(
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45إن المتقين في جنات وعيون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=46ادخلوها بسلام آمنين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=48لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=50وأن عذابي هو العذاب الأليم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=51ونبئهم عن ضيف إبراهيم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=52إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشروني nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=56قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=57قال فما خطبكم أيها المرسلون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=60إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=61فلما جاء آل لوط المرسلون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=62قال إنكم قوم منكرون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=63قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=64وأتيناك بالحق وإنا لصادقون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=65فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=66وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=67وجاء أهل المدينة يستبشرون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=68قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=69واتقوا الله ولا تخزون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=70قالوا أولم ننهك عن العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=71قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فأخذتهم الصيحة مشرقين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=74فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إن في ذلك لآيات للمتوسمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وإنها لبسبيل مقيم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=77إن في ذلك لآية للمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=78وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=79فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=80ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=81وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=82وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=83فأخذتهم الصيحة مصبحين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=84فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=85وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=86إن ربك هو الخلاق العليم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=87ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=88لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=89وقل إني أنا النذير المبين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كما أنزلنا على المقتسمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=92فوربك لنسألنهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=93عما كانوا يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=95إنا كفيناك المستهزئين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=96الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) السرر : جمع سرير ، ككليب وكلب . وبعض
تميم يفتح الراء ، وكذا كل مضاعفة فعيل . النصب : التعب . القنوط : أتم اليأس ، يقال : قنط يقنط ، بفتحها ، وقنط ، بفتح النون ; يقنط ; بكسرها وبضمها . الفضح والفضيحة : مصدران لفضح يفضح ، إذا أتى من أمر الإنسان ما يلزمه به العار ، ويقال : فضحك الصبح ، إذا تبين للناس . قال الشاعر :
[ ص: 456 ] ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا مثل القلامة قد قصت من الظفر
التوسم : تفعل من الوسم ، وهي العلامة التي يستدل بها على مطلوب غيرها ، يقال : توسم فيه الخير إذا رأى ميسم ذلك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
إني توسمت فيك الخير أجمعه والله يعلم أني ثابت البصر
وقال الشاعر :
توسمت لما أن رأيت مهابة عليه وقلت المرء من آل هاشم
واتسم الرجل : جعل لنفسه علامة يعرف بها ، وتوسم الرجل : طلب كلأ الوسمي . وقال
ثعلب : الواسم : الناظر إليك من فرقك إلى قدمك . وأصل التوسم التثبت والتفكر ، مأخوذ من الوسم ، وهو التأثير بحديدة في جلد البعير أو غيره . الأيكة : الشجرة الملتفة ، واحدة أيك . قال الشاعر :
تجلو بقادمتي حمامة أيكة بردا أسف لثاته بالإثمد
الخفض مقابل الرفع ، وهو كناية عن الإلانة والرفق . عضين : جمع عضة ، وأصلها الواو والهاء ; يقال : عضيت الشيء تعضية : فرقته ، وكل فرقة عضة ، فأصله عضوة . وقيل : العضه في
قريش : السحر ، يقولون للساحر : عاضه ، وللساحرة : عاضهة . قال الشاعر :
أعوذ بربي من النافثات في عقد العاضه المعضه
وفي الحديث : "
لعن الله العاضهة والمستعضهة " وفسر بالساحر والمستسحرة ، فأصله الهاء . وقيل : من العضه ، يقال : عضهه عضها ، وعضيهة : رماه بالبهتان . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : العضة : الكذب والبهتان ، وجمعها عضون . وذهب
الفراء إلى أن عضين من العضاة ، وهي شجرة تؤذي تخرج كالشوك . ومن العرب من يلزم الياء ويجعل الإعراب في النون ، فيقول : عضينك ، كما قالوا : سنينك ، وهي كثيرة في تميم وأسد . الصدع : الشق ، وتصدع القوم تفرقوا ، وصدعته فانصدع ، أي : شققته فانشق . وقال
مؤرج : أصدع أفصل ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : أفصد . (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45إن المتقين في جنات وعيون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=46ادخلوها بسلام آمنين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=48لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=50وأن عذابي هو العذاب الأليم ) : لما ذكر تعالى ما أعد لأهل النار ،
nindex.php?page=treesubj&link=30395_30387ذكر ما أعد لأهل الجنة ، ليظهر تباين ما بين الفريقين . ولما كان حال المؤمنين معتنى به ، أخبر أنهم في جنات وعيون ، جعل ما يستقرون فيه في الآخرة كأنهم مستقرون فيه في الدنيا ، ولذلك جاء : ( ادخلوها ) على قراءة الأمر ، لأن من استقر في الشيء لا يقال له : أدخل فيه . وجاء حال الغاوين موعودا به في قوله : ( لموعدهم ) لأنهم لم يدخلوها . والعيون : جمع عين . وقرأ
نافع ،
وأبو عمر ،
وحفص ،
وهشام : وعيون ، بضم العين ، وباقي السبعة بكسرها . وقرأ
الحسن : ( ادخلوها ) ماضيا مبنيا للمفعول من الإدخال . وقرأ
يعقوب في رواية
رويس كذلك ، وبضم التنوين ، وعنه فتحه . وما بعده أمر على تقدير : أدخلوها إياهم ، من الإدخال ، أمر الملائكة بإدخال المتقين الجنة ، وتسقط الهمزة في القراءتين . وقرأ الجمهور : ( ادخلوها ) أمر من الدخول . فعلى قراءتي الأمر ، ثم محذوف ، أي : يقال لهم ، أو يقال للملائكة . و ( بسلام ) في موضع نصب على الحال ، واحتمل أن يكون المعنى : مصحوبين بالسلامة ، وأن يكون المعنى : مسلما عليكم ، أي : محيون ، كما حكي عن
nindex.php?page=treesubj&link=30412الملائكة أنهم يدخلون على أهل الجنة يقولون : سلام عليكم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=28986ونزعنا ما في صدورهم من غل )
[ ص: 457 ] تقدم شرحه في الأعراف . قيل : وانتصب إخوانا على الحال ، وهي حال من الضمير ، والحال من المضاف إليه إذا لم يكن معمولا لما أضيف على سبيل الرفع أو النصب تندر ، فلذلك قال بعضهم : إنه إذا كان المضاف جزءا من المضاف إليه كهذا ، لأن الصدور بعض ما أضيفت إليه وكالجزء كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125واتبع ملة إبراهيم حنيفا ) جاءت الحال من المضاف . وقد قررنا أن ذلك لا يجوز . وما استدلوا به له تأويل غير ما ذكروا ، فتأويله هنا أنه منصوب على المدح ، والتقدير : أمدح إخوانا . لما لم يمكن أن يكون نعتا للضمير قطع من إعرابه نصبا على المدح ، وقد ذكر
أبو البقاء أنه حال من الضمير في الظرف في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45في جنات ، وأن يكون حالا من الفاعل في : ادخلوها ، أو من الضمير في : آمنين .
ومعنى إخوانا : ذوو تواصل وتوادد . وعلى سرر متقابلين : حالان . والقعود على السرير : دليل على الرفعة والكرامة التامة ، كما قال : يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة ، أو مثل الملوك على الأسرة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : على سرر مكللة بالياقوت والزبرجد والدر . وقال
قتادة : متقابلين : متساوين في التواصل والتزاور . وعن
مجاهد : لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض ، تدور بهم الأسرة حيث ما داروا ، فيكونون في جميع أحوالهم متقابلين ; انتهى .
ولما كانت الدنيا - محل تعب بما يقاسى فيها من طلب المعيشة ، ومعاناة التكاليف الضرورية لحياة الدنيا وحياة الآخرة ، ومعاشرة الأضداد ، وعروض الآفات والأسقام ، ومحل انتقال منها إلى دار أخرى - مخوف أمرها عند المؤمن ، لا محل إقامة ، أخبر تعالى بانتفاء ذلك في الجنة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=48لا يمسهم فيها نصب ) . وإذا انتفى المس ، انتفت الديمومة . وأكد انتفاء الإخراج بدخول الباء في : بمخرجين . وقيل : للثواب أربع شرائط : أن يكون منافع ، وإليه الإشارة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45في جنات وعيون ) مقرونة بالتعظيم ، وإليه الإشارة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=46ادخلوها بسلام آمنين ) خالصة عن مظان الشوائب الروحانية : كالحقد ، والحسد ، والغل ، والجسمانية كالإعياء ، والنصب . وإليه الإشارة بقوله : ( ونزعنا ) إلى (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=48لا يمسهم فيها نصب ) دائمة ، وإليه الإشارة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=48وما هم منها بمخرجين ) . وعن
علي بن الحسين : أن قوله ( ونزعنا ) الآية ، نزلت في
أبي بكر وعمر ، والغل : غل الجاهلية . وقيل : كانت بين
بني تميم وعدي وهاشم أضغان ، فلما أسلموا تحابوا . ولما تقدم ذكر ما في النار ، وذكر ما في الجنة ، أكد تعالى تنبيه الناس . وتقرير ذلك وتمكينه في النفس بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) . وناسب ذكر الغفران والرحمة اتصال ذلك بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45إن المتقين ) . وتقديما لهذين الوصفين العظيمين اللذين وصف بهما نفسه ، وجاء قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=50وأن عذابي ) ، في غاية اللطف إذ لم يقل على وجه المقابلة . وأني المعذب المؤلم ، كل ذلك ترجيح لجهة العفو والرحمة . وسدت ( أن ) مسد مفعولي ( نبئ ) إن قلنا إنها تعدت إلى ثلاثة ، ومسد واحد إن قلنا : تعدت إلى اثنين . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ( غفور ) لمن تاب ، وعذابه لمن لم يتب . وفي قوله : ( نبئ ) الآية ، ترجيح جهة الخير من جهة أمره تعالى رسوله بهذا التبليغ ، فكأنه إشهاد على نفسه بالتزام المغفرة والرحمة . وكونه أضاف العباد إليه فهو تشريف لهم ، وتأكيد اسم أن بقوله : أنا . وإدخال الـ على هاتين الصفتين وكونهما جاءتا بصيغة المبالغة والبداءة بالصفة السارة أولا وهي الغفران ، واتباعها بالصفة التي نشأ عنها الغفران وهي الرحمة . وروي في الحديث : "
لو يعلم العبد قدر عفو الله ما تورع عن حرام ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه " وفي الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك بإسناده
أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - طلع من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ونحن نضحك فقال : " ألا أراكم تضحكون " ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر ، رجع إلينا القهقرى فقال : " جاء جبريل - عليه السلام - فقال : يقول الله لم تقنط عبادي ( nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) " .
[ ص: 458 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=51ونبئهم عن ضيف إبراهيم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=52إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشروني nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=56قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ) ولما ذكر تعالى ما أعد للعاصين من النار ، وللطائعين من الجنة ، ذكر العرب بأحوال من يعرفونه ممن عصى وكذب الرسل فحل به عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة ، ليزدجروا عن كفرهم ، وليعتبروا بما حل بغيرهم . فبدأ بذكر جدهم الأعلى
إبراهيم عليه السلام ، وما جرى لقوم ابن أخيه
لوط ، ثم بذكر أصحاب الحجر وهم قوم
صالح ، ثم بأصحاب الأيكة وهم قوم
شعيب . وقرأ
أبو حيوة : ونبيهم بإبدال الهمزة ياء . وضيف
إبراهيم : هم الملائكة الذين بشروه بالولد ، وبهلاك قوم
لوط . وأضيفوا إلى
إبراهيم وإن لم يكونوا أضيافا ، لأنهم في صورة من كان ينزل به من الأضياف ، إذ كان لا ينزل به أحد إلا ضافه ، وكان يكنى أبا الضيفان . وكان لقصره أربعة أبواب ، من كل جهة باب ، لئلا يفوته أحد . والضيف أصله المصدر ، والأفصح أن لا يثنى ولا يجمع للمثنى والمجموع ، ولا حاجة إلى تكلف إضمار كما قاله
النحاس وغيره من تقدير : أصحاب ضيف . وسلاما مقتطع من جملة محكية بقالوا ، فليس منصوبا به ، والتقدير : سلمت سلاما من السلامة ، أو سلمنا سلاما من التحية . وقيل : سلاما : نعت لمصدر محذوف تقديره : فقالوا قولا سلاما ، وتصريحه هنا بأنه رجل منهم ، كان بعد تقريبه إليهم ما أضافهم به وهو العجل الحنيذ ، وامتناعهم من الأكل وفي هود أنه أوجس في نفسه خيفة ، فيمكن أن هذا التصريح كان بعد إيجاس الخيفة . ويحتمل أن يكون القول هنا مجازا بأنه ظهرت عليه مخايل الخوف حتى صار كالمصرح به القائل .
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53لا توجل ) مبنيا للفاعل . وقرأ
الحسن : بضم التاء مبنيا للمفعول من الإيجال . وقرئ : لا تاجل ، بإبدال الواو ألفا كما قالوا : تابة في توبة . وقرئ : لا تواجل من واجله بمعنى أوجله . إنا نبشرك : استئناف في معنى التعليل للنهي عن الوجل ، أي : إنك بمثابة الآمن المبشر فلا توجل . والمبشر به هو
إسحاق ، وذلك بعد أن ولد له
إسماعيل وشب ، بشروه بأمرين : أحدهما : أنه ذكر . والثاني : وصفه بالعلم على سبيل المبالغة . فقيل : النبوة كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=112وبشرناه بإسحاق نبيا ) وقيل : عليم بالدين .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج : بشرتموني ، بغير همزة الاستفهام ، وعلى أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54مسني الكبر ) في موضع الحال . وقرأ
ابن محيصن : الكبر ، بضم الكاف وسكون الباء ، واستنكر
إبراهيم - عليه السلام - أن يولد له مع الكبر . و
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54فبم تبشرون ، تأكيد استبعاد وتعجب ، وكأنه لم يعلم أنهم ملائكة رسل الله إليه ، فلذلك استفهم ، واستنكر أن يولد له . ولو علم أنهم رسل الله ما تعجب ولا استنكر ، ولا سيما وقد رأى من آيات الله عيانا كيف أحيا الموتى . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : كأنه قال : فبأي أعجوبة تبشروني ، أو أراد أنكم تبشرونني بما هو غير متصور في العادة ، فبأي شيء تبشرون ؟ يعني : لا تبشروني في الحقيقة بشيء ، لأن البشارة بمثل هذا بشارة بغير شيء . ويجوز أن لا تكون صلة لبشر ، ويكون سؤالا على الوجه والطريقة ، يعني : بأي طريقة تبشرونني بالولد ، والبشارة به لا طريقة لها في العادة ; انتهى . وكأنه قال : أعلى وصفي بالكبر ، أم على أني أرد إلى الشباب ؟ وقيل : لما استطاب البشارة أعاد السؤال ، ويضعف هذا قولهم له :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين . وقرأ
الحسن : تبشروني بنون مشددة وياء المتكلم ، أدغم نون الرفع في نون الوقاية .
وابن كثير : بشدها مكسورة دون ياء .
ونافع يكسرها مخففة ، وغلطه
أبو حاتم وقال : هذا يكون في الشعر اضطرارا ، وخرجت على أنه حذف نون الوقاية وكسر نون الرفع للياء ، ثم حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها . وقالوا هو مثل قوله :
يسوء القالبات إذا قليني
وقول الآخر :
لا أباك تخوفيني
وقرأ باقي السبعة : بفتح
[ ص: 459 ] وهي علامة الرفع . قال
الحسن : فبم تبشرون على وجه الاحتقار وقلة المبالاة بالمبشرات لمضي العمر واستيلاء الكبر . وقال
مجاهد : عجب من كبره وكبر امرأته ، وتقدم ذكر سنه وقت البشارة . وبالحق : أي باليقين الذي لا لبس فيه ، أو بالطريقة التي هي حق ، وهي قول الله ووعده وأنه قادر على أن يوجد ولدا من غير أبوين ، فكيف من شيخ فان ، وعجوز عاقر . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابن وثاب ،
وطلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، ورويت عن
أبي عمرو : من القنطين ، من قنط يقنط . وقرأ النحويان
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : ومن يقنط . وهو استفهام في ضمنه النفي ، ولذلك دخلت ( إلا ) في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=56إلا الضالون ) وقولهم له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55فلا تكن من القانطين ) نهي ، والنهي عن الشيء لا يدل على تلبس المنهي عنه به ولا بمقارنته . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=56ومن يقنط ) رد عليهم ، وأن المحاورة في البشارة لا تدل على القنوط ، بل ذلك على سبيل الاستبعاد لما جرت به العادة . وفي ذلك إشارة إلى أن هبة الولد على الكبر من رحمة الله ، إذ يشد عضد والده به ويؤازره حالة كونه لا يستقل ويرث منه علمه ودينه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28986قال فما خطبكم أيها المرسلون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=60إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=61فلما جاء آل لوط المرسلون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=62قال إنكم قوم منكرون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=63قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=64وأتيناك بالحق وإنا لصادقون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=65فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=66وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين ) : لما بشروه بالولد راجعوه في ذلك ، علم أنهم ملائكة الله ورسله ، فاستفهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=57فما خطبكم الخطب لا يكاد يقال إلا في الأمر الشديد ، فأضافه إليهم من حيث إنهم حاملوه إلى أولئك القوم المعذبين . ونكر قوما وصفتهم تقليلا لهم واستهانة بهم ، وهم قوم
لوط أهل مدينة
سدوم [ ص: 460 ] والمعنى : أرسلنا بالهلاك . وإلا
آل لوط : يحتمل أن يكون استثناء من الضمير المستكن في مجرمين والتقدير : أجرموا كلهم إلا
آل لوط ، فيكون استثناء متصلا ، والمعنى : إلا
آل لوط فإنهم لم يجرموا . ويكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إنا لمنجوهم أجمعين ، استئناف إخبار عن نجاتهم ، وذلك لكونهم لم يجرموا ، ويكون حكم الإرسال منسحبا على قوم مجرمين وعلى
آل لوط لإهلاك هؤلاء ، وإنجاء هؤلاء . والظاهر أنه استثناء منقطع ، لأن
آل لوط ، ولا على عموم الشمول لتنكير قوم مجرمين ، ولانتفاء وصف الإجرام عن
آل لوط . وإذا كان استثناء فهو مما يجب فيه النصب ، لأنه من الاستثناء الذي لا يمكن بوجه العامل على المستثنى فيه ، لأنهم لم يرسلوا إليهم أصلا ، وإنما أرسلوا إلى القوم المجرمين خاصة . ويكون قوله : إنا لمنجوهم جرى مجرى خبر لكن في اتصاله
بآل لوط ، لأن المعنى : لكن
آل لوط منجون . وقد زعم بعض النحويين في الاستثناء المنقطع المقدر بلكن إذا لم يكن بعده ما يصح أن يكون خبرا أن الخبر محذوف ، وأنه في موضع رفع لجريان إلا وتقديرها بلكن .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : فقوله : إلا امرأته مم استثنى ، وهل هو استثناء من استثناء ؟ ( قلت ) : استثني من الضمير المجرور في قوله : لمنجوهم ، وليس من الاستثناء في شيء ، لأن الاستثناء إنما يكون فيما اتحد الحكم فيه ، وأن يقال : أهلكناهم إلا
آل لوط إلى امرأته ، كما اتحد الحكم في قول المطلق : أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة ، وفي قول المقر لفلان : علي عشرة دراهم إلا ثلاثة إلا درهما . فأما في الآية فقد اختلف الحكمان ، لأن (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إلا آل لوط ) متعلق بأرسلنا أو بمجرمين ، وإلا امرأته قد تعلق بمنجوهم ، فأنى يكون استثناء من استثناء ; انتهى . ولما استسلف
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن إلا امرأته مستثنى من الضمير المجرور في لمنجوهم ، لم يجوز أن يكون استثناء من استثناء . ومن قال : إنه استثناء فيمكن تصحيح كلامه بأحد وجهين : أحدهما : أنه لما كان الضمير في لمنجوهم عائد على
آل لوط ، وقد استثنى منه المرأة ، صار كأنه مستثنى من
آل لوط ، لأن المضمر هو الظاهر في المعنى . والوجه الآخر : أن قوله : إلا
آل لوط ، لما حكم عليهم بغير الحكم على قوم مجرمين اقتضى ذلك نجاتهم ، فجاء قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إنا لمنجوهم أجمعين ) تأكيدا لمعنى الاستثناء ، إذ المعنى : إلا
آل لوط ، فلم يرسل إليهم بالعذاب ، ونجاتهم مترتبة على عدم الإرسال إليهم بالعذاب ، فصار نظير قولك : قام القوم إلا زيدا ، فإنه لم يقم وإلا زيدا لم يقم . فهذه الجملة تأكيد لما تضمنه الاستثناء من الحكم على ما بعد إلا بضد الحكم السابق على المستثنى منه ، فإلا امرأته ، على هذا التقرير الذي قررناه استثناء من
آل لوط ، لأن الاستثناء مما جيء به للتأسيس أولى من الاستثناء مما جيء به للتأكيد .
وقرأ الأخوان : لمنجوهم ، بالتخفيف ، وباقي السبعة بالتشديد . وقرأ
أبو بكر : قدرنا ، بالتخفيف ، وباقي السبعة بالتشديد ، وكسرت إنها إجراء لفعل التقدير مجرى العلم ، إما لكونه بمعناه ، وإما لترتبه عليه . وأسندوا التقدير إليهم ، ولم يقولوا : قدر الله ، لأنهم هم المأمورون بإهلاكهم ، كما يقول من يلوذ بالملك ومن هو متصرف بأوامره : أمرنا بكذا ، والآمر هو الملك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : لما لهم من القرب والاختصاص بالله الذي ليس لأحد غيرهم ; انتهى . فأدرج مذهب الاعتزال في تفضيل الملائكة في غضون كلامه ، ووصف قوم
[ ص: 461 ] بمنكرون لأنه نكرتهم نفسه ونفرت منهم ، وخاف أن يطرقوه بشر . وبل إضراب عن قول محذوف أي : ما جئناك بشيء تخافه ، بل جئناك بالعذاب لقومك ، إذ كانوا يمترون فيه ، أي : يشكون في وقوعه ، أو يجادلونك فيه تكذيبا لك بما وعدتهم عن الله . ويحتمل أن يكون نكرهم لكونهم ليسوا بمعروفين في هذا القطر ، فخاف الهجوم منهم عليه ، أو أن يتعرض إليهم أحد من قومه إذ كانوا في صورة شباب حسان مرد .
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=64وأتيناك بالحق : أي : باليقين من عذابهم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=64وإنا لصادقون في الإخبار لحلوله بهم . وتقدم الخلاف في القراءة في فأسر . وروى صاحب الإقليد : فسر من السير ، وحكاها
ابن عطية وصاحب اللوامح عن
اليماني . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=17150القاضي منذر بن سعيد أن فرقة قرأت بقطع بفتح الطاء ، وتقدم الكلام في القطع وفي الالتفات في سورة هود . وخطب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري هنا فقال : ( فإن قلت ) : ما معنى أمره باتباع أدبارهم ، ونهيهم عن الالتفات ؟ ( قلت ) : قد بعث الله الهلاك على قومه ونجاه وأهله ، إجابة لدعوته عليهم ، وخرج مهاجرا فلم يكن بد من الاجتهاد في شكر الله وإدامة ذكره وتفريغ باله ، لذلك فأمر بأن يقدمهم لئلا يشتغل بمن خلفه قلبه ، وليكون مطلعا عليهم وعلى أهوالهم ، فلا يفرط منهم التفاتة احتشاما منه ولا غيرها من الهفوات في تلك الحالة المهولة المحذورة ، ولئلا يتخلف منهم أحد لغرض له فيصيبه ، وليكون مسيره مسير الهارب الذي تقدم سريه وتفوت به .
وحيث تؤمرون قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
الشام . وقيل : موضع نجاة غير معروف . وقيل : مصر . وقيل : إلى
أرض الخليل بمكان يقال له
اليقين . وحيث على بابها من أنها ظرف مكان ، وادعاء أنها قد تكون هنا ظرف زمان من حيث إنه ليس في الآية أمر إلا قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=65فأسر بأهلك بقطع من الليل ، ثم قيل له : حيث تؤمر ، ضعيف . ولفظ تؤمر يدل على خلاف ذلك ، إذ كان يكون التركيب من حيث أمرتم ، وحيث من الظروف المكانية المبهمة ، ولذلك يتعدى إليها الفعل وهو : امضوا بنفسه ، تقول : قعدت حيث قعد زيد ، وجاء في الشعر دخول ( في ) عليها . قال الشاعر :
فأصبح في حيث التقينا شريدهم طليق ومكتوف اليدين ومرعف
ولما ضمن ( قضينا ) معنى أوحينا ، تعدت تعديها بإلى ، أي : وأوحينا إلى
لوط مقضيا مبتوتا ، والإشارة بذلك إلى ما وعده تعالى من إهلاك قومه . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=66أن دابر ) : تفخيم للأمر وتعظيم له ، وهو في موضع نصب على البدل من ذلك ، قاله
الأخفش ، أو على إسقاط الباء ، أي : بأن دابرا ; قاله
الفراء ، وجوزه
الحوفي . وأن دابر هؤلاء مقطوع كناية عن الاستئصال . وتقدم تفسير مثله في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فقطع دابر القوم الذين ظلموا ) و مصبحين : داخلين في الصباح ، وهو حال من الضمير المستكن في مقطوع على المعنى ، ولذلك جمعه وقدره
الفراء وأبو عبيد : إذا كانوا مصبحين ، كما تقول : أنت راكبا أحسن منك ماشيا ، فإن كان تفسير معنى فصحيح ، وإن أراد الإعراب فلا ضرورة تدعو إلى هذا التقدير . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : إن دابر ، بكسر الهمزة ، لما ضمن قضينا معنى أوحينا ، فكان المعنى : أعلمنا ، علق الفعل فكسر إن ، أو لما كان القضاء بمعنى الإيحاء معناه القول كسران ، ويؤيده قراءة
عبد الله . وقلنا : إن دابر وهي قراءة تفسير لا قرآن ، لمخالفتها السواد . والمدينة :
سدوم ، وهي التي ضرب بقاضيها المثل في الجور .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=46ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=48لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=50وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=51وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=52إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَي nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=56قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=57قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=60إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=61فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=62قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=63قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=64وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=65فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=66وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=67وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=68قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=69وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=70قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=71قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=72لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=74فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=77إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=78وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=79فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=80وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=81وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=82وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=83فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=84فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=85وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=86إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=87وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=88لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=89وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=90كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=92فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=93عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=95إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=96الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=99وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) السُّرُرُ : جَمْعُ سَرِيرٍ ، كَكَلِيبٍ وَكُلُبٍ . وَبَعْضُ
تَمِيمٍ يَفْتَحُ الرَّاءَ ، وَكَذَا كُلُّ مُضَاعَفَةٍ فَعِيلٌ . النَّصَبُ : التَّعَبُ . الْقُنُوطُ : أَتَمُّ الْيَأْسِ ، يُقَالُ : قَنِطَ يَقْنَطُ ، بِفَتْحِهَا ، وَقَنَطَ ، بِفَتْحِ النُّونِ ; يَقْنِطُ ; بِكَسْرِهَا وَبِضَمِّهَا . الْفَضْحُ وَالْفَضِيحَةُ : مَصْدَرَانِ لِفَضَحَ يَفْضَحُ ، إِذَا أَتَى مِنْ أَمْرِ الْإِنْسَانِ مَا يَلْزَمُهُ بِهِ الْعَارُ ، وَيُقَالُ : فَضَحَكَ الصُّبْحُ ، إِذَا تَبَيَّنَ لِلنَّاسِ . قَالَ الشَّاعِرُ :
[ ص: 456 ] وَلَاحَ ضَوْءُ هِلَالٍ كَادَ يَفْضَحُنَا مِثْلُ الْقُلَامَةِ قَدْ قُصَّتْ مِنَ الظُّفْرِ
التَّوَسُّمُ : تَفَعُّلٌ مِنَ الْوَسْمِ ، وَهِيَ الْعَلَامَةُ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى مَطْلُوبِ غَيْرِهَا ، يُقَالُ : تَوَسَّمَ فِيهِ الْخَيْرَ إِذَا رَأَى مِيسَمَ ذَلِكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
إِنِّي تَوَسَّمْتُ فِيكَ الْخَيْرَ أَجْمَعَهُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي ثَابِتُ الْبَصَرِ
وَقَالَ الشَّاعِرُ :
تَوَسَّمْتُ لَمَّا أَنْ رَأَيْتُ مَهَابَةً عَلَيْهِ وَقُلْتُ الْمَرْءُ مِنْ آلِ هَاشِمِ
وَاتَّسَمَ الرَّجُلُ : جَعَلَ لِنَفْسِهِ عَلَامَةً يُعْرَفُ بِهَا ، وَتَوَسَّمَ الرَّجُلُ : طَلَبَ كَلَأَ الْوَسْمِيِّ . وَقَالَ
ثَعْلَبٌ : الْوَاسِمُ : النَّاظِرُ إِلَيْكَ مِنْ فَرْقِكَ إِلَى قَدَمِكَ . وَأَصْلُ التَّوَسُّمِ التَّثَبُّتُ وَالتَّفَكُّرُ ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْوَسْمِ ، وَهُوَ التَّأْثِيرُ بِحَدِيدَةٍ فِي جِلْدِ الْبَعِيرِ أَوْ غَيْرِهِ . الْأَيْكَةُ : الشَّجَرَةُ الْمُلْتَفَّةُ ، وَاحِدَةُ أَيْكٍ . قَالَ الشَّاعِرُ :
تَجْلُو بِقَادِمَتِي حَمَامَةُ أَيْكَةٍ بَرَدًا أَسِفَ لَثَاتَهُ بِالْإِثْمِدِ
الْخَفْضُ مُقَابِلَ الرَّفْعِ ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِلَانَةِ وَالرِّفْقِ . عِضِينَ : جَمْعُ عِضَةٍ ، وَأَصْلُهَا الْوَاوُ وَالْهَاءُ ; يُقَالُ : عَضَّيْتُ الشَّيْءَ تَعْضِيَةً : فَرَّقْتُهُ ، وَكُلُّ فِرْقَةٍ عِضَةٌ ، فَأَصْلُهُ عُضْوَةٌ . وَقِيلَ : الْعِضَهُ فِي
قُرَيْشٍ : السِّحْرُ ، يَقُولُونَ لِلسَّاحِرِ : عَاضِهٌ ، وَلِلسَّاحِرَةِ : عَاضِهَةٌ . قَالَ الشَّاعِرُ :
أَعُوذُ بِرَبِّي مِنَ النَّافِثَاتِ فِي عُقَدِ الْعَاضِهِ الْمُعْضِهِ
وَفِي الْحَدِيثِ : "
لَعَنَ اللَّهُ الْعَاضِهَةَ وَالْمُسْتَعْضِهَةَ " وَفُسِّرَ بِالسَّاحِرِ وَالْمُسْتَسْحِرَةِ ، فَأَصْلُهُ الْهَاءُ . وَقِيلَ : مِنَ الْعِضَهِ ، يُقَالُ : عَضَهَهُ عِضَهًا ، وَعَضِيهَةً : رَمَاهُ بِالْبُهْتَانِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : الْعِضَةُ : الْكَذِبُ وَالْبُهْتَانُ ، وَجَمْعُهَا عُضُونُ . وَذَهَبَ
الْفَرَّاءُ إِلَى أَنَّ عِضِينَ مِنَ الْعِضَاةِ ، وَهِيَ شَجَرَةٌ تُؤْذِي تَخْرُجُ كَالشَّوْكِ . وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَلْزَمُ الْيَاءَ وَيَجْعَلُ الْإِعْرَابَ فِي النُّونِ ، فَيَقُولُ : عِضِينُكَ ، كَمَا قَالُوا : سِنِينُكَ ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ فِي تَمِيمٍ وَأَسَدٍ . الصَّدْعُ : الشَّقُّ ، وَتَصَدَّعَ الْقَوْمُ تَفَرَّقُوا ، وَصَدَعْتُهُ فَانْصَدَعَ ، أَيْ : شَقَقْتُهُ فَانْشَقَّ . وَقَالَ
مُؤَرِّجٌ : أَصْدَعُ أَفْصِلُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : أَفْصِدُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=46ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=48لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=50وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ) : لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا أَعَدَّ لِأَهْلِ النَّارِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30395_30387ذَكَرَ مَا أَعَدَّ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ ، لِيُظْهِرَ تَبَايُنَ مَا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ . وَلَمَّا كَانَ حَالُ الْمُؤْمِنِينَ مُعْتَنًى بِهِ ، أَخْبَرَ أَنَّهُمْ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، جَعَلَ مَا يَسْتَقِرُّونَ فِيهِ فِي الْآخِرَةِ كَأَنَّهُمْ مُسْتَقِرُّونَ فِيهِ فِي الدُّنْيَا ، وَلِذَلِكَ جَاءَ : ( ادْخُلُوهَا ) عَلَى قِرَاءَةِ الْأَمْرِ ، لِأَنَّ مَنِ اسْتَقَرَّ فِي الشَّيْءِ لَا يُقَالُ لَهُ : أُدْخِلَ فِيهِ . وَجَاءَ حَالُ الْغَاوِينَ مَوْعُودًا بِهِ فِي قَوْلِهِ : ( لِمَوْعِدُهُمْ ) لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا . وَالْعُيُونُ : جَمْعٌ عَيْنٍ . وَقَرَأَ
نَافِعٌ ،
وَأَبُو عُمَرَ ،
وَحَفْصٌ ،
وَهِشَامٌ : وَعُيُونٌ ، بِضَمِّ الْعَيْنِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِكَسْرِهَا . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ : ( ادْخُلُوهَا ) مَاضِيًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مِنَ الْإِدْخَالِ . وَقَرَأَ
يَعْقُوبُ فِي رِوَايَةِ
رُوَيْسٍ كَذَلِكَ ، وَبِضَمِّ التَّنْوِينِ ، وَعَنْهُ فَتْحُهُ . وَمَا بَعْدَهُ أَمْرٌ عَلَى تَقْدِيرٍ : أَدْخِلُوهَا إِيَّاهُمْ ، مِنَ الْإِدْخَالِ ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِإِدْخَالِ الْمُتَّقِينَ الْجَنَّةَ ، وَتَسْقُطُ الْهَمْزَةُ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( ادْخُلُوهَا ) أَمْرٌ مِنَ الدُّخُولِ . فَعَلَى قِرَاءَتَيِ الْأَمْرِ ، ثَمَّ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : يُقَالُ لَهُمْ ، أَوْ يُقَالُ لِلْمَلَائِكَةِ . وَ ( بِسَلَامٍ ) فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : مَصْحُوبِينَ بِالسَّلَامَةِ ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : مُسَلَّمًا عَلَيْكُمْ ، أَيْ : مُحَيَّوْنَ ، كَمَا حُكِيَ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=30412الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَقُولُونَ : سَلَامٌ عَلَيْكُمْ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=28986وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ )
[ ص: 457 ] تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْأَعْرَافِ . قِيلَ : وَانْتَصَبَ إِخْوَانًا عَلَى الْحَالِ ، وَهِيَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ ، وَالْحَالُ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْمُولًا لِمَا أُضِيفَ عَلَى سَبِيلِ الرَّفْعِ أَوِ النَّصْبِ تَنْدُرُ ، فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُضَافُ جُزْءًا مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ كَهَذَا ، لِأَنَّ الصُّدُورَ بَعْضُ مَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ وَكَالْجُزْءِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) جَاءَتِ الْحَالُ مِنَ الْمُضَافِ . وَقَدْ قَرَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ . وَمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ لَهُ تَأْوِيلٌ غَيْرُ مَا ذَكَرُوا ، فَتَأْوِيلُهُ هُنَا أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَدْحِ ، وَالتَّقْدِيرُ : أَمْدَحُ إِخْوَانًا . لَمَّا لَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِلضَّمِيرِ قُطِعَ مِنْ إِعْرَابِهِ نَصْبًا عَلَى الْمَدْحِ ، وَقَدْ ذَكَرَ
أَبُو الْبَقَاءِ أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي الظَّرْفِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45فِي جَنَّاتٍ ، وَأَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ فِي : ادْخُلُوهَا ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي : آمِنِينَ .
وَمَعْنَى إِخْوَانًا : ذَوُو تَوَاصُلٍ وَتَوَادُدٍ . وَعَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ : حَالَانِ . وَالْقُعُودُ عَلَى السَّرِيرِ : دَلِيلٌ عَلَى الرِّفْعَةِ وَالْكَرَامَةِ التَّامَّةِ ، كَمَا قَالَ : يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ ، أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : عَلَى سُرُرٍ مُكَلَّلَةٍ بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالدُّرِّ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : مُتَقَابِلِينَ : مُتَسَاوِينَ فِي التَّوَاصُلِ وَالتَّزَاوُرِ . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ : لَا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى قَفَا بَعْضٍ ، تَدُورُ بِهِمُ الْأَسِرَّةُ حَيْثُ مَا دَارُوا ، فَيَكُونُونَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِمْ مُتَقَابِلِينَ ; انْتَهَى .
وَلَمَّا كَانَتِ الدُّنْيَا - مَحَلَّ تَعَبٍ بِمَا يُقَاسَى فِيهَا مِنْ طَلَبِ الْمَعِيشَةِ ، وَمُعَانَاةِ التَّكَالِيفِ الضَّرُورِيَّةِ لِحَيَاةِ الدُّنْيَا وَحَيَاةِ الْآخِرَةِ ، وَمُعَاشَرَةِ الْأَضْدَادِ ، وَعُرُوضِ الْآفَاتِ وَالْأَسْقَامِ ، وَمَحَلَّ انْتِقَالٍ مِنْهَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى - مَخُوفٌ أَمْرُهَا عِنْدَ الْمُؤْمِنِ ، لَا مَحَلَّ إِقَامَةٍ ، أَخْبَرَ تَعَالَى بِانْتِفَاءِ ذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=48لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ ) . وَإِذَا انْتَفَى الْمَسُّ ، انْتَفَتِ الدَّيْمُومَةُ . وَأَكَّدَ انْتِفَاءَ الْإِخْرَاجِ بِدُخُولِ الْبَاءِ فِي : بِمُخْرَجِينَ . وَقِيلَ : لِلثَّوَابِ أَرْبَعُ شَرَائِطَ : أَنْ يَكُونَ مَنَافِعَ ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ) مَقْرُونَةً بِالتَّعْظِيمِ ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=46ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ) خَالِصَةً عَنْ مَظَانِّ الشَّوَائِبِ الرُّوحَانِيَّةِ : كَالْحِقْدِ ، وَالْحَسَدِ ، وَالْغِلِّ ، وَالْجُسْمَانِيَّةِ كَالْإِعْيَاءِ ، وَالنَّصَبِ . وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : ( وَنَزَعْنَا ) إِلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=48لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ ) دَائِمَةٌ ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=48وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ) . وَعَنْ
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ : أَنَّ قَوْلَهُ ( وَنَزَعْنَا ) الْآيَةَ ، نَزَلَتْ فِي
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَالْغِلُّ : غِلُّ الْجَاهِلِيَّةِ . وَقِيلَ : كَانَتْ بَيْنَ
بَنِي تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ وَهَاشِمٍ أَضْغَانٌ ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا تَحَابُّوا . وَلَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَا فِي النَّارِ ، وَذِكْرُ مَا فِي الْجَنَّةِ ، أَكَّدَ تَعَالَى تَنْبِيهَ النَّاسِ . وَتَقْرِيرَ ذَلِكَ وَتَمْكِينَهُ فِي النَّفْسِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) . وَنَاسَبَ ذِكْرَ الْغُفْرَانِ وَالرَّحْمَةِ اتِّصَالُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45إِنَّ الْمُتَّقِينَ ) . وَتَقْدِيمًا لِهَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ اللَّذَيْنِ وَصَفَ بِهِمَا نَفْسَهُ ، وَجَاءَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=50وَأَنَّ عَذَابِي ) ، فِي غَايَةِ اللُّطْفِ إِذْ لَمْ يَقُلْ عَلَى وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ . وَأَنِّي الْمُعَذَّبُ الْمُؤْلَمُ ، كُلُّ ذَلِكَ تَرْجِيحٌ لِجِهَةِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ . وَسَدَّتْ ( أَنَّ ) مَسَدَّ مَفْعُولَيْ ( نَبِّئْ ) إِنْ قُلْنَا إِنَّهَا تَعَدَّتْ إِلَى ثَلَاثَةٍ ، وَمَسَدَّ وَاحِدٍ إِنْ قُلْنَا : تَعَدَّتْ إِلَى اثْنَيْنِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : ( غَفُورٌ ) لِمَنْ تَابَ ، وَعَذَابُهُ لِمَنْ لَمْ يَتُبْ . وَفِي قَوْلِهِ : ( نَبِّئْ ) الْآيَةَ ، تَرْجِيحُ جِهَةِ الْخَيْرِ مِنْ جِهَةِ أَمْرِهِ تَعَالَى رَسُولَهُ بِهَذَا التَّبْلِيغِ ، فَكَأَنَّهُ إِشْهَادٌ عَلَى نَفْسِهِ بِالْتِزَامِ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ . وَكَوْنُهُ أَضَافَ الْعِبَادَ إِلَيْهِ فَهُوَ تَشْرِيفٌ لَهُمْ ، وَتَأْكِيدُ اسْمِ أَنَّ بِقَوْلِهِ : أَنَا . وَإِدْخَالُ الْـ عَلَى هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ وَكَوْنُهُمَا جَاءَتَا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ وَالْبَدَاءَةِ بِالصِّفَةِ السَّارَّةِ أَوَّلًا وَهِيَ الْغُفْرَانُ ، وَاتِّبَاعُهَا بِالصِّفَةِ الَّتِي نَشَأَ عَنْهَا الْغُفْرَانُ وَهِيَ الرَّحْمَةُ . وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ : "
لَوْ يَعْلَمُ الْعَبْدُ قَدْرَ عَفْوِ اللَّهِ مَا تَوَرَّعَ عَنْ حَرَامٍ وَلَوْ يَعْلَمُ قَدْرَ عَذَابَهُ لَبَخَعَ نَفْسَهُ " وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنِ الْمُبَارَكِ بِإِسْنَادِهِ
أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَعَ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ بَنُو شَيْبَةَ وَنَحْنُ نَضْحَكُ فَقَالَ : " أَلَا أَرَاكُمْ تَضْحَكُونَ " ثُمَّ أَدْبَرَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْحَجَرِ ، رَجَعَ إِلَيْنَا الْقَهْقَرَى فَقَالَ : " جَاءَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ : يَقُولُ اللَّهُ لِمَ تَقْنَطُ عِبَادِي ( nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=49نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) " .
[ ص: 458 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=51وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=52إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَي nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=56قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا أَعَدَّ لِلْعَاصِينَ مِنَ النَّارِ ، وَلِلطَّائِعِينَ مِنَ الْجَنَّةِ ، ذَكَّرَ الْعَرَبَ بِأَحْوَالِ مَنْ يَعْرِفُونَهُ مِمَّنْ عَصَى وَكَذَبَ الرُّسُلَ فَحَلَّ بِهِ عَذَابُ الدُّنْيَا قَبْلَ عَذَابِ الْآخِرَةِ ، لِيَزْدَجِرُوا عَنْ كُفْرِهِمْ ، وَلِيَعْتَبِرُوا بِمَا حَلَّ بِغَيْرِهِمْ . فَبَدَأَ بِذِكْرِ جَدِّهِمُ الْأَعْلَى
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَمَا جَرَى لِقَوْمِ ابْنِ أَخِيهِ
لُوطٍ ، ثُمَّ بِذِكْرِ أَصْحَابِ الْحِجْرِ وَهُمْ قَوْمُ
صَالِحٍ ، ثُمَّ بِأَصْحَابِ الْأَيْكَةِ وَهُمْ قَوْمُ
شُعَيْبٍ . وَقَرَأَ
أَبُو حَيْوَةَ : وَنَبِيُّهُمْ بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ يَاءً . وَضَيْفُ
إِبْرَاهِيمَ : هُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ بَشَّرُوهُ بِالْوَلَدِ ، وَبِهَلَاكِ قَوْمِ
لُوطٍ . وَأُضِيفُوا إِلَى
إِبْرَاهِيمَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَضْيَافًا ، لِأَنَّهُمْ فِي صُورَةِ مَنْ كَانَ يَنْزِلُ بِهِ مِنَ الْأَضْيَافِ ، إِذْ كَانَ لَا يَنْزِلُ بِهِ أَحَدٌ إِلَّا ضَافَهُ ، وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا الضِّيفَانِ . وَكَانَ لِقَصْرِهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ ، مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بَابٌ ، لِئَلَّا يَفُوتَهُ أَحَدٌ . وَالضَّيْفُ أَصْلُهُ الْمَصْدَرُ ، وَالْأَفْصَحُ أَنْ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعَ لِلْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى تَكَلُّفِ إِضْمَارٍ كَمَا قَالَهُ
النَّحَّاسُ وَغَيْرُهُ مِنْ تَقْدِيرِ : أَصْحَابِ ضَيْفٍ . وَسَلَامًا مُقْتَطِعٌ مِنْ جُمْلَةٍ مَحْكِيَّةٍ بِقَالُوا ، فَلَيْسَ مَنْصُوبًا بِهِ ، وَالتَّقْدِيرُ : سَلَّمْتُ سَلَامًا مِنَ السَّلَامَةِ ، أَوْ سَلَّمْنَا سَلَامًا مِنَ التَّحِيَّةِ . وَقِيلَ : سَلَامًا : نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : فَقَالُوا قَوْلًا سَلَامًا ، وَتَصْرِيحُهُ هُنَا بِأَنَّهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ ، كَانَ بَعْدَ تَقْرِيبِهِ إِلَيْهِمْ مَا أَضَافَهُمْ بِهِ وَهُوَ الْعِجْلُ الْحَنِيذُ ، وَامْتِنَاعُهُمْ مِنَ الْأَكْلِ وَفِي هُودٍ أَنَّهُ أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً ، فَيُمْكِنُ أَنَّ هَذَا التَّصْرِيحَ كَانَ بَعْدَ إِيجَاسِ الْخِيفَةِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ هُنَا مَجَازًا بِأَنَّهُ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ مَخَايِلُ الْخَوْفِ حَتَّى صَارَ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ الْقَائِلِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=53لَا تَوْجَلْ ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ : بِضَمِّ التَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مِنَ الْإِيجَالِ . وَقُرِئَ : لَا تَاجَلْ ، بِإِبْدَالِ الْوَاوِ أَلِفًا كَمَا قَالُوا : تَابَةٌ فِي تَوْبَةٍ . وَقُرِئَ : لَا تُوَاجِلْ مِنْ وَاجَلَهُ بِمَعْنَى أَوْجَلَهُ . إِنَّا نُبَشِّرُكَ : اسْتِئْنَافٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِلنَّهْيِ عَنِ الْوَجِلِ ، أَيْ : إِنَّكَ بِمَثَابَةِ الْآمِنِ الْمُبَشِّرِ فَلَا تَوْجَلْ . وَالْمُبَشَّرُ بِهِ هُوَ
إِسْحَاقُ ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ وُلِدَ لَهُ
إِسْمَاعِيلُ وَشَبَّ ، بَشَّرُوهُ بِأَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ ذَكَرٌ . وَالثَّانِي : وَصَفَهُ بِالْعِلْمِ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ . فَقِيلَ : النُّبُوَّةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=112وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا ) وَقِيلَ : عَلِيمٌ بِالدِّينِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجُ : بَشَّرْتُمُونِي ، بِغَيْرِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ ، وَعَلَى أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54مَسَّنِيَ الْكِبَرُ ) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ . وَقَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ : الْكُبْرُ ، بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ ، وَاسْتَنْكَرَ
إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُولَدَ لَهُ مَعَ الْكِبَرِ . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=54فَبِمَ تُبَشِّرُونِ ، تَأْكِيدُ اسْتِبْعَادٍ وَتَعَجُّبٍ ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةُ رُسُلِ اللَّهِ إِلَيْهِ ، فَلِذَلِكَ اسْتَفْهَمَ ، وَاسْتَنْكَرَ أَنْ يُولَدَ لَهُ . وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ رُسُلُ اللَّهِ مَا تَعَجَّبَ وَلَا اسْتَنْكَرَ ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عِيَانًا كَيْفَ أَحْيَا الْمَوْتَى . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : كَأَنَّهُ قَالَ : فَبِأَيِّ أُعْجُوبَةٍ تُبَشِّرُونِي ، أَوْ أَرَادَ أَنَّكُمْ تُبَشِّرُونَنِي بِمَا هُوَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْعَادَةِ ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ تُبَشِّرُونَ ؟ يَعْنِي : لَا تُبَشِّرُونِي فِي الْحَقِيقَةِ بِشَيْءٍ ، لِأَنَّ الْبِشَارَةَ بِمِثْلِ هَذَا بِشَارَةٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ . وَيَجُوزُ أَنْ لَا تَكُونَ صِلَةً لِبَشَرٍ ، وَيَكُونُ سُؤَالًا عَلَى الْوَجْهِ وَالطَّرِيقَةِ ، يَعْنِي : بِأَيِّ طَرِيقَةٍ تُبَشِّرُونَنِي بِالْوَلَدِ ، وَالْبِشَارَةُ بِهِ لَا طَرِيقَةَ لَهَا فِي الْعَادَةِ ; انْتَهَى . وَكَأَنَّهُ قَالَ : أَعَلَى وَصْفِي بِالْكِبَرِ ، أَمْ عَلَى أَنِّي أُرَدُّ إِلَى الشَّبَابِ ؟ وَقِيلَ : لَمَّا اسْتَطَابَ الْبِشَارَةَ أَعَادَ السُّؤَالَ ، وَيُضْعِفُ هَذَا قَوْلَهُمْ لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ : تُبَشِّرُونِّي بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ وَيَاءِ الْمُتَكَلِّمِ ، أَدْغَمَ نُونَ الرَّفْعِ فِي نُونِ الْوِقَايَةِ .
وَابْنُ كَثِيرٍ : بِشَدِّهَا مَكْسُورَةً دُونَ يَاءٍ .
وَنَافِعٌ يَكْسِرُهَا مُخَفَّفَةً ، وَغَلَّطَهُ
أَبُو حَاتِمٍ وَقَالَ : هَذَا يَكُونُ فِي الشِّعْرِ اضْطِرَارًا ، وَخُرِّجَتْ عَلَى أَنَّهُ حَذَفَ نُونَ الْوِقَايَةِ وَكَسَرَ نُونَ الرَّفْعِ لِلْيَاءِ ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْيَاءُ لِدَلَالَةِ الْكَسْرَةِ عَلَيْهَا . وَقَالُوا هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ :
يَسُوءُ الْقَالِبَاتِ إِذَا قَلَيْنِي
وَقَوْلِ الْآخَرِ :
لَا أَبَاكِ تُخَوِّفِينِي
وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ : بِفَتْحٍ
[ ص: 459 ] وَهِيَ عَلَامَةُ الرَّفْعِ . قَالَ
الْحَسَنُ : فَبِمَ تُبَشِّرُونَ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِقَارِ وَقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِالْمُبَشِّرَاتِ لِمُضِيِّ الْعُمْرِ وَاسْتِيلَاءِ الْكِبَرِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : عَجِبَ مِنْ كِبْرِهِ وَكِبَرِ امْرَأَتِهِ ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ سِنِّهِ وَقْتَ الْبِشَارَةِ . وَبِالْحَقِّ : أَيْ بِالْيَقِينِ الَّذِي لَا لَبْسَ فِيهِ ، أَوْ بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ ، وَهِيَ قَوْلُ اللَّهِ وَوَعْدُهُ وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُوجِدَ وَلَدًا مِنْ غَيْرِ أَبَوَيْنِ ، فَكَيْفَ مِنْ شَيْخٍ فَانٍ ، وَعَجُوزٍ عَاقِرٍ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابْنُ وَثَّابٍ ،
وَطَلْحَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ، وَرُوِيَتْ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو : مِنَ الْقَنْطِينِ ، مِنْ قَنِطَ يَقْنَطُ . وَقَرَأَ النَّحْوِيَّانِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : وَمَنْ يَقْنَطُ . وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ فِي ضِمْنِهِ النَّفْيُ ، وَلِذَلِكَ دَخَلَتْ ( إِلَّا ) فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=56إِلَّا الضَّالُّونَ ) وَقَوْلُهُمْ لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=55فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ ) نَهْيٌ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَدُلُّ عَلَى تَلَبُّسِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِهِ وَلَا بِمُقَارَنَتِهِ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=56وَمَنْ يَقْنَطُ ) رَدٌّ عَلَيْهِمْ ، وَأَنَّ الْمُحَاوَرَةَ فِي الْبِشَارَةِ لَا تَدُلُّ عَلَى الْقُنُوطِ ، بَلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِبْعَادِ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ . وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ هِبَةَ الْوَلَدِ عَلَى الْكِبَرِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، إِذْ يَشُدُّ عَضُدَ وَالِدِهِ بِهِ وَيُؤَازِرُهُ حَالَةَ كَوْنِهِ لَا يَسْتَقِلُّ وَيَرِثُ مِنْهُ عِلْمَهُ وَدِينَهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28986قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=58قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=60إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=61فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=62قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=63قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=64وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=65فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=66وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ) : لَمَّا بَشَّرُوهُ بِالْوَلَدِ رَاجَعُوهُ فِي ذَلِكَ ، عَلِمَ أَنَّهُمْ مَلَائِكَةُ اللَّهِ وَرُسُلُهُ ، فَاسْتَفْهَمَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=57فَمَا خَطْبُكُمْ الْخَطْبُ لَا يَكَادُ يُقَالُ إِلَّا فِي الْأَمْرِ الشَّدِيدِ ، فَأَضَافَهُ إِلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُمْ حَامِلُوهُ إِلَى أُولَئِكَ الْقَوْمِ الْمُعَذَّبِينَ . وَنَكَّرَ قَوْمًا وَصِفَتَهُمْ تَقْلِيلًا لَهُمْ وَاسْتِهَانَةً بِهِمْ ، وَهُمْ قَوْمُ
لُوطٍ أَهْلِ مَدِينَةِ
سَدُومَ [ ص: 460 ] وَالْمَعْنَى : أَرْسَلْنَا بِالْهَلَاكِ . وَإِلَّا
آلَ لُوط : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي مُجْرِمِينَ وَالتَّقْدِيرُ : أَجْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَّا
آلَ لُوطٍ ، فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا ، وَالْمَعْنَى : إِلَّا
آلَ لُوطٍ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُجْرِمُوا . وَيَكُونُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ، اسْتِئْنَافُ إِخْبَارٍ عَنْ نَجَاتِهِمْ ، وَذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ لَمْ يُجْرِمُوا ، وَيَكُونُ حُكْمُ الْإِرْسَالِ مُنْسَحِبًا عَلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ وَعَلَى
آلِ لُوطٍ لِإِهْلَاكِ هَؤُلَاءِ ، وَإِنْجَاءِ هَؤُلَاءِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ، لِأَنَّ
آلَ لُوطٍ ، وَلَا عَلَى عُمُومِ الشُّمُولِ لِتَنْكِيرِ قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ، وَلِانْتِفَاءِ وَصْفِ الْإِجْرَامِ عَنْ
آلِ لُوطٍ . وَإِذَا كَانَ اسْتِثْنَاءً فَهُوَ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ النَّصْبُ ، لِأَنَّهُ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ بِوَجْهِ الْعَامِلِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى فِيهِ ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُرْسَلُوا إِلَيْهِمْ أَصْلًا ، وَإِنَّمَا أُرْسِلُوا إِلَى الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ خَاصَّةً . وَيَكُونُ قَوْلُهُ : إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ جَرَى مَجْرَى خَبَرِ لَكِنَّ فِي اتِّصَالِهِ
بِآلِ لُوطٍ ، لِأَنَّ الْمَعْنَى : لَكِنَّ
آلَ لُوط مُنْجَوْنَ . وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ الْمُقَدَّرِ بَلَكِنَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا أَنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ ، وَأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ لِجَرَيَانِ إِلَّا وَتَقْدِيرِهَا بَلَكِنَّ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : فَقَوْلُهُ : إِلَّا امْرَأَتَهُ مِمَّ اسْتَثْنَى ، وَهَلْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنِ اسْتِثْنَاءٍ ؟ ( قُلْتُ ) : اسْتُثْنِيَ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ : لَمُنَجُّوهُمْ ، وَلَيْسَ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي شَيْءٍ ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا اتَّحَدَ الْحُكْمُ فِيهِ ، وَأَنْ يُقَالَ : أَهْلَكْنَاهُمْ إِلَّا
آلَ لُوطٍ إِلَى امْرَأَتِهِ ، كَمَا اتَّحَدَ الْحُكْمُ فِي قَوْلِ الْمُطَلِّقِ : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا اثْنَتَيْنِ إِلَّا وَاحِدَةً ، وَفِي قَوْلِ الْمُقِرِّ لِفُلَانٍ : عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إِلَّا ثَلَاثَةً إِلَّا دِرْهَمًا . فَأَمَّا فِي الْآيَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْحُكْمَانِ ، لِأَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إِلَّا آلَ لُوطٍ ) مُتَعَلِّقٌ بِأَرْسَلْنَا أَوْ بِمُجْرِمِينَ ، وَإِلَّا امْرَأَتَهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِمُنَجُّوهُمْ ، فَأَنَّى يَكُونُ اسْتِثْنَاءً مِنِ اسْتِثْنَاءٍ ; انْتَهَى . وَلَمَّا اسْتَسْلَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ إِلَّا امْرَأَتَهُ مُسْتَثْنًى مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي لَمُنَجُّوهُمْ ، لَمْ يُجَوِّزْ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنِ اسْتِثْنَاءٍ . وَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ فَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ كَلَامِهِ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الضَّمِيرُ فِي لَمُنَجُّوهُمْ عَائِدٌ عَلَى
آلِ لُوطٍ ، وَقَدِ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَرْأَةَ ، صَارَ كَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ
آلِ لُوطٍ ، لِأَنَّ الْمُضْمَرَ هُوَ الظَّاهِرُ فِي الْمَعْنَى . وَالْوَجْهُ الْآخَرُ : أَنَّ قَوْلَهُ : إِلَّا
آلَ لُوطٍ ، لَمَّا حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ الْحُكْمِ عَلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ اقْتَضَى ذَلِكَ نَجَاتَهُمْ ، فَجَاءَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=59إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ) تَأْكِيدًا لِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ ، إِذِ الْمَعْنَى : إِلَّا
آلَ لُوطٍ ، فَلَمْ يُرْسِلْ إِلَيْهِمْ بِالْعَذَابِ ، وَنَجَاتُهُمْ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى عَدَمِ الْإِرْسَالِ إِلَيْهِمْ بِالْعَذَابِ ، فَصَارَ نَظِيرَ قَوْلِكَ : قَامَ الْقَوْمُ إِلَّا زَيْدًا ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ وَإِلَّا زَيْدًا لَمْ يَقُمْ . فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَأْكِيدٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْحُكْمِ عَلَى مَا بَعْدَ إِلَّا بِضِدِّ الْحُكْمِ السَّابِقِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ، فَإِلَّا امْرَأَتَهُ ، عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ
آلِ لُوطٍ ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِمَّا جِيءَ بِهِ لِلتَّأْسِيسِ أَوْلَى مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا جِيءَ بِهِ لِلتَّأْكِيدِ .
وَقَرَأَ الْأَخَوَانِ : لَمُنَجُّوهُمْ ، بِالتَّخْفِيفِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالتَّشْدِيدِ . وَقَرَأَ
أَبُو بَكْرٍ : قَدَرْنَا ، بِالتَّخْفِيفِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالتَّشْدِيدِ ، وَكُسِرَتْ إِنَّهَا إِجْرَاءً لِفِعْلِ التَّقْدِيرِ مَجْرَى الْعِلْمِ ، إِمَّا لِكَوْنِهِ بِمَعْنَاهُ ، وَإِمَّا لِتَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ . وَأَسْنَدُوا التَّقْدِيرَ إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَقُولُوا : قَدَّرَ اللَّهُ ، لِأَنَّهُمْ هُمُ الْمَأْمُورُونَ بِإِهْلَاكِهِمْ ، كَمَا يَقُولُ مَنْ يَلُوذُ بِالْمَلِكِ وَمَنْ هُوَ مُتَصَرِّفٌ بِأَوَامِرِهِ : أَمَرَنَا بِكَذَا ، وَالْآمِرُ هُوَ الْمَلِكُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لِمَا لَهُمْ مِنَ الْقُرْبِ وَالِاخْتِصَاصِ بِاللَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرِهِمْ ; انْتَهَى . فَأَدْرَجَ مَذْهَبَ الِاعْتِزَالِ فِي تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ فِي غُضُونِ كَلَامِهِ ، وَوَصَفَ قَوْمٌ
[ ص: 461 ] بِمُنْكِرُونَ لِأَنَّهُ نَكِرَتْهُمْ نَفْسُهُ وَنَفَرَتْ مِنْهُمْ ، وَخَافَ أَنْ يَطْرُقُوهُ بِشَرٍّ . وَبَلْ إِضْرَابٌ عَنْ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ : مَا جِئْنَاكَ بِشَيْءٍ تَخَافُهُ ، بَلْ جِئْنَاكَ بِالْعَذَابِ لِقَوْمِكَ ، إِذْ كَانُوا يَمْتَرُونَ فِيهِ ، أَيْ : يَشُكُّونَ فِي وُقُوعِهِ ، أَوْ يُجَادِلُونَكَ فِيهِ تَكْذِيبًا لَكَ بِمَا وَعَدَتْهُمْ عَنِ اللَّهِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَكِرَهُمْ لِكَوْنِهِمْ لَيْسُوا بِمَعْرُوفِينَ فِي هَذَا الْقُطْرِ ، فَخَافَ الْهُجُومَ مِنْهُمْ عَلَيْهِ ، أَوْ أَنْ يَتَعَرَّضَ إِلَيْهِمْ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِهِ إِذْ كَانُوا فِي صُورَةِ شَبَابٍ حِسَانٍ مُرْدٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=64وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ : أَيْ : بِالْيَقِينِ مِنْ عَذَابِهِمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=64وَإِنَّا لَصَادِقُونَ فِي الْإِخْبَارِ لِحُلُولِهِ بِهِمْ . وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْقِرَاءَةِ فِي فَأَسْرِ . وَرَوَى صَاحِبُ الْإِقْلِيدِ : فُسِّرَ مِنَ السَّيْرِ ، وَحَكَاهَا
ابْنُ عَطِيَّةَ وَصَاحِبُ اللَّوَامِحِ عَنِ
الْيَمَانِيِّ . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=17150الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّ فِرْقَةً قَرَأَتْ بِقَطْعٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْقَطْعِ وَفِي الِالْتِفَاتِ فِي سُورَةِ هُودٍ . وَخَطَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ هُنَا فَقَالَ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : مَا مَعْنَى أَمْرِهِ بِاتِّبَاعِ أَدْبَارِهِمْ ، وَنَهْيِهِمْ عَنِ الِالْتِفَاتِ ؟ ( قُلْتُ ) : قَدْ بَعَثَ اللَّهُ الْهَلَاكَ عَلَى قَوْمِهِ وَنَجَّاهُ وَأَهْلَهُ ، إِجَابَةً لِدَعْوَتِهِ عَلَيْهِمْ ، وَخَرَجَ مُهَاجِرًا فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي شُكْرِ اللَّهِ وَإِدَامَةِ ذِكْرِهِ وَتَفْرِيغِ بَالِهِ ، لِذَلِكَ فَأَمَرَ بِأَنْ يُقَدِّمَهُمْ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِمَنْ خَلْفَهُ قَلْبُهُ ، وَلِيَكُونَ مُطَّلِعًا عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَهْوَالِهِمْ ، فَلَا يُفَرِّطُ مِنْهُمُ الْتِفَاتَةٌ احْتِشَامًا مِنْهُ وَلَا غَيْرُهَا مِنَ الْهَفَوَاتِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْمَهُولَةِ الْمَحْذُورَةِ ، وَلِئَلَّا يَتَخَلَّفَ مِنْهُمْ أَحَدٌ لِغَرَضٍ لَهُ فَيُصِيبَهُ ، وَلِيَكُونَ مَسِيرُهُ مَسِيرَ الْهَارِبِ الَّذِي تَقَدَّمَ سَرْيُهُ وَتَفَوَّتَ بِهِ .
وَحَيْثُ تُؤْمَرُونَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ :
الشَّامُ . وَقِيلَ : مَوْضِعُ نَجَاةٍ غَيْرُ مَعْرُوفٍ . وَقِيلَ : مِصْرُ . وَقِيلَ : إِلَى
أَرْضِ الْخَلِيلِ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ
الْيَقِينُ . وَحَيْثُ عَلَى بَابِهَا مِنْ أَنَّهَا ظَرْفُ مَكَانٍ ، وَادِّعَاءٌ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ هُنَا ظَرْفَ زَمَانٍ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ أَمْرٌ إِلَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=65فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ : حَيْثُ تُؤْمَرُ ، ضَعِيفٌ . وَلَفْظُ تُؤْمَرُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، إِذْ كَانَ يَكُونُ التَّرْكِيبُ مِنْ حَيْثُ أُمِرْتُمْ ، وَحَيْثُ مِنَ الظُّرُوفِ الْمَكَانِيَّةِ الْمُبْهَمَةِ ، وَلِذَلِكَ يَتَعَدَّى إِلَيْهَا الْفِعْلُ وَهُوَ : امْضُوا بِنَفْسِهِ ، تَقُولُ : قَعَدْتُ حَيْثُ قَعَدَ زَيْدٌ ، وَجَاءَ فِي الشِّعْرِ دُخُولُ ( فِي ) عَلَيْهَا . قَالَ الشَّاعِرُ :
فَأَصْبَحَ فِي حَيْثُ الْتَقَيْنَا شَرِيدُهُمْ طَلِيقٌ وَمَكْتُوفُ الْيَدَيْنِ وَمُرْعِفُ
وَلَمَّا ضَمَّنَ ( قَضَيْنَا ) مَعْنَى أَوْحَيْنَا ، تَعَدَّتْ تَعَدِّيَهَا بِإِلَى ، أَيْ : وَأَوْحَيْنَا إِلَى
لُوطٍ مَقْضِيًّا مَبْتُوتًا ، وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَعَدَهُ تَعَالَى مِنْ إِهْلَاكِ قَوْمِهِ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=66أَنَّ دَابِرَ ) : تَفْخِيمٌ لِلْأَمْرِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَهُ
الْأَخْفَشُ ، أَوْ عَلَى إِسْقَاطِ الْبَاءِ ، أَيْ : بِأَنَّ دَابِرًا ; قَالَهُ
الْفَرَّاءُ ، وَجَوَّزَهُ
الْحَوْفِيُّ . وَأَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ كِنَايَةً عَنِ الِاسْتِئْصَالِ . وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِهِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ) وَ مُصْبِحِينَ : دَاخِلِينَ فِي الصَّبَاحِ ، وَهُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِّ فِي مَقْطُوعٍ عَلَى الْمَعْنَى ، وَلِذَلِكَ جَمَعَهُ وَقَدَّرَهُ
الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدٍ : إِذَا كَانُوا مُصْبِحِينَ ، كَمَا تَقُولُ : أَنْتَ رَاكِبًا أَحْسَنُ مِنْكَ مَاشِيًا ، فَإِنْ كَانَ تَفْسِيرَ مَعْنًى فَصَحِيحٌ ، وَإِنْ أَرَادَ الْإِعْرَابَ فَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى هَذَا التَّقْدِيرِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : إِنَّ دَابِرَ ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، لَمَّا ضَمَّنَ قَضَيْنَا مَعْنَى أَوْحَيْنَا ، فَكَانَ الْمَعْنَى : أَعْلَمْنَا ، عَلَّقَ الْفِعْلَ فَكَسَرَ إِنَّ ، أَوْ لِمَا كَانَ الْقَضَاءُ بِمَعْنَى الْإِيحَاءِ مَعْنَاهُ الْقَوْلُ كَسْرَانِ ، وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ
عَبْدِ اللَّهِ . وَقُلْنَا : إِنَّ دَابِرَ وَهِيَ قِرَاءَةُ تَفْسِيرٍ لَا قُرْآنٍ ، لِمُخَالَفَتِهَا السَّوَادَ . وَالْمَدِينَةُ :
سَدُومُ ، وَهِيَ الَّتِي ضُرِبَ بِقَاضِيهَا الْمَثَلُ فِي الْجَوْرِ .