باب العتق على جعل
( ومن عتق ) وذلك مثل أن يقول أنت حر على ألف درهم أو بألف درهم ، وإنما يعتق بقبوله ; لأنه معاوضة المال بغير المال ، إذ العبد لا يملك نفسه ، ومن قضية المعاوضة ثبوت الحكم بقبول العوض للحال كما في البيع فإذا قبل صار حرا وما شرط دين عليه حتى تصح الكفالة به ، بخلاف بدل الكتابة ; لأنه ثبت مع المنافي وهو قيام الرق على ما عرف ، وإطلاق لفظ المال ينتظم أنواعه من النقد والعرض والحيوان ، وإن كان بغير عينه لأنه [ ص: 33 ] معاوضة المال بغير المال فشابه النكاح والطلاق والصلح عن دم العمد ، وكذا الطعام والمكيل والموزون إذا كان معلوم الجنس ولا تضره جهالة الوصف لأنها يسيرة . أعتق عبده على مال فقبل العبد
قال : ( ولو صح وصار مأذونا ) وذلك مثل أن يقول : إن أديت إلي ألف درهم فأنت حر ، ومعنى قوله صح أنه يعتق عند الأداء من غير أن يصير مكاتبا ; لأنه صريح في تعليق العتق بالأداء ، وإن كان فيه معنى المعاوضة في الانتهاء على ما نبين إن شاء الله تعالى ، وإنما صار مأذونا ; لأنه رغبه في الاكتساب بطلبه الأداء منه ومراده التجارة دون التكدي فكان إذنا له دلالة . علق عتقه بأداء المال
( وإن أجبره الحاكم على قبضه وعتق العبد ) ومعنى الإجبار فيه وفي سائر الحقوق أنه ينزل قابضا بالتخلية . أحضر المال
وقال رحمه الله : لا يجبر على القبول ، وهو القياس لأنه تصرف يمين ، إذ هو تعليق العتق بالشرط لفظا ، ولهذا لا يتوقف على قبول العبد ولا يحتمل الفسخ ، ولا جبر على مباشرة شروط الأيمان ، لأنه لا استحقاق قبل وجود الشرط بخلاف الكتابة ; لأنه معاوضة والبدل فيها واجب . زفر
ولنا أنه تعليق نظرا إلى اللفظ ومعاوضة نظرا إلى المقصود ، لأنه ما علق عتقه بالأداء إلا ليحثه على دفع المال فينال العبد شرف الحرية ، والمولى المال بمقابلته ، بمنزلة الكتابة ، ولهذا كان عوضا في الطلاق في مثل هذا اللفظ حتى كان بائنا فجعلناه تعليقا في الابتداء عملا باللفظ ودفعا للضرر عن المولى ، حتى لا يمتنع عليه بيعه ولا يكون العبد أحق بمكاسبه ، ولا يسري إلى الولد المولود قبل الأداء ، وجعلناه معاوضة في الانتهاء عند الأداء دفعا للضرر عن العبد حتى يجبر المولى على القبول ، فعلى هذا يدور الفقه ، وتخرج المسائل ، نظيره الهبة بشرط العوض ; ولو أدى البعض يجبر على القبول إلا أنه لا يعتق ما لم يؤد الكل لعدم الشرط كما إذا حط البعض وأدى الباقي ، ثم لو أدى ألفا اكتسبها قبل التعليق رجع المولى عليه وعتق لاستحقاقها ، ولو كان اكتسبها بعده لم [ ص: 34 ] يرجع عليه لأنه مأذون من جهته بالأداء منه ، ثم الأداء في قوله إن أديت يقتصر على المجلس لأنه تخيير ، وفي قوله إذا أديت لا يقتصر ; لأن إذا تستعمل للوقت بمنزلة متى .