وفي هذه السنة . وقع الطاعون الجارف بالبصرة
فماتت أم ابن معمر الأمير ، فما وجدوا من يحملها حتى استأجروا لها أربعة أنفس ، وكان وقوع هذا الطاعون أربعة أيام ، فمات في اليوم الأول سبعون ألفا ، وفي اليوم الثاني واحد وسبعون ألفا ، وفي اليوم الثالث ثلاثة وسبعون ألفا ، وأصبح الناس في اليوم الرابع موتى [إلا قليلا من] الآحاد .
أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ ، قال: أنبأنا أحمد بن أحمد الحداد ، قال: أخبرنا [ ص: 26 ] أبو نعيم الحافظ ، قال: حدثنا عبيد الله ، قال: حدثنا أحمد بن عصام ، قال: حدثني معدي عن رجل يكنى أبا النفيد وكان قد أدرك زمن الطاعون ، قال:
كنا نطوف في القبائل وندفن الموتى ، ولما كثروا لم نقو على الدفن ، فكنا ندخل الدار قد مات أهلها فنسد بابها ، قال: فدخلنا دارا ففتشناها فلم نجد فيها أحدا حيا ، فسددنا بابها ، فلما مضت الطواعين كنا نطوف على القبائل ننزع تلك السدد التي سددناها ، فانتزعنا سد ذلك الباب الذي دخلناه ففتشنا الدار فلم نجد أحدا حيا ، فإذا نحن بغلام في وسط الدار طري دهين ، كأنما أخذ ساعته من حجر أمه . قال: ونحن وقوف على الغلام نتعجب منه فدخلت كلبة من شق في الحائط تلوذ بالغلام ، والغلام يحبو إليها حتى مص من لبنها ، فقال معدي: رأيت هذا الغلام في مسجد البصرة قد قبض على لحيته .
وقيل: كان هذا الطاعون في سنة تسع وستين .