[ ص: 440 ] النوع التاسع والثلاثون  
في معرفة  الوجوه والنظائر   
صنف فيها قديما   مقاتل بن سليمان  ، ومن المتأخرين   ابن الجوزي  ،  وابن الدامغاني  ،  وأبو الحسين محمد بن عبد الصمد المصري  ،  وابن فارس  ، وآخرون .  
فالوجوه : للفظ المشترك الذي يستعمل في عدة معان كلفظ الأمة . وقد أفردت في هذا الفن كتابا سميته : [ معترك الأقران في مشترك القرآن ] .  
والنظائر كالألفاظ المتواطئة .  
وقيل : النظائر في اللفظ ، والوجوه في المعاني .  
وضعف ; لأنه لو أريد هذا لكان الجمع في الألفاظ المشتركة ، وهم يذكرون في تلك الكتب اللفظ الذي معناه واحد في مواضع كثيرة ، فيجعلون الوجوه نوعا لأقسام ، والنظائر نوعا آخر .  
وقد جعل بعضهم ذلك من أنواع معجزات القرآن ، حيث كانت الكلمة الواحدة تنصرف إلى عشرين وجها وأكثر وأقل ، ولا يوجد ذلك في كلام البشر .  
وذكر  مقاتل  في صدر كتابه حديثا مرفوعا : "  لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة     " .  
قلت هذا أخرجه  ابن سعد  وغيره عن   أبي الدرداء  موقوفا ، ولفظه : " لا يفقه الرجل كل الفقه " . وقد فسره بعضهم بأن المراد : أن يرى اللفظ الواحد يحتمل معاني متعددة ، فيحمله عليها إذا كانت غير متضادة ولا يقتصر به على معنى واحد .  
 [ ص: 441 ] وأشار آخرون إلى أن المراد به استعمال الإشارات الباطنة ، وعدم الاقتصار على التفسير الظاهر .  
وقد أخرجه   ابن عساكر  في تاريخه ، من طريق   حماد بن زيد  ، عن  أيوب  عن  أبي قلابة  ، عن   أبي الدرداء  ، قال :  إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها     .  
قال  حماد     : فقلت  لأيوب  أرأيت قوله : حتى ترى للقرآن وجوها ، أهو أن يرى له وجوها فيهاب الإقدام عليه ؟ قال : نعم ، هو هذا .  
وأخرج  ابن سعد  ، من طريق  عكرمة  ،  عن   ابن عباس  أن   علي بن أبي طالب  أرسله إلى  الخوارج   ، فقال : اذهب إليهم فخاصمهم ، ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذو وجوه ، ولكن خاصمهم بالسنة .  
وأخرج من وجه آخر أن   ابن عباس  قال له : يا أمير المؤمنين ، فأنا أعلم بكتاب الله منهم ، في بيوتنا نزل . قال : صدقت ، ولكن القرآن حمال ذو وجوه ، تقول ويقولون ، ولكن خاصمهم بالسنن ، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا . فخرج إليهم فخاصمهم بالسنن فلم تبق بأيديهم حجة     .  
				
						
						
