محمـد تفـد نفسـك كـل نفـس
أنشده إلا أنه قال : إن هذا لا يجوز إلا في الشعر . وقال سيبويه في هذا القول : وإنما جاز حذف اللام لأن الأمر الذي هو قل ، عوض منه . ولو قيل : يقيموا الصلاة وينفقوا ، ابتداء بحذف اللام ، لم يجز ; انتهى . وذهب الزمخشري إلى أن التقدير : قل لهم أقيموا يقيموا ، فيقيموا المصرح به جواب أقيموا المحذوف ; قيل : وهو فاسد لوجهين : أحدهما : أن جواب الشرط يخالف الشرط إما في الفعل ، أو في الفاعل ، أو فيهما . فأما إذا كان مثله فيهما فهو خطأ ، كقولك : قم يقم ، والتقدير على هذا الوجه : أن يقيموا يقيموا . والوجه الثاني : أن الأمر المقدر للمواجهة و ( المبرد يقيموا ) على لفظ الغيبة ، وهو خطأ إذا كان الفاعل واحدا . وقيل : التقدير أن تقل لهم : أقيموا يقيموا ، قاله فيما حكاه سيبويه ابن عطية . وقال الفراء : جواب الأمر معه شرط مقدر ، تقول : أطع الله يدخلك الجنة ، أي : إن تطعه يدخلك الجنة . ومخالفة هذا القول للقول قبله أن الشرط في هذا مقدر بعد فعل الأمر ، وفي الذي قبله الأمر مضمن معنى الشرط . وقيل : هو مضارع بلفظ الخبر صرف عن لفظ الأمر ، والمعنى : أقيموا ، قاله أبو علي وفرقة ، ورد بأنه لو كان مضارعا بلفظ الخبر ، ومعناه الأمر ، لبقي على إعرابه بالنون ، كقوله : ( هل أدلكم على تجارة ) ثم قال : ( تؤمنون ) والمعنى : آمنوا . واعتل أبو علي لذلك بأنه لما كان بمعنى الأمر بني ; يعني : على حذف النون ، لأن المراد أقيموا ، وهذا كما بني الاسم المتمكن في [ ص: 427 ] النداء في قولك : يا زيد ، يعني على الضمة لما شبه بقبل وبعد ; انتهى . ومتعلق القول الملفوظ به أو المقدر في هذه التخاريج هو الأمر بالإقامة والإنفاق ، إلا في قول ابن عطية فمتعلقه الشريعة فهو أعم ، إذ قدر قل بمعنى بلغ وأد الشريعة . قال ابن عطية : ويظهر أن المقول هو الآية التي بعد أعني قوله : ( الله الذي خلق السماوات والأرض ) ; انتهى . وهذا الذي ذهب إليه من كون معمول القول هو قوله تعالى ( الله الذي ) الآية ، تفكيك للكلام ، يخالفه ترتيب التركيب ، ويكون قوله : يقيموا الصلاة ، كلاما مفلتا من القول ومعموله ، أو يكون جوابا فصل به بين القول ومعموله ، ولا يترتب أن يكون جوابا ، لأن قوله : ( الله الذي خلق السماوات والأرض ) ، لا يستدعي إقامة الصلاة والإنفاق إلا بتقدير بعيد جدا . واحتمل الصلاة أن يراد بها العموم ; أي : كل صلاة فرض وتطوع ، وأن يراد بها الخمس ، وبذلك فسرها . وفسر الإنفاق بزكاة الأموال . وتقدم إعراب ( ابن عباس سرا وعلانية ) وشرحها في أواخر البقرة .
وقال أبو عبيدة : البيع هنا : البذل ، والخلال : المخالة ، وهو مصدر من خاللت خلالا ومخالة ، وهي المصاحبة ; انتهى . ويعني بالبذل : مقابل شيء . وقال امرؤ القيس :
صرفت الهوى عنهن من خشية الردى ولست بمقلي الخلال ولا قال