( فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) : أي فإن أعرضوا عن الإيمان بعد هذه الحالة التي من الله عليهم بها من إرسالك إليهم واتصافك بهذه الأوصاف الجميلة . ( فقل حسبي الله ) أي : كافي من كل شيء ، ( عليه توكلت ) أي : فوضت أمري إليه لا إلى غيره ، وقد كفاه الله شرهم ونصره عليهم ، إذ لا إله غيره . وهي آية مباركة لأنها من آخر ما نزل ، وخص العرش بالذكر لأنه أعظم المخلوقات . وقال : العرش لا يقدر أحد قدره . انتهى . وذكر في معرض شرح قدرة الله وعظمته ، وكان الكفار يسمعون حديث وجود العرش وعظمته من اليهود والنصارى ، ولا يبعد أنهم كانوا سمعوا ذلك من أسلافهم . وقرأ ابن عباس ابن محيصن : ( العظيم ) برفع الميم صفة للرب ، ورويت عن ابن كثير . قال : وهذه القراءة أعجب إلي ، لأن جعل ( العظيم ) صفة لله تعالى أولى من جعله صفة للعرش . وعظم العرش بكبر جثته واتساع جوانبه على ما ذكر في الأخبار ، وعظم الرب بتقديسه عن الحجمية والأجزاء والأبعاض ، وبكمال العلم والقدرة ، وتنزيهه عن أن يتمثل في الأوهام ، أو تصل إليه الأفهام . وعن أبو بكر الأصم : آخر ما نزل ( ابن عباس لقد جاءكم ) إلى آخرها . وعن أبي : أقرب القرآن عهدا بالله ( لقد جاءكم ) الآيتان ، وهاتان الآيتان لم توجدا حين جمع المصحف إلا في حفظ ذي الشهادتين ، فلما جاء بها تذكرها كثير من الصحابة ، وقد كان خزيمة بن ثابت زيد يعرفها ، ولذلك قال : فقدت آيتين من آخر سورة التوبة ، ولو لم يعرفها لم ندر هل فقد شيئا أو لا ، فإنما ثبتت الآية بالإجماع لا بخزيمة وحده . وقال : ما فرغ من تنزل " براءة " حتى ظننا أن لن يبقى منا أحد إلا سينزل فيه شيء . وفي كتاب عمر بن الخطاب أبي داود عن قال : من قال إذا أصبح وإذا أمسى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ; سبع مرات ; كفاه الله تعالى ما أهمه . أبي الدرداء