[ ص: 16 - 17 ] باب العبد يعتق بعضه
( وإذا عتق ذلك القدر ، ويسعى في بقية قيمته لمولاه عند أعتق المولى بعض عبده رحمه الله أبي حنيفة وقالا يعتق كله ) وأصله أن الإعتاق يتجزأ عنده ، فيقتصر على ما أعتق وعندهما لا يتجزأ ، وهو قول رحمه الله فإضافته إلى البعض كإضافته إلى الكل ، فلهذا يعتق كله ; لهم أن الإعتاق إثبات العتق وهو قوة حكمية ، وإثباتها بإزالة ضدها ، وهو الرق الذي هو ضعف حكمي ، وهما لا يتجزآن فصار كالطلاق والعفو عن القصاص والاستيلاد ، الشافعي رحمه الله : أن الإعتاق إثبات العتق بإزالة الملك أو هو إزالة الملك ، لأن الملك حقه والرق حق الشرع أو حق العامة ، وحكم المتصرف ما يدخل تحت ولاية المتصرف ، وهو إزالة حقه لا حق غيره . ولأبي حنيفة
والأصل أن التصرف يقتصر على موضع الإضافة والتعدي إلى ما وراءه ضرورة عدم التجزؤ والملك متجزئ كما في البيع والهبة ، فيبقى على الأصل وتجب السعاية لاحتباس مالية البعض عند العبد ، والمستسعى بمنزلة المكاتب عنده [ ص: 18 ] لأن الإضافة إلى البعض توجب ثبوت المالكية في كله وبقاء الملك في بعضه يمنعه فعملنا بالدليلين بإنزاله مكاتبا إذ هو مالك يدا لا رقبة ، والسعاية كبدل الكتابة ، فله أن يستسعيه ، وله خيار أن يعتقه لأن المكاتب قابل للإعتاق غير أنه إذا عجز لا يرد إلى الرق ; لأنه إسقاط لا إلى أحد فلا يقبل الفسخ بخلاف الكتابة المقصودة ; لأنه عقد يقال ويفسخ ، وليس في الطلاق والعفو عن القصاص حالة متوسطة فأثبتناه في الكل ترجيحا للمحرم ، والاستيلاء متجزئ عنده ، حتى لو استولد نصيبه من مدبره يقتصر عليه ، وفي القنة لما يضمن نصيب صاحبه بالإفساد ملكه بالضمان فكمل الاستيلاد .