مسألة : قال في " التبيان " : ، فسأل عنه غيره ، فينبغي أن يتأدب بما جاء عن إذا أرتج على القارئ فلم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه ابن مسعود والنخعي وبشير بن أبي مسعود ، قالوا : إذا سأل أحدكم أخاه عن آية ، فليقرأ ما قبلها ثم يسكت ، ولا يقول كيف كذا [ ص: 356 ] وكذا ، فإنه يلبس عليه . انتهى .
وقال ابن مجاهد : فليقرأه بالياء فإن القرآن مذكر . وإن شك في حرف : هل هو مهموز أو غير مهموز ؟ فليترك الهمز ، وإن شك في حرف : هل يكون موصولا أو مقطوعا ؟ فليقرأ بالوصل ، وإن شك في حرف : هل هو ممدود أو مقصور ؟ فليقرأ بالقصر ، وإن شك في حرف : هل هو مفتوح أو مكسور ؟ فليقرأ بالفتح ; لأن الأول غير لحن في موضع ، والثاني لحن في بعض المواضع . إذا شك القارئ في حرف : هل بالتاء أو بالياء ؟
قلت : أخرج عبد الرزاق عن ، قال : إذا اختلفتم في ياء وتاء ، فاجعلوها ياء ، ذكروا القرآن . ابن مسعود
ففهم منه ثعلب أن ما احتمل تذكيره وتأنيثه كان تذكيره أجود .
ورد : بأنه يمتنع إرادة تذكير غير الحقيقي التأنيث لكثرة ما في القرآن منه بالتأنيث ، نحو : النار وعدها الله [ الحج : 72 ] والتفت الساق بالساق [ القيامة : 29 ] قالت لهم رسلهم [ إبراهيم : 11 ] وإذا امتنع إرادة غير الحقيقي فالحقيقي أولى .
قالوا : ولا يستقيم إرادة أن ما احتمل التذكير والتأنيث غلب فيه التذكير ، كقوله تعالى : والنخل باسقات [ ق : 10 ] أعجاز نخل خاوية [ الحاقة : 7 ] فأنث مع جواز التذكير قال تعالى أعجاز نخل منقعر [ القمر : 20 ] من الشجر الأخضر [ يس : 80 ] .
قالوا : فليس المراد ما فهم ، بل المراد ب ( ذكروا ) الموعظة والدعاء ، كما قال تعالى فذكر بالقرآن [ ق : 45 ] إلا أنه حذف الجار ، والمقصود ذكروا الناس بالقرآن ، أي : ابعثوهم على حفظه كيلا ينسوه .
قلت : أول الأثر يأبى هذا الحمل .
وقال الواحدي : الأمر ما ذهب إليه ثعلب ، والمراد أنه إذا احتمل اللفظ التذكير والتأنيث ولم يحتج في التذكير إلى مخالفة المصحف ذكر ، نحو : ولا يقبل منها شفاعة [ البقرة : 48 ] . قال : ويدل على إرادة هذا أن أصحاب عبد الله - من قراء الكوفة كحمزة - ذهبوا إلى هذا ، فقرءوا ما كان من هذا القبيل بالتذكير ، نحو : والكسائي يوم تشهد عليهم ألسنتهم [ النور : 24 ] وهذا في غير الحقيقي .