الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يسأل هل يصوم أحد عن أحد أو يصلي أحد عن أحد فيقول لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          671 - ( مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يسأل ) بالبناء للمفعول ( هل يصوم أحد عن أحد أو يصلي أحد عن أحد ؟ فيقول : لا يصوم أحد عن أحد ، ولا يصلي أحد عن أحد ) لأنهما من الأعمال البدنية إجماعا في الصلاة ولو تطوعا عن حي أو ميت ، وفي الصوم عن الحي خلاف حكاه ابن عبد البر وعياض وغيرهما .

                                                                                                          وأما الصوم عن الميت فكذلك عند الجمهور منهم : مالك وأبو حنيفة والشافعي في الجديد وأحمد ، وذهبت طائفة من السلف وأحمد في رواية والشافعي في القديم إلى أنه يستحب لوارثه أن يصوم عنه ، ويبرأ به الميت ، ورجحه النووي لحديث الصحيحين عن عائشة مرفوعا : " من مات وعليه صيام صام عنه وليه " ولحديثهما عن ابن عباس : " أتت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي ماتت وعليها صوم شهر ، فقال : أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقضيه ؟ قالت : نعم ، قال : فدين الله أحق بالقضاء " ، وأجاب الأولون بأن ابن عباس قال : " لا يصوم أحد عن أحد " أخرجه النسائي .

                                                                                                          وقالت عائشة : " لا تصوموا عن موتاكم وأطعموا عنهم " رواه البيهقي .

                                                                                                          وعنده أيضا : " أنها سئلت عن امرأة ماتت وعليها صوم فقالت : يطعم عنها " ، فلما أفتى ابن عباس وعائشة بخلاف ما روياه دل ذلك على أن العمل على خلافه لأن فتوى الصحابي بخلاف مرويه بمنزلة روايته للناسخ ، ونسخ الحكم يدل على إخراج المناط عن الاعتبار ، وفي الاستذكار لم يخالف بفتواه ما رواه إلا لنسخ علمه ، وهو القياس على الأصل المجمع عليه [ ص: 275 ] في الصلاة أن لا يصوم أحد عن أحد . انتهى .

                                                                                                          ونقل المالكية أن عمل أهل المدينة على خلافه .

                                                                                                          وأما الجواب يحمل الصيام على الإطعام لحديث الترمذي : " من مات وعليه صيام فليطعم عنه وليه كل يوم مدا مسكينا " فضعيف ، وأيضا فالحديث غير ثابت ، ولو ثبت أمكن الجمع بالحمل على جواز الأمرين ، فإن من يقول بالصيام يجوز عنده الإطعام أو الحديثان تعارضا فيرجع إلى قوله تعالى : وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ( سورة النجم : الآية 39 ) ، وقد أعل حديث ابن عباس بالاضطراب ، ففي رواية أن السائل امرأة أن أمها ماتت وعليها صوم شهر ، وفي أخرى وعليها خمسة عشر يوما ، وأخرى أن أختي ماتت وعليها صوم شهرين متتابعين ، وأخرى قال رجل : ماتت أمي وعليها صوم شهر ، ولكن أجيب بأنه ليس اضطرابا وإنما هو اختلاف يحمل على اختلاف الوقائع لكنه بعيد لاتحاد المخرج ، فالروايات كلها عن ابن عباس .




                                                                                                          الخدمات العلمية