الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( وإذا زنت الحامل لم تحد حتى تضع حملها ) كي لا يؤدي إلى هلاك الولد ، وهو نفس محترمة ( وإذا كان حدها الجلد لم تجلد حتى تتعالى من نفاسها ) أي ترتفع يريد به تخرج منه ; لأن النفاس نوع مرضي ، فيؤخر إلى زمان البرء ، بخلاف الرجم ، لأن التأخير لأجل الولد وقد انفصل .

                                                                                                        وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يؤخر إلى أن يستغني ولدها عنها ، إذا لم يكن أحد يقوم بتربيته ; لأن في التأخير صيانة الولد عن الضياع .

                                                                                                        [ ص: 128 ] وقد روي أنه عليه الصلاة والسلام قال للغامدية بعدما وضعت : " { ارجعي حتى يستغني ولدك }ثم الحبلى تحبس إلى أن تلد إن كان الحد ثابتا [ ص: 129 ] بالبينة كي لا تهرب بخلاف الإقرار ; لأن الرجوع عنه عامل فلا يفيد الحبس ، والله أعلم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثاني والعشرون :

                                                                                                        روي أنه عليه السلام قال للغامدية : بعدما وضعت ارجعي حتى يستغنيك ولدك قلت : غريب بهذا اللفظ ، وهو في " مسلم " عن بشير بن المهاجر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة ، قال : { جاءت الغامدية فقالت : يا رسول الله ، إني زنيت فطهرني ، وأنه ردها ، فلما كان الغد ، قالت : يا رسول الله ، لعلك تريد أن تردني كما رددت ماعزا ، فوالله إني لحبلى ، فقال : إما لا ، فاذهبي حتى تلدي ، فلما ولدت أتته بالصبي في يده كسرة خبز ، فقالت : هذا يا رسول الله ، قد فطمته ، وقد أكل الطعام ، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها ، فأمر الناس فرجموها } ، وأخرجه أيضا عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه ، فذكره ، إلى أن قال : ثم { جاءت امرأة من غامد من الأزد ، فقالت : يا رسول الله طهرني ، فقال : ويحك ارجعي ، فاستغفري الله ، وتوبي إليه ، قالت : أراك تريد أن تردني كما [ ص: 129 ] رددت ماعزا ؟ قال : وما ذاك ؟ قالت : إنها حبلى من الزنا ، قال : أنت ؟ قالت : نعم ، فقال لها : اذهبي حتى تضعي ما في بطنك ، قال : فكفلها رجل من الأنصار ، حتى وضعت ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد وضعت الغامدية ، قال : إذا لا نرجمها ، وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه ، فقام رجل من الأنصار ، فقال : إلي رضاعه يا رسول الله ، قال : فرجمها }انتهى .

                                                                                                        وفي هذا ما يقتضي أنه رجمها حين وضعت ، وفي الأول ما يقتضي أنه تركها حتى فطمت ولدها ، ولكن الأول فيه بشير بن المهاجر ، وفيه مقال ، ويتقوى الثاني برواية عمران بن حصين ، أخرجها مسلم أيضا ، وفيها أنه عليه السلام رجمها بعد أن وضعت ، وقال بعضهم : يحتمل أن يكونا امرأتين : إحداهما وجد لولدها كفيل ، والأخرى لم يوجد لها كفيل ، فوجب إمهالها حتى يستغني ولدها ، والله أعلم .




                                                                                                        الخدمات العلمية