحات أصابته ببدر ، وقيل : بل أحد ، ورجح كل مرجحون ، والأول أشهر ، فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من مهاجره على القول الأول ، وبعد أحد على القول الثاني .
وروى الإمام والشيخان أحمد عن والنسائي - رضي الله تعالى عنه - قال : عمر حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي ، وكان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شهد بدرا فتوفي بالمدينة ، قال : فلقيت عمر فعرضت عليه عثمان ، وقلت : إن شئت أنكحتك حفصة حفصة ابنة عمر ، قال : سأنظر في أمري ، فلبثت ليالي ثم لقيني ، فقال : قد بدا لي أن لا أتزوج في يومي هذا ، قال : فلقيت عمر ، فقلت : إن شئت أنكحتك أبا بكر حفصة ابنة عمر ، فصمت ، فلم يرجع إلي شيئا ، فكنت أوجد عليه مني على أبو بكر ، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنكحتها إياه ، فلقيني عثمان ، فقال : لعلك وجدت علي حين عرضت علي أبو بكر ، فلم أرجع إليك شيئا ؟ ، فقلت : نعم ، قال : فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو تركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقبلتها حفصة . تألمت
وروى ابن سعد عن - رضي الله تعالى عنه - قال : عمر لما توفي خنيس بن حذافة عرضت على حفصة ، فأعرض عني ، فذكرت للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله ، لا تعجب من عثمان ، إني عرضت عليه عثمان ، فأعرض عني فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قد زوج الله تعالى حفصة خيرا من ابنتك ، وزوج ابنتك خيرا من عثمان ، قال : وكان عثمان قد عرض [ ص: 185 ] عمر على حفصة في متوفى عثمان - صلى الله عليه وسلم - وكان رقية بنت رسول الله يريد يومئذ عثمان - صلى الله عليه وسلم - فأعرض أم كلثوم بنت رسول الله عن عثمان لذلك ، فتزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر ، وزوج حفصة من أم كلثوم عثمان .
وروى ابن أبي خيثمة في تاريخه عن ، قال : تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة اثنتين من الهجرة أبي عبيدة معمر بن المثنى بالمدينة .
وروى أيضا عن - رحمه الله تعالى - قال : أخبرني رجل من الزهري بني سهم من أهل المدينة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها سنة ثلاث .
الثالث : في . أمر الله - تبارك وتعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - بمراجعتها لما طلقها ، وقال : إنها زوجتك في الجنة
وروى أبو داود ، والنسائي عن وابن ماجه - رضي الله تعالى عنهما - ابن عمر ثم راجعها حفصة . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق
وروى أبو بكر بن أبي خيثمة ، برجال الصحيح عن والطبراني قيس بن زيد حفصة بنت عمر - رضي الله تعالى عنهما - فدخل عليها خالاها (حذافة ) ابنا وعثمان مظعون ، فبكت ، وقالت : والله ، ما طلقني عن شبع ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتجلببت فقال لي : قال لي جبريل : راجع ، فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة حفصة . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق
وروى ابن أبي خيثمة أيضا عن - رضي الله تعالى عنه - أنس تطليقة فأتاه حفصة جبريل - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد ، طلقت وهي صوامة قوامة ، وهي زوجتك في الجنة ! حفصة وروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طلق ] عن [أبو نعيم - رضي الله تعالى عنه قال : عقبة بن عامر فبلغ ذلك حفصة فحثا على رأسه التراب وقال : ما يعبأ الله عمر وابنته وبعدها نزل بعمر جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - من الغد ، وقال : إن الله تعالى يأمرك أن تراجع رحمة حفصة ثم أراد أن يطلقها ثانية ، فقال له بعمر جبريل . لا تطلقها ، فإنها صوامة قوامة . طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
الرابع : في مارية . استظهارها بتحريم
[روى الطبراني عن وابن مردويه ابن عباس وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا [التحريم 3 ] قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتها ، وهو يطأ حفصة مارية فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «لا تخبري حتى أبشرك بشارة فإن أباك يلي الأمر بعد عائشة أبي [ ص: 186 ] بكر إذا أنا مت ، فذهبت فأخبرت حفصة ، فقالت عائشة للنبي - صلى الله عليه وسلم - : من أنبأك هذا قال : نبأني العليم الخبير فقالت عائشة : لا أنظر إليك حتى تحرم عائشة مارية فحرمها فأنزل الله : يا أيها النبي لم تحرم [التحريم 1 ] . في قوله
الخامس : في - رضي الله تعالى عنها - إنها ابنة أبيها تنبيها على فضلها عائشة . قول
[روى أبو داود عن والبيهقي قال : بلغني الزهري عائشة وحفصة رضي الله عنهما أصبحتا صائمتين متطوعتين فأهدي لهما طعام فأفطرتا عليه فدخل عليهما النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : فقالت عائشة فبدرتني بالكلام وكانت ابنة أبيها يا رسول الله إني أصبحت أنا حفصة صائمتين متطوعتين وأهدي لنا طعام فأفطرنا عليه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقضيا مكانه يوما آخر ] وعائشة . أن
السادس : بدرا من أهلها . فيمن شهد
شهد من أهلها بدرا : أبوها - رضي الله تعالى عنه - وعمها عمر زيد ، وزوجها خنيس ، وأخوالها ، عثمان وعبد الله ، وقدامة بنو مظعون والسائب بن عثمان بن مظعون ابن خالها .
السابع : في - رضي الله تعالى عنها - توفيت في شعبان سنة خمس وأربعين وفاتها بالمدينة وصلى عليها أمير مروان بن الحكم المدينة وحمل سريرها بعض الطريق ، ثم حمله إلى قبرها ، ونزل في قبرها أبو هريرة عبد الله وعاصم ابنا ، عمر وسالم ، وعبد الله ، وحمزة بنو ، وقد بلغت ستين سنة ، وقيل : ماتت سنة إحدى وأربعين . رواه عبد الله بن عمر أبو بكر بن أبي خيثمة وقيل : ماتت لما بايع الحسن وذلك في جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين فأوصت إلى معاوية عبد الله أخيها بما أوصى إليها ، وتصدقت بمال وقفته عمر بالغابة ، وروي لها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستون حديثا .
بيان غريب ما سبق .
الغابة : [موضع قريب من المدينة ] .
[ ص: 187 ]