( كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا ) : لما تقدم قوله ( فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم ) وكان ذلك مشعرا بما حل بالأمم الماضية المكذبة ومصرحا بهلاكهم في غير ما آية ، أخبر تعالى عن حكاية حالهم الماضية فقال : ثم ننجي رسلنا ، والمعنى : إن الذين خلوا أهلكناهم لما كذبوا الرسل ، ثم نجينا الرسل والمؤمنين . ولذلك قال : ثم ننجي معطوف على كلام محذوف يدل عليه ( الزمخشري إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم ) كأنه قيل : نهلك الأمم ثم ننجي رسلنا على مثل الحكايات الماضية .
والظاهر أن كذلك في موضع نصب تقديره : مثل ذلك الإنجاء الذي نجينا الرسل ومؤمنيهم ، ننجي من آمن بك يا محمد ، ويكون حقا على تقدير : حق ذلك حقا .
وقال أبو البقاء : يجوز أن يكون حقا بدلا من المحذوف النائب عنه الكاف تقديره : إنجاء مثل ذلك حقا . وأجاز أن يكون كذلك وحقا منصوبين [ ص: 195 ] بننجي التي بعدهما ، وأن يكون كذلك منصوبا بـ ( ننجي ) الأولى ، وحقا بـ ( ننجي ) الثانية ، وأجاز هو تابعا لـ ابن عطية أن تكون الكاف في موضع رفع ، وقدره الأمر كذلك ، وحقا منصوب بما بعدها .
وقال مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين منكم ونهلك المشركين ، وحقا علينا : اعتراض يعني : حق ذلك علينا حقا . قال القاضي : حقا علينا المراد به : الوجوب ، لأن تخليص الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين من العذاب إلى الثواب واجب ، ولولاه ما حسن من الله أن يلزمهم الأفعال الشاقة . الزمخشري
وإذا ثبت لهذا السبب جرى مجرى قضاء الدين للسبب المتقدم ، وأجيب بأنه حق بحسب الوعد والحكم لا بحسب الاستحقاق ، لما ثبت أن العبد لا يستحق على خالقه شيئا . وقرأ الكسائي وحفص : ( ننجي المؤمنين ) بالتخفيف مضارع أنجى ، وخط المصحف ننج بغير ياء .