الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ومن قال كل مملوك لي ذكر فهو حر وله جارية حامل فولدت ذكرا لم يعتق ) وهذا إذا ولدت لستة أشهر فصاعدا ظاهر ، لأن اللفظ للحال ، وفي قيام الحمل وقت اليمين احتمال لوجود أقل مدة الحمل بعده ، وكذا إذا ولدت لأقل من ستة أشهر ، لأن اللفظ يتناول المملوك المطلق ، والجنين مملوك تبعا للأم لا مقصودا ، ولأنه عضو من وجه واسم المملوك يتناول الأنفس دون الأعضاء ، ولهذا لا يملك بيعه منفردا .

                                                                                                        قال العبد الضعيف : وفائدة التقييد بوصف الذكورة أنه لو قال كل مملوك لي تدخل الحامل فيدخل الحمل تبعا لها .

                                                                                                        ( وإن قال كل مملوك أملكه حر بعد غد أو قال كل مملوك لي فهو حر بعد غد ، وله مملوك فاشترى آخر ، ثم جاء بعد غد عتق الذي في ملكه يوم حلف ) لأن قوله أملكه للحال حقيقة يقال أنا أملك كذا وكذا ويراد به الحال ، وكذا يستعمل له من غير قرينة ، وللاستقبال بقرينة السين أو سوف ، فيكون مطلقه للحال فكان الجزاء حرية المملوك في الحال مضافا إلى ما بعد الغد فلا يتناول ما يشتريه بعد اليمين .

                                                                                                        [ ص: 32 ] ( ولو قال : كل مملوك أملكه أو قال : كل مملوك لي حر بعد موتي وله مملوك فاشترى مملوكا آخر ، فالذي كان عنده وقت اليمين مدبر والآخر ليس بمدبر ، وإن مات عتقا من الثلث ) وقال أبو يوسف رحمه الله في النوادر : يعتق ما كان في ملكه يوم حلف ، ولا يعتق ما استفاد بعد يمينه ، وعلى هذا إذا قال كل مملوك لي إذا مت فهو حر ، له أن اللفظ حقيقة للحال على ما بيناه ، فلا يعتق به ما سيملكه ، ولهذا صار هو مدبرا دون الآخر ، ولهما أن هذا إيجاب عتق وإيصاء حتى اعتبر من الثلث ، وفي الوصايا تعتبر الحالة المنتظرة والحالة الراهنة ، ألا ترى أنه يدخل في الوصية بالمال ما يستفيده بعد الوصية ، وفي الوصية لأولاد فلان من يولد له بعدها ، والإيجاب إنما يصح مضافا إلى الملك أو إلى سببه فمن حيث إنه إيجاب العتق يتناول العبد المملوك اعتبارا للحالة الراهنة فيصير مدبرا حتى لا يجوز بيعه ، ومن حيث إنه إيصاء يتناول الذي يشتريه اعتبارا للحالة المتربصة وهي حالة الموت ، وقبل الموت حالة التملك استقبال محض فلا يدخل تحت اللفظ وعند الموت يصير كأنه قال : كل مملوك لي ، أو كل مملوك أملكه فهو حر ، بخلاف قوله بعد غد على ما تقدم ; لأنه تصرف واحد وهو إيجاب العتق ، وليس فيه إيصاء ، والحالة محض استقبال فافترقا ، ولا يقال إنكم جمعتم بين الحال والاستقبال ، لأنا نقول نعم لكن بسببين مختلفين إيجاب عتق ووصية ، وإنما لا يجوز ذلك بسبب واحد .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية