[ ص: 382 ] كتاب المفقود . ( إذا نصب القاضي من يحفظ ماله ويقوم عليه ويستوفي حقه ) لأن القاضي نصب ناظرا لكل عاجز عن النظر لنفسه والمفقود بهذه الصفة ، وصار كالصبي والمجنون ، وفي نصب الحافظ لماله والقائم عليه نظر له ، وقوله : يستوفي حقه لإخفاء أنه يقبض غلاته ، والدين الذي أقر به غريم من غرمائه لأنه من باب الحفظ ويخاصم في دين وجب بعقده لأنه أصيل في حقوقه ، ولا يخاصم في الذي تولاه المفقود ولا في نصيب له في عقار أو عروض في يد رجل ، لأنه ليس بمالك ولا نائب عنه ، إنما هو وكيل بالقبض من جهة القاضي وأنه لا يملك الخصومة بلا خلاف ، إنما الخلاف في الوكيل بالقبض من جهة المالك في الدين ، وإذا كان كذلك يتضمن الحكم به قضاء على الغائب ، وأنه لا يجوز إلا إذا رآه القاضي وقضى به لأنه مجتهد فيه ، ثم ما كان يخاف عليه الفساد يبيعه القاضي لأنه تعذر عليه حفظ صورته ومعناه فينظر له بحفظ المعنى . ( ولا يبيع مالا يخاف عليه الفساد في نفقة ولا غيرها ) لأنه لا ولاية له على الغائب إلا في حفظ ماله فلا يسوغ له ترك حفظ الصورة وهو ممكن . غاب الرجل فلم يعرف له موضع ولا يعلم أحي هو أم ميت
قال : ( وينفق على زوجته وأولاده من ماله ) وليس هذا الحكم مقصورا على الأولاد ، بل يعم جميع قرابة الأولاد ، والأصل أن كل من يستحق النفقة في ماله حال حضرته بغير قضاء القاضي ينفق عليه من ماله عند غيبته لأن القضاء حينئذ يكون إعانة ، وكل من لا يستحقها في حضرته إلا بالقضاء لا ينفق عليه من ماله في غيبته لأن النفقة حينئذ تجب بالقضاء ، والقضاء على الغائب ممتنع ; فمن الأول الأولاد الصغار والإناث من الكبار ، والزمنى من الذكور الكبار ; ومن الثاني الأخ والأخت والخال والخالة . [ ص: 383 ] وقوله : من ماله مراده الدراهم والدنانير لأن حقهم في المطعوم والملبوس ، فإذا لم يكن ذلك في ماله يحتاج إلى القضاء بالقيمة ، وهي النقدان ، والتبر بمنزلتهما في هذا الحكم لأنه يصلح قيمة كالمضروب ، وهذا إذا كانت في يد القاضي ، فإن كانت وديعة أو دينا ينفق عليهم منهما إذا كان المودع والمديون مقرين بالدين الوديعة والنكاح والنسب ، وهذا إذا لم يكونا ظاهرين عند القاضي . فإن كانا ظاهرين فلا حاجة إلى الإقرار ، وإن كان أحدهما ظاهر الوديعة والدين أو النكاح والنسب يشترط الإقرار بما ليس بظاهر ، هذا هو الصحيح ; فإن دفع المودع بنفسه أو من عليه الدين بغير أمر القاضي يضمن المودع ولا يبرأ المديون لأنه ما أدى إلى صاحب الحق ولا إلى نائبه ; بخلاف ما إذا دفع بأمر القاضي لأن القاضي نائب عنه ، وإن كان المودع والمديون جاحدين أصلا أو كانا جاحدين الزوجية والنسب لم ينتصب أحد من مستحقي النفقة خصما في ذلك لأن ما يدعيه للغائب لم يتعين سببا لثبوت حقه وهو النفقة لأنها كما تجب في هذا المال تجب في مال آخر للمفقود . قال : ( ولا ) وقال يفرق بينه وبين امرأته : إذا مضى أربع سنين يفرق [ ص: 384 ] القاضي بينه وبين امرأته وتعتد عدة الوفاة ثم تتزوج من شاءت ، لأن مالك رضي الله عنه هكذا قضى في الذي استهواه الجن عمر بالمدينة وكفى به إماما ، ولأنه منه حقها بالغيبة فيفرق القاضي بينهما بعد مضي مدة اعتبارا بالإيلاء والعنة ، وبعد هذا الاعتبار أخذ المقدار منهما الأربع من الإيلاء والسنين من العنة عملا بالشبهين . [ ص: 385 ] ولنا { }. [ ص: 386 ] وقول قوله صلى الله عليه وسلم في امرأة المفقود : إنها امرأته حتى يأتيها البيان رضي الله عنه فيها : هي امرأة ابتليت فلتصبر حتى يستبين موت أو طلاق ، خرج بيانا للبيان المذكور في المرفوع ، ولأن النكاح عرف ثبوته والغيبة لا توجب الفرقة والموت في حيز الاحتمال فلا يزال النكاح بالشك ، علي رضي الله عنه رجع إلى قول وعمر رضي الله عنه ، ولا معتبر بالإيلاء لأنه كان طلاقا معجلا ، فاعتبر في الشرع مؤجلا فكان موجبا للفرقة ، ولا بالعنة لأن الغيبة تعقب العودة ، والعنة قلما تنحل بعد استمرارها سنة . قال : ( وإذا علي حكمنا بموته ) قال رضي الله عنه : وهذه رواية تم له مائة وعشرون سنة من يوم ولد الحسن عن ، وفي ظاهر المذهب يقدر بموت الأقران ، وفي المروي عن أبي حنيفة بمائة سنة ، وقدره بعضهم بتسعين ، والأقيس أن لا يقدر بشيء ، والأرفق أن يقدر بتسعين . وإذا حكم بموته اعتدت امرأته عدة الوفاة من ذلك الوقت ( ويقسم ماله بين ورثته الموجودين في ذلك الوقت ) كأنه مات في ذلك الوقت معاينة إذ الحكمي معتبر بالحقيقي ( ومن مات قبل ذلك لم يرث منه ) لأنه لم يحكم بموته فيها فصار كما إذا كانت حياته معلومة ( أبي يوسف ) لأن بقاءه حيا في ذلك الوقت باستصحاب الحال وهو لا يصلح حجة في الاستحقاق ( وكذلك لو ولا يرث المفقود أحدا مات في حال فقده ) ثم الأصل أنه لو كان مع المفقود وارث لا يحجب به ، ولكنه ينتقص حقه به يعطى أقل النصيبين ، ويوقف الباقي ، وإن كان معه وارث يحجب به لا يعطى أصلا . [ ص: 387 ] بيانه : أوصى للمفقود ومات الموصي تعطيان النصف لأنه متيقن به ويوقف النصف الآخر ، ولا يعطى ولد الابن لأنهم يحجبون بالمفقود ولو كان حيا فلا يستحقون الميراث بالشك ( ولا ينزع من يد الأجنبي إلا إذا ظهرت منه خيانة ) ونظير هذا الحمل فإنه يوقف له ميراث ابن واحد على ما عليه الفتوى ، ولو كان معه وارث آخر إن كان لا يسقط بحال ولا يتغير بالحمل يعطى كل نصيبه ، وإن كان ممن يسقط بالحمل لا يعطى ، وإن كان ممن يتغير به يعطى الأقل للتيقن به كما في المفقود وقد شرحناه في كفاية المنتهى بأتم من هذا ، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب . . رجل مات عن ابنتين وابن مفقود وابن ابن وبنت ابن والمال في يد الأجنبي وتصادقوا على فقد الابن وطلبت الابنتان الميراث
[ ص: 381 - 382 ]