[ ص: 647 ] النوع السابع والأربعون
في ناسخه ومنسوخه
أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون ، منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام ،
nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود السجستاني ،
nindex.php?page=showalam&ids=12940وأبو جعفر النحاس nindex.php?page=showalam&ids=12590وابن الأنباري ،
ومكي ،
وابن العربي ، وآخرون .
قال الأئمة : لا يجوز لأحد أن يفسر كتاب الله إلا بعد أن يعرف منه
nindex.php?page=treesubj&link=28913_28959الناسخ والمنسوخ .
وقد قال
علي لقاص : أتعرف الناسخ من المنسوخ ؟ قال : لا ، قال : هلكت وأهلكت .
وفي هذا النوع مسائل :
الأولى : يرد
nindex.php?page=treesubj&link=22169النسخ بمعنى الإزالة ، ومنه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=52فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته [ الحج : 52 ] .
وبمعنى التبديل ، ومنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وإذا بدلنا آية مكان آية [ النحل : 101 ] .
وبمعنى التحويل ، كتناسخ المواريث ، بمعنى تحويل الميراث من واحد إلى واحد .
[ ص: 648 ] وبمعنى النقل من موضع إلى موضع ، ومنه : نسخت الكتاب ، إذا نقلت ما فيه ، حاكيا للفظه وخطه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي : وهذا الوجه لا يصح أن يكون في القرآن ، وأنكر على
النحاس إجازته ذلك ، محتجا بأن الناسخ فيه لا يأتي بلفظ المنسوخ ; وأنه إنما يأتي بلفظ آخر .
وقال
السعيدي : يشهد لما قاله
النحاس قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون [ الجاثية : 29 ] . وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم [ الزخرف : 4 ] .
ومعلوم أن ما نزل من الوحي نجوما جميعه في أم الكتاب ، وهو اللوح المحفوظ ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=78في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون [ الواقعة : 78 - 79 ] .
الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=22189النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكم ، منها التيسير .
وقد
nindex.php?page=treesubj&link=22177_22176أجمع المسلمون على جوازه ، وأنكره اليهود ظنا منهم أنه بداء ، كالذي يرى الرأي ثم يبدو له ، وهو باطل ; لأنه بيان مدة الحكم كالإحياء بعد الإماتة وعكسه ، والمرض بعد الصحة وعكسه ، والفقر بعد الغنى وعكسه ، وذلك لا يكون بداء ، هكذا الأمر والنهي .
واختلف العلماء :
[ ص: 649 ] فقيل :
nindex.php?page=treesubj&link=27881لا ينسخ القرآن إلا بقرآن ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها [ البقرة : 106 ] قالوا : ولا يكون مثل القرآن وخيرا منه إلا قرآن .
وقيل : بل
nindex.php?page=treesubj&link=22218ينسخ القرآن بالسنة ، لأنها أيضا من عند الله ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى [ النجم : 3 ] .
وجعل منه آية الوصية الآتية .
والثالث : إذا كانت السنة بأمر الله من طريق الوحي نسخت ، وإن كانت باجتهاد فلا . حكاه ابن
حبيب النيسابوري في تفسيره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : حيث وقع نسخ القرآن بالسنة ، فمعها قرآن عاضد لها ، وحيث وقع نسخ السنة بالقرآن فمعه سنة عاضدة له ; ليتبين توافق القرآن والسنة .
وقد بسطت فروع هذه المسألة في شرح منظومة جمع الجوامع في الأصول .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=22205لا يقع النسخ إلا في الأمر والنهي ، ولو بلفظ الخبر . أما الخبر الذي ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ ، ومنه
nindex.php?page=treesubj&link=22206الوعد والوعيد .
وإذا عرفت ذلك عرفت فساد صنع من أدخل في كتب النسخ كثيرا من آيات الإخبار والوعد والوعيد .
الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=22194النسخ أقسام :
أحدها : نسخ المأمور به قبل امتثاله ، وهو النسخ على الحقيقة ، كآية النجوى .
الثاني : ما نسخ مما كان شرعا لمن قبلنا ، كآية شرع القصاص والدية ، أو كان أمر به أمرا جمليا كنسخ التوجه إلى
بيت المقدس بالكعبة ، وصوم عاشوراء برمضان ، وإنما يسمى هذا نسخا تجوزا .
الثالث : ما أمر به لسبب ، ثم يزول السبب كالأمر حين الضعف والقلة بالصبر والصفح ، ثم نسخ بإيجاب القتال . وهذا في الحقيقة ليس نسخا ، بل هو من قسم المنسإ ،
[ ص: 650 ] كما قال تعالى ( أو ننسها ) فالمنسأ : هو الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمون ، وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى ، وبهذا يضعف ما لهج به كثيرون من أن الآية في ذلك منسوخة بآية السيف ، وليس كذلك ، بل هي من المنسإ ، بمعنى أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما ، لعلة تقتضي ذلك الحكم ، ثم ينتقل بانتقال تلك العلة إلى حكم آخر ، وليس بنسخ ، إنما النسخ الإزالة للحكم حتى لا يجوز امتثاله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي : ذكر جماعة : أن
nindex.php?page=treesubj&link=22183ما ورد في الخطاب مشعر بالتوقيت والغاية ، مثل قوله في البقرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره [ البقرة : 109 ] محكم غير منسوخ ; لأنه مؤجل بأجل ، والمؤجل بأجل لا نسخ فيه .
الخامسة : قال بعضهم :
nindex.php?page=treesubj&link=27881_22178سور القرآن باعتبار الناسخ والمنسوخ أقسام :
قسم ليس فيه ناسخ ولا منسوخ : وهو ثلاثة وأربعون : سورة الفاتحة ، ويوسف ، ويس ، والحجرات ، والرحمن ، والحديد ، والصف ، والجمعة ، والتحريم ، والملك ، والحاقة ، ونوح ، والجن ، والمرسلات ، وعم ، والنازعات ، والانفطار ، وثلاث بعدها ، والفجر وما بعدها إلى آخر القرآن ; إلا التين ، والعصر ، والكافرون .
وقسم فيه الناسخ والمنسوخ : وهي خمسة وعشرون : البقرة وثلاث بعدها ، والحج ، والنور ، وتالياها ، والأحزاب ، وسبأ ، والمؤمن ، والشورى ، والذاريات ، والطور ، والواقعة ، والمجادلة ، والمزمل ، والمدثر ، وكورت ، والعصر .
وقسم فيه الناسخ فقط : وهو ست : الفتح ، والحشر ، والمنافقون ، والتغابن ، والطلاق ، والأعلى .
وقسم فيه المنسوخ فقط : وهو الأربعون الباقية . كذا قال ، وفيه نظر يعرف مما سيأتي .
السادسة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي :
nindex.php?page=treesubj&link=22209الناسخ أقسام :
فرض نسخ فرضا ، ولا يجوز العمل بالأول ، كنسخ الحبس للزواني بالحد .
وفرض نسخ فرضا ويجوز العمل بالأول ، كآية المصابرة .
[ ص: 651 ] وفرض نسخ ندبا كالقتال ، كان ندبا ثم صار فرضا .
وندب نسخ فرضا ، كقيام الليل ، نسخ بالقراءة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن [ المزمل : 20 ] .
السابعة : النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب :
أحدها :
nindex.php?page=treesubj&link=22211ما نسخ تلاوته وحكمه معا . قالت
عائشة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979737كان فيما أنزل : ( عشر رضعات معلومات ) فنسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهن مما يقرأ من القرآن . رواه الشيخان .
وقد تكلموا في قولها : ( وهن مما يقرأ ) : فإن ظاهره بقاء التلاوة ، وليس كذلك .
وأجيب بأن المراد : قارب الوفاة ، أو : أن التلاوة نسخت أيضا ، ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوفي وبعض الناس يقرؤها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري : نزلت ثم رفعت .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي : هذا المثال فيه المنسوخ غير متلو ، والناسخ أيضا غير متلو ، ولا أعلم له نظيرا . انتهى .
الضرب الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=22212ما نسخ حكمه دون تلاوته ; وهذا الضرب هو الذي فيه الكتب المؤلفة ، وهو على الحقيقة قليل جدا ، وإن أكثر الناس من تعداد الآيات فيه ; فإن المحققين منهم كالقاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12815أبي بكر بن العربي بين ذلك وأتقنه .
[ ص: 652 ] والذي أقوله أن الذي أورده المكثرون أقسام :
nindex.php?page=treesubj&link=22178قسم ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص : ولا له بهما علاقة بوجه من الوجوه . وذلك مثل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3ومما رزقناهم ينفقون [ البقرة : 3 ] . و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254أنفقوا مما رزقناكم [ البقرة : 254 ] ونحو ذلك .
قالوا : إنه منسوخ بآية الزكاة ، وليس كذلك بل هو باق .
أما الأولى : فإنها خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق ، وذلك يصلح أن يفسر بالزكاة ، وبالإنفاق على الأهل ، وبالإنفاق في الأمور المندوبة كالإعانة والإضافة ، وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة .
والآية الثانية : يصلح حملها على الزكاة ، وقد فسرت بذلك .
وكذا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=8أليس الله بأحكم الحاكمين [ التين : 8 ] قيل : إنها مما نسخ بآية السيف ، وليس كذلك ; لأنه تعالى أحكم الحاكمين أبدا ، لا يقبل هذا الكلام النسخ ، وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة .
وقوله في البقرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=83وقولوا للناس حسنا [ البقرة : 83 ] عده بعضهم من المنسوخ بآية السيف . وقد غلطه
ابن الحصار بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق ، فهو خبر لا نسخ فيه ، وقس على ذلك .
nindex.php?page=treesubj&link=22178_22171وقسم هو من قسم المخصوص ، لا من قسم المنسوخ : وقد اعتنى
ابن العربي بتحريره فأجاد ، كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إن الإنسان لفي خسر nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=3إلا الذين آمنوا [ العصر : 2 ، 3 - 3 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=224والشعراء يتبعهم الغاوون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=225ألم تر أنهم في كل واد يهيمون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=226وأنهم يقولون ما لا يفعلون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=227إلا الذين آمنوا [ الشعراء : 224 - 227 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره [ البقرة : 109 ] وغير ذلك من الآيات التي خصت باستثناء أو غاية . ، وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ .
ومنه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن [ البقرة : 221 ] . قيل : إنه نسخ بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب [ المائدة : 5 ] وإنما هو مخصوص به .
nindex.php?page=treesubj&link=22178وقسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا ، أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن : كإبطال نكاح نساء الآباء ، ومشروعية القصاص والدية ، وحصر الطلاق في الثلاث . وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب ، ولكن عدم إدخاله أقرب ، وهو
[ ص: 653 ] الذي رجحه
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي وغيره . ووجهوه : بأن ذلك لو عد في الناسخ لعد جميع القرآن منه ، إذ كله أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب . قالوا : وإنما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية . انتهى .
نعم ، النوع الأخير منه ، وهو رافع ما كان في أول الإسلام ، إدخاله أوجه من القسمين قبله .
إذا علمت ذلك : فقد خرج من الآيات التي أوردها المكثرون الجم الغفير ، مع آيات الصفح والعفو ، إن قلنا إن آية السيف لم تنسخها ، وبقي مما يصلح لذلك عدد يسير . وقد أفردته بأدلته في تأليف لطيف ، وها أنا أورده هنا محررا :
[ ص: 647 ] النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ
فِي نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ
أَفْرَدَهُ بِالتَّصْنِيفِ خَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ ، مِنْهُمْ :
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11998وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12940وَأَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ nindex.php?page=showalam&ids=12590وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ ،
وَمَكِّيٌّ ،
وَابْنُ الْعَرَبِيِّ ، وَآخَرُونَ .
قَالَ الْأَئِمَّةُ : لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَسِّرَ كِتَابَ اللَّهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَعْرِفَ مِنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28913_28959النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ .
وَقَدْ قَالَ
عَلِيٌّ لِقَاصٍ : أَتَعْرِفُ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ .
وَفِي هَذَا النَّوْعِ مَسَائِلُ :
الْأُولَى : يَرِدُ
nindex.php?page=treesubj&link=22169النَّسْخُ بِمَعْنَى الْإِزَالَةِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=52فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ [ الْحَجِّ : 52 ] .
وَبِمَعْنَى التَّبْدِيلِ ، وَمِنْهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ [ النَّحْلِ : 101 ] .
وَبِمَعْنَى التَّحْوِيلِ ، كَتَنَاسُخِ الْمَوَارِيثِ ، بِمَعْنَى تَحْوِيلِ الْمِيرَاثِ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى وَاحِدٍ .
[ ص: 648 ] وَبِمَعْنَى النَّقْلِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ ، وَمِنْهُ : نَسَخْتُ الْكِتَابَ ، إِذَا نَقَلْتُ مَا فِيهِ ، حَاكِيًا لِلَفْظِهِ وَخَطِّهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ : وَهَذَا الْوَجْهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ ، وَأَنْكَرَ عَلَى
النَّحَّاسِ إِجَازَتَهُ ذَلِكَ ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ النَّاسِخَ فِيهِ لَا يَأْتِي بِلَفْظِ الْمَنْسُوخِ ; وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَأْتِي بِلَفْظٍ آخَرَ .
وَقَالَ
السَّعِيدِيُّ : يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ
النَّحَّاسُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=29إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [ الْجَاثِيَةِ : 29 ] . وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=4وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [ الزُّخْرُفِ : 4 ] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا نَزَلَ مِنَ الْوَحْيِ نُجُومًا جَمِيعُهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ ، وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=78فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [ الْوَاقِعَةِ : 78 - 79 ] .
الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=22189النَّسْخُ مِمَّا خَصَّ اللَّهُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ لِحِكَمٍ ، مِنْهَا التَّيْسِيرُ .
وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=22177_22176أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِهِ ، وَأَنْكَرَهُ الْيَهُودُ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ بَدَاءٌ ، كَالَّذِي يَرَى الرَّأْيَ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ ، وَهُوَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ بَيَانُ مُدَّةِ الْحُكْمِ كَالْإِحْيَاءِ بَعْدَ الْإِمَاتَةِ وَعَكْسِهِ ، وَالْمَرَضِ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَعَكْسِهِ ، وَالْفَقْرِ بَعْدَ الْغِنَى وَعَكْسِهِ ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ بَدَاءً ، هَكَذَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ :
[ ص: 649 ] فَقِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=27881لَا يُنْسَخُ الْقُرْآنُ إِلَّا بِقُرْآنٍ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا [ الْبَقَرَةِ : 106 ] قَالُوا : وَلَا يَكُونُ مِثْلَ الْقُرْآنِ وَخَيْرًا مِنْهُ إِلَّا قُرْآنٌ .
وَقِيلَ : بَلْ
nindex.php?page=treesubj&link=22218يُنْسَخُ الْقُرْآنُ بِالسُّنَّةِ ، لِأَنَّهَا أَيْضًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى [ النَّجْمِ : 3 ] .
وَجُعِلَ مِنْهُ آيَةُ الْوَصِيَّةِ الْآتِيَةُ .
وَالثَّالِثُ : إِذَا كَانَتِ السُّنَّةُ بِأَمْرِ اللَّهِ مِنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ نَسَخَتْ ، وَإِنْ كَانَتْ بِاجْتِهَادٍ فَلَا . حَكَاهُ ابْنُ
حَبِيبٍ النَّيْسَابُورِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : حَيْثُ وَقَعَ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ ، فَمَعَهَا قُرْآنٌ عَاضِدٌ لَهَا ، وَحَيْثُ وَقَعَ نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ فَمَعَهُ سُنَّةٌ عَاضِدَةٌ لَهُ ; لِيَتَبَيَّنَ تَوَافُقُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ .
وَقَدْ بُسِطَتْ فُرُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ فِي الْأُصُولِ .
الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=22205لَا يَقَعُ النَّسْخُ إِلَّا فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، وَلَوْ بِلَفْظِ الْخَبَرِ . أَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي لَيْسَ بِمَعْنَى الطَّلَبِ فَلَا يَدْخُلُهُ النَّسْخُ ، وَمِنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=22206الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ .
وَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ عَرَفْتَ فَسَادَ صُنْعِ مَنْ أَدْخَلَ فِي كُتُبِ النَّسْخِ كَثِيرًا مِنْ آيَاتِ الْإِخْبَارِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ .
الرَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=22194النَّسْخُ أَقْسَامٌ :
أَحَدُهَا : نَسْخُ الْمَأْمُورِ بِهِ قَبْلَ امْتِثَالِهِ ، وَهُوَ النَّسْخُ عَلَى الْحَقِيقَةِ ، كَآيَةِ النَّجْوَى .
الثَّانِي : مَا نُسِخَ مِمَّا كَانَ شَرْعًا لِمَنْ قَبْلَنَا ، كَآيَةِ شَرْعِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ ، أَوْ كَانَ أُمِرَ بِهِ أَمْرًا جُمْلِيًّا كَنَسْخِ التَّوَجُّهِ إِلَى
بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالْكَعْبَةِ ، وَصَوْمِ عَاشُورَاءَ بِرَمَضَانَ ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى هَذَا نَسْخًا تَجَوُّزًا .
الثَّالِثُ : مَا أُمِرَ بِهِ لِسَبَبٍ ، ثُمَّ يَزُولُ السَّبَبُ كَالْأَمْرِ حِينَ الضَّعْفِ وَالْقِلَّةِ بِالصَّبْرِ وَالصَّفْحِ ، ثُمَّ نُسِخَ بِإِيجَابِ الْقِتَالِ . وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ نَسْخًا ، بَلْ هُوَ مِنْ قِسْمِ الْمُنْسَإِ ،
[ ص: 650 ] كَمَا قَالَ تَعَالَى ( أَوْ نُنْسِهَا ) فَالْمُنْسَأُ : هُوَ الْأَمْرُ بِالْقِتَالِ إِلَى أَنْ يَقْوَى الْمُسْلِمُونَ ، وَفِي حَالِ الضَّعْفِ يَكُونُ الْحُكْمُ وُجُوبَ الصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى ، وَبِهَذَا يَضْعُفُ مَا لَهِجَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنْ أَنَّ الْآيَةَ فِي ذَلِكَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ هِيَ مِنَ الْمُنْسَإِ ، بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ وَرَدَ يَجِبُ امْتِثَالُهُ فِي وَقْتٍ مَا ، لِعِلَّةٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ الْحُكْمَ ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِ تِلْكَ الْعِلَّةِ إِلَى حُكْمٍ آخَرَ ، وَلَيْسَ بِنَسْخٍ ، إِنَّمَا النَّسْخُ الْإِزَالَةُ لِلْحُكْمِ حَتَّى لَا يَجُوزَ امْتِثَالُهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ : ذَكَرَ جَمَاعَةٌ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22183مَا وَرَدَ فِي الْخِطَابِ مُشْعِرٌ بِالتَّوْقِيتِ وَالْغَايَةِ ، مِثْلَ قَوْلِهِ فِي الْبَقَرَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ [ الْبَقَرَةِ : 109 ] مُحْكَمٌ غَيْرُ مَنْسُوخٍ ; لِأَنَّهُ مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ ، وَالْمُؤَجَّلُ بِأَجَلٍ لَا نَسْخَ فِيهِ .
الْخَامِسَةُ : قَالَ بَعْضُهُمْ :
nindex.php?page=treesubj&link=27881_22178سُوَرُ الْقُرْآنِ بِاعْتِبَارِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ أَقْسَامٌ :
قِسْمٌ لَيْسَ فِيهِ نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ : وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ : سُورَةُ الْفَاتِحَةِ ، وَيُوسُفَ ، وَيس ، وَالْحُجُرَاتِ ، وَالرَّحْمَنِ ، وَالْحَدِيدِ ، وَالصَّفِّ ، وَالْجُمُعَةِ ، وَالتَّحْرِيمِ ، وَالْمُلْكِ ، وَالْحَاقَّةِ ، وَنُوحٍ ، وَالْجِنِّ ، وَالْمُرْسَلَاتِ ، وَعَمَّ ، وَالنَّازِعَاتِ ، وَالِانْفِطَارِ ، وَثَلَاثٍ بَعْدَهَا ، وَالْفَجْرِ وَمَا بَعْدَهَا إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ ; إِلَّا التِّينَ ، وَالْعَصْرَ ، وَالْكَافِرُونَ .
وَقِسْمٌ فِيهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ : وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ : الْبَقَرَةُ وَثَلَاثٌ بَعْدَهَا ، وَالْحَجُّ ، وَالنُّورُ ، وَتَالِيَاهَا ، وَالْأَحْزَابُ ، وَسَبَأٌ ، وَالْمُؤْمِنُ ، وَالشُّورَى ، وَالذَّارِيَاتُ ، وَالطُّورُ ، وَالْوَاقِعَةُ ، وَالْمُجَادَلَةُ ، وَالْمُزَّمِّلُ ، وَالْمُدَّثِّرُ ، وَكُوِّرَتْ ، وَالْعَصْرِ .
وَقِسْمٌ فِيهِ النَّاسِخُ فَقَطْ : وَهُوَ سِتٌّ : الْفَتْحُ ، وَالْحَشْرُ ، وَالْمُنَافِقُونَ ، وَالتَّغَابُنُ ، وَالطَّلَاقُ ، وَالْأَعْلَى .
وَقِسْمٌ فِيهِ الْمَنْسُوخُ فَقَطْ : وَهُوَ الْأَرْبَعُونَ الْبَاقِيَةُ . كَذَا قَالَ ، وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا سَيَأْتِي .
السَّادِسَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ :
nindex.php?page=treesubj&link=22209النَّاسِخُ أَقْسَامٌ :
فَرْضٌ نَسَخَ فَرْضًا ، وَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْأَوَّلِ ، كَنَسْخِ الْحَبْسِ لِلزَّوَانِي بِالْحَدِّ .
وَفَرْضٌ نَسَخَ فَرْضًا وَيَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْأَوَّلِ ، كَآيَةِ الْمُصَابَرَةِ .
[ ص: 651 ] وَفَرْضٌ نَسَخَ نَدْبًا كَالْقِتَالِ ، كَانَ نَدْبًا ثُمَّ صَارَ فَرْضًا .
وَنَدْبٌ نَسَخَ فَرْضًا ، كَقِيَامِ اللَّيْلِ ، نُسِخَ بِالْقِرَاءَةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [ الْمُزَّمِّلِ : 20 ] .
السَّابِعَةُ : النَّسْخُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ :
أَحَدُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=22211مَا نُسِخَ تِلَاوَتُهُ وَحُكْمُهُ مَعًا . قَالَتْ
عَائِشَةُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=979737كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ : ( عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ) فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ . رَوَاهُ الشَّيْخَانِ .
وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِي قَوْلِهَا : ( وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ ) : فَإِنَّ ظَاهِرَهُ بَقَاءُ التِّلَاوَةِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ : قَارَبَ الْوَفَاةَ ، أَوْ : أَنَّ التِّلَاوَةَ نُسِخَتْ أَيْضًا ، وَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ كُلَّ النَّاسِ إِلَّا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتُوُفِّيَ وَبَعْضُ النَّاسِ يَقْرَؤُهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ : نَزَلَتْ ثُمَّ رُفِعَتْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ : هَذَا الْمِثَالُ فِيهِ الْمَنْسُوخُ غَيْرُ مَتْلُوٍّ ، وَالنَّاسِخُ أَيْضًا غَيْرُ مَتْلُوٍّ ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ نَظِيرًا . انْتَهَى .
الضَّرْبُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=22212مَا نُسِخَ حُكْمُهُ دُونَ تِلَاوَتِهِ ; وَهَذَا الضَّرْبُ هُوَ الَّذِي فِيهِ الْكُتُبُ الْمُؤَلَّفَةُ ، وَهُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ قَلِيلٌ جِدًّا ، وَإِنْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْ تِعْدَادِ الْآيَاتِ فِيهِ ; فَإِنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمْ كَالْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=12815أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ بَيَّنَ ذَلِكَ وَأَتْقَنَهُ .
[ ص: 652 ] وَالَّذِي أَقُولُهُ أَنَّ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُكْثِرُونَ أَقْسَامٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=22178قِسْمٌ لَيْسَ مِنَ النَّسْخِ فِي شَيْءٍ وَلَا مِنَ التَّخْصِيصِ : وَلَا لَهُ بِهِمَا عَلَاقَةٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ . وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [ الْبَقَرَةِ : 3 ] . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=254أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ [ الْبَقَرَةِ : 254 ] وَنَحْوِ ذَلِكَ .
قَالُوا : إِنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ الزَّكَاةِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ بَاقٍ .
أَمَّا الْأُولَى : فَإِنَّهَا خَبَرٌ فِي مَعْرِضِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ بِالْإِنْفَاقِ ، وَذَلِكَ يَصْلُحُ أَنْ يُفَسَّرَ بِالزَّكَاةِ ، وَبِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْأَهْلِ ، وَبِالْإِنْفَاقِ فِي الْأُمُورِ الْمَنْدُوبَةِ كَالْإِعَانَةِ وَالْإِضَافَةِ ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا نَفَقَةٌ وَاجِبَةٌ غَيْرُ الزَّكَاةِ .
وَالْآيَةُ الثَّانِيَةُ : يَصْلُحُ حَمْلُهَا عَلَى الزَّكَاةِ ، وَقَدْ فُسِّرَتْ بِذَلِكَ .
وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=8أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ [ التِّينِ : 8 ] قِيلَ : إِنَّهَا مِمَّا نُسِخَ بِآيَةِ السَّيْفِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ أَبَدًا ، لَا يَقْبَلُ هَذَا الْكَلَامُ النَّسْخَ ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ الْأَمْرَ بِالتَّفْوِيضِ وَتَرْكِ الْمُعَاقَبَةِ .
وَقَوْلُهُ فِي الْبَقَرَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=83وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [ الْبَقَرَةِ : 83 ] عَدَّهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْمَنْسُوخِ بِآيَةِ السَّيْفِ . وَقَدْ غَلَّطَهُ
ابْنُ الْحَصَّارِ بِأَنَّ الْآيَةَ حِكَايَةٌ عَمَّا أَخَذَهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْمِيثَاقِ ، فَهُوَ خَبَرٌ لَا نَسْخَ فِيهِ ، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=22178_22171وَقِسْمٌ هُوَ مَنْ قِسْمِ الْمَخْصُوصِ ، لَا مِنْ قِسْمِ الْمَنْسُوخِ : وَقَدِ اعْتَنَى
ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِتَحْرِيرِهِ فَأَجَادَ ، كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=2إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=103&ayano=3إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [ الْعَصْرِ : 2 ، 3 - 3 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=224وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=225أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=226وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=227إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [ الشُّعَرَاءِ : 224 - 227 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=109فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ [ الْبَقَرَةِ : 109 ] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي خُصَّتْ بِاسْتِثْنَاءٍ أَوْ غَايَةٍ . ، وَقَدْ أَخْطَأَ مَنْ أَدْخَلَهَا فِي الْمَنْسُوخِ .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=221وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [ الْبَقَرَةِ : 221 ] . قِيلَ : إِنَّهُ نُسِخَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [ الْمَائِدَةِ : 5 ] وَإِنَّمَا هُوَ مَخْصُوصٌ بِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=22178وَقِسْمٌ رَفَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ فِي شَرَائِعِ مَنْ قَبْلَنَا ، أَوْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَنْزِلْ فِي الْقُرْآنِ : كَإِبْطَالِ نِكَاحِ نِسَاءِ الْآبَاءِ ، وَمَشْرُوعِيَّةِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ ، وَحَصْرِ الطَّلَاقِ فِي الثَّلَاثِ . وَهَذَا إِدْخَالُهُ فِي قِسْمِ النَّاسِخِ قَرِيبٌ ، وَلَكِنَّ عَدَمَ إِدْخَالِهِ أَقْرَبُ ، وَهُوَ
[ ص: 653 ] الَّذِي رَجَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ وَغَيْرُهُ . وَوَجَّهُوهُ : بِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ عُدَّ فِي النَّاسِخِ لَعُدَّ جَمِيعُ الْقُرْآنِ مِنْهُ ، إِذْ كُلُّهُ أَوْ أَكْثَرُهُ رَافِعٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ وَأَهْلُ الْكِتَابِ . قَالُوا : وَإِنَّمَا حَقُّ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ أَنْ تَكُونَ آيَةٌ نَسَخَتْ آيَةً . انْتَهَى .
نَعَمْ ، النَّوْعُ الْأَخِيرُ مِنْهُ ، وَهُوَ رَافِعٌ مَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ، إِدْخَالُهُ أَوْجَهُ مِنَ الْقِسْمَيْنِ قَبْلَهُ .
إِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ : فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْمُكْثِرُونَ الْجَمُّ الْغَفِيرُ ، مَعَ آيَاتِ الصَّفْحِ وَالْعَفْوِ ، إِنْ قُلْنَا إِنَّ آيَةَ السَّيْفِ لَمْ تَنْسَخْهَا ، وَبَقِيَ مِمَّا يَصْلُحُ لِذَلِكَ عَدَدٌ يَسِيرٌ . وَقَدْ أَفْرَدْتُهُ بِأَدِلَّتِهِ فِي تَأْلِيفٍ لَطِيفٍ ، وَهَا أَنَا أُورِدُهُ هُنَا مُحَرَّرًا :