الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          655 653 - ( مالك ، عن حميد الطويل ، عن أنس ) ولمسلم من رواية أبي خالد عن حميد أخبرني أنس ( بن مالك أنه قال ) وقد سئل عن صوم رمضان في السفر كما في رواية أبي خيثمة ، عن حميد عند مسلم ( سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب ) بالجزم وحرك بالكسر ؛ لالتقاء الساكنين ( الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ) لأن كلا فعل ما يجوز ، وفيه رد على من أبطل صوم المسافر ، وعلله بأن الفطر عزيمة من الله وجعل عليه أياما أخر ؛ لأن تركهم إنكار الصوم والفطر يدل على أن ذلك عندهم من المتعارف الذي تجب الحجة به .

                                                                                                          وفي مسلم عن أبي سعيد : " كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر ، فلا يجد الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ، يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن ، ويرون أن من وجد ضعفا فأفطر فإن ذلك حسن " ، قال الحافظ وغيره : وهذا التفصيل هو المعتمد وهو نص رافع للنزاع .

                                                                                                          هذا وزعم ابن وضاح أن مالكا لم يتابع على لفظ هذا الحديث وأن غيره يرويه عن حميد عن أنس : " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون فيصوم بعضهم ويفطر بعضهم ، فلا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ، ليس فيه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أنه كان يشاهدهم في حالهم هذه " .

                                                                                                          وتعقبه ابن عبد البر بأنه قلة اتساع في علم الأثر ، فقد تابع مالكا على لفظه جماعة من الحفاظ منهم : أبو إسحاق الفزاري وأنس بن عياض ومحمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الوهاب الثقفي كلهم عن حميد به ، قال : وما أعلم أحدا رواه كما قال ابن وضاح إلا شيخه محمد بن مسعود ، عن يحيى بن سعيد القطان ، عن حميد ، انتهى . وهو حسن .

                                                                                                          لكن قوله : " لا أعلم . . . إلخ " تقصير من مثله كبير ، فقد رواه مسلم من طريق أبي خالد سليمان الأحمر عن حميد كذلك فكأن حميدا حدث به بالوجهين ، وحديث مالك أخرجه البخاري عن القعنبي عن [ ص: 249 ] مالك به ، وتابعه أبو خيثمة زهير بن معاوية عن حميد به عند مسلم ، وتابعه في شيخه حميد مورق عن أنس قال : " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر فنزلنا منزلا في يوم حار أكثرنا ظلا صاحب الكساء ، ومنا من يتقي الشمس بيده فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب ، فقال صلى الله عليه وسلم : ذهب المفطرون اليوم بالأجر " رواه مسلم أيضا .




                                                                                                          الخدمات العلمية