سُبْحَانَهُ ثُمَّ سُبْحَانًا أُنَزِّهُهُ
( وَبِحَمْدِهِ ) الْوَاوُ لِلْحَالِ ، أَيْ سُبْحَانَ اللَّهِ مُلْتَبِسًا بِحَمْدِهِ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَوْفِيقِهِ لِي لِلتَّسْبِيحِ ( فِي يَوْمٍ ) وَاحِدٍ . وَفِي رِوَايَةِ سُهَيْلٍ عَنْ سُمَيٍّ عِنْدَ مُسْلِمٍ : مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ( مِائَةَ مَرَّةٍ ) مُتَفَرِّقَةً بَعْضُهَا أَوَّلَ النَّهَارِ وَبَعْضُهَا آخِرَهُ أَوْ مُتَوَالِيَةً ، وَهُوَ أَفْضَلُ خُصُوصًا فِي أَوَّلِهِ ( حُطَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ ) الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ، قَالَ الْبَاجِيُّ : يُرِيدُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي ذَلِكَ كَفَّارَةٌ لَهُ كَقَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) ( سُورَةُ هُودٍ : الْآيَةُ 114 ) ( وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ) كِنَايَةً عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْكَثْرَةِ نَحْوَ : مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ، قَالَ [ ص: 33 ] عِيَاضٌ : وَقَدْ يُشْعِرُ هَذَا بِفَضْلِ التَّسْبِيحِ عَلَى التَّهْلِيلِ ; لِأَنَّ عَدَدَ زَبَدِ الْبَحْرِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ الْمِائَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مُقَابَلَةِ التَّهْلِيلِ ، فَيُعَارِضُ قَوْلَهُ فِيهِ : " وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ " فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّهْلِيلَ أَفْضَلُ بِمَا زِيدَ مِنْ رَفْعِ الدَّرَجَاتِ وَكَتْبِ الْحَسَنَاتِ ، ثُمَّ مَا جُعِلَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ قَدْ يَزِيدُ عَلَى nindex.php?page=treesubj&link=33142فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَتَكْفِيرِ الْخَطَايَا ; لِأَنَّهُ جَاءَ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352383مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ " . فَحَصَلَ بِهَذَا الْعِتْقِ تَفْكِيرُ الْخَطَايَا عُمُومًا بَعْدَ حَصْرِ مَا عُدِّدَ مِنْهَا خُصُوصًا مَعَ زِيَادَةِ مِائَةِ دَرَجَةٍ ، وَمَا زَادَهُ عِتْقُ الرِّقَابِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ ، وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352384nindex.php?page=treesubj&link=33074_33142أَفْضَلُ الذِّكْرِ التَّهْلِيلُ " . وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مَا قَالَهُ هُوَ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِهِ وَهُوَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي ضِمْنِ " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " الْحَدِيثُ السَّابِقُ ، وَالتَّهْلِيلُ صَرِيحٌ فِي التَّوْحِيدِ ، وَالتَّسْبِيحُ مُتَضَمِّنٌ لَهُ ، فَمَنْطُوقُ سُبْحَانَ اللَّهِ تَنْزِيهٌ ، وَمَفْهُومُهُ تَوْحِيدٌ ، وَمَنْطُوقُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَوْحِيدٌ ، وَمَفْهُومُهُ تَنْزِيهٌ ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ مِنَ التَّسْبِيحِ ; لِأَنَّ التَّوْحِيدَ أَصْلٌ وَالتَّنْزِيهَ يَنْشَأُ عَنْهُ .سبحانه ثم سبحانا أنزهه
( وبحمده ) الواو للحال ، أي سبحان الله ملتبسا بحمده له من أجل توفيقه لي للتسبيح ( في يوم ) واحد . وفي رواية سهيل عن سمي عند مسلم : من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده ( مائة مرة ) متفرقة بعضها أول النهار وبعضها آخره أو متوالية ، وهو أفضل خصوصا في أوله ( حطت عنه خطاياه ) التي بينه وبين الله ، قال الباجي : يريد أنه يكون في ذلك كفارة له كقوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114إن الحسنات يذهبن السيئات ) ( سورة هود : الآية 114 ) ( وإن كانت مثل زبد البحر ) كناية عن المبالغة في الكثرة نحو : ما طلعت عليه الشمس ، قال [ ص: 33 ] عياض : وقد يشعر هذا بفضل التسبيح على التهليل ; لأن عدد زبد البحر أضعاف أضعاف المائة المذكورة في مقابلة التهليل ، فيعارض قوله فيه : " ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به " فيجمع بينهما بأن التهليل أفضل بما زيد من رفع الدرجات وكتب الحسنات ، ثم ما جعل مع ذلك من عتق الرقاب قد يزيد على nindex.php?page=treesubj&link=33142فضل التسبيح وتكفير الخطايا ; لأنه جاء : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352383من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار " . فحصل بهذا العتق تفكير الخطايا عموما بعد حصر ما عدد منها خصوصا مع زيادة مائة درجة ، وما زاده عتق الرقاب الزائدة على الواحدة ، ويؤيده الحديث الآخر : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352384nindex.php?page=treesubj&link=33074_33142أفضل الذكر التهليل " . وأنه أفضل ما قاله هو والنبيون من قبله وهو كلمة التوحيد والإخلاص ، وقيل : إنه اسم الله الأعظم ، وجميع ذلك داخل في ضمن " لا إله إلا الله " الحديث السابق ، والتهليل صريح في التوحيد ، والتسبيح متضمن له ، فمنطوق سبحان الله تنزيه ، ومفهومه توحيد ، ومنطوق لا إله إلا الله توحيد ، ومفهومه تنزيه ، فيكون أفضل من التسبيح ; لأن التوحيد أصل والتنزيه ينشأ عنه .