الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة وليس فيما دون خمس أواقي من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          576 578 - ( مالك ، عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ) بصادين بعد كل عين مهملات ، الأنصاري ( المازني ) بالزاي ، المدني المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائة ( عن أبيه ) عبد الله ، هكذا ليحيى وجماعة من رواة الموطأ كالشافعي ، فنسب محمد لأبيه وجده لجده ; لأن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة ، وفي رواية التنيسي : عن مالك ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، فنسب محمد إلى جده ونسب جده إلى جده ، هذا وزعم ابن عبد البر أن حديث محمد عن أبيه عن أبي سعيد خطأ في الإسناد ، وإنما هو محفوظ ليحيى بن عمارة عن أبي سعيد مردود بنقل البيهقي عن محمد بن يحيى الذهلي أن الطريقين محفوظان وأن محمدا المذكور سمعه من ثلاثة أنفس . ( عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة ) قال ابن عبد البر : كأنه جواب لسائل سأله عن نصاب زكاة التمر ، فلا يمنع الزكاة في غيره من الثمار والحبوب بدليل الآثار والإجماع . ( وليس فيما دون خمس أواقي ) بتشديد الياء وتخفيفها ، جمع أوقية بضم الهمزة وشد التحتية ، ويقال أواق بحذف الياء كما في الرواية الأولى ، وحكى اللحياني : وقية ، بحذف الألف وفتح الواو ( من الورق ) بفتح الواو وكسرها وبكسر الراء وسكونها ، أي الفضة مطلقا أو المضروبة دراهم ، وإنما تطلق على غيرها مجازا خلاف في اللغة ، والمراد هنا الفضة مضروبها وغيره . ( صدقة ، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل ) بيان لذود ( صدقة ) بالإضافة ، وبعض الشيوخ يرويه بالتنوين لا بالإضافة ، قاله ابن عبد البر ، وقال عياض : رويناه في جميع الأمهات بالإضافة ، ورواه بعضهم بالتنوين على البدل ، قال : ومعنى دون : أقل أي ليس في أقل من الخمس شيء فتضمن فائدتين : سقوط الزكاة فيما دون النصاب ، وثبوتها فيه ، وتعقبه الأبي بأن الأولى نص بالمنطوق والثانية باللزوم أو بالمفهوم إن شئت ففيه اعتبار لدلالتين ، أعني دلالة النص والمفهوم ، والمقصود بالذات إنما هو معرفة قدر النصاب ، وفائدة [ ص: 141 ] التعبير عنه بذلك أنه لو قيل : في خمسة أوسق زكاة ، لتوهم أن ما دونها مما قاربها كذلك ; لأن ما قارب الشيء له حكمه وليس كذلك ; لأنه لا زكاة فيما دونها وإن قل النقص ، انتهى . ويرد بأن معنى قول عياض فتضمن أي بالمنطوق والمفهوم أي شمل فائدتين لا التضمن الاصطلاحي كما ظنه الأبي ، وإنما ذكر الإمام هذا الحديث عقب السابق لما فيه من زيادة قوله من التمر فإن الأول ليس فيه بيان المكيل بالأوسق ، فذكر هنا بعض ما يبين به . وفي مسلم من طريق محمد بن يحيى بن حبان عن يحيى بن عمارة عن أبي سعيد مرفوعا : " ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر ولا حب صدقة " ولزيادة قوله من الورق ، ولبيان الذود بقوله من الإبل ، وللإشارة إلى صحة إسناده ففيه الرد على من زعم أنه خطأ ، وقد أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به ورواه في باب آخر عن قتيبة بن سعيد عن يحيى القطان عن مالك بنحوه .




                                                                                                          الخدمات العلمية