( ولا يجوز أن يقاتل من لم تبلغه الدعوة إلى الإسلام إلا أن يدعوه ) لقوله [ ص: 228 ] عليه الصلاة والسلام { في وصية أمراء الأجناد : فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله }ولأنهم بالدعوة يعلمون أنا نقاتلهم على الدين لا على سلب الأموال وسبي الذراري ، فلعلهم يجيبون فنكفى مؤنة القتال ، ولو قاتلهم قبل الدعوة أثم للنهي ، ولا غرامة لعدم العاصم وهو الدين أو الإحراز بالدار فصار كقتل النسوان والصبيان .
( ويستحب أن يدعو من بلغته الدعوة ) مبالغة في الإنذار ، ولا يجب ذلك لأنه صح { أن النبي عليه الصلاة والسلام أغار على بني المصطلق وهم غارون . وعهد إلى أسامة رضي الله عنه أن يغير على أبنى صباحا ثم يحرق }والغارة لا تكون بدعوة .
[ ص: 229 ] قال : ( فإن أبوا ذلك استعانوا بالله عليهم وحاربوهم ) لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث سليمان بن بريدة : { فإن أبوا ذلك فادعهم إلى إعطاء الجزية إلى أن قال : فإن أبوها فاستعن بالله عليهم وقاتلهم }ولأنه تعالى هو الناصر لأوليائه والمدمر على أعدائه فيستعان به في كل الأمور .
قال : ( ونصبوا عليهم المجانيق ) كما نصب رسول الله عليه الصلاة والسلام على الطائف .
[ ص: 230 ] ( وحرقوهم ) { لأنه عليه الصلاة والسلام أحرق البويرة }.
قال : ( وأرسلوا عليهم الماء وقطعوا أشجارهم وأفسدوا زروعهم ) لأن في جميع ذلك إلحاق الكبت والغيظ بهم وكسر شوكتهم وتفريق جمعهم فيكون مشروعا .
( ولا بأس برميهم وإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر ) لأن في الرمي دفع الضرر العام بالذب عن بيضة الإسلام ، وقتل الأسير والتاجر ضرر خاص [ ص: 231 ] ولأنه قلما يخلو حصن عن مسلم ، فلو امتنع باعتباره لانسد بابه ( وإن تترسوا بصبيان المسلمين أو بالأسارى لم يكفوا عن رميهم ) لما بينا ( ويقصدون بالرمي الكفار ) لأنه إن تعذر التمييز فعلا فلقد أمكن قصدا والطاعة بحسب الطاقة وما أصابوه منهم لا دية عليهم ، ولا كفارة ; لأن الجهاد فرض والغرامات لا تقرن بالفروض ، بخلاف حالة المخمصة لأنه لا يمتنع مخافة الضمان لما فيه من إحياء نفسه .
أما الجهاد : فمبني على إتلاف النفس فيمتنع حذار الضمان .


