الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ولا شهادة الوالد لولده وولد ولده ولا شهادة الولد لأبويه وأجداده ) والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام : { لا تقبل شهادة الولد لوالده ولا الوالد لولده ولا المرأة لزوجها ولا الزوج لامرأته ولا العبد لسيده ولا المولى لعبده ولا الأجير لمن استأجره }ولأن المنافع بين الأولاد والآباء متصلة ، ولهذا لا يجوز أداء الزكاة إليهم فتكون شهادة لنفسه من وجه أو تتمكن فيه التهمة . [ ص: 87 ] قال : والمراد بالأجير على ما قالوا : التلميذ الخاص الذي يعد ضرر أستاذه ضرر نفسه ونفعه نفع نفسه ، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام : { لا شهادة للقانع بأهل البيت }وقيل : المراد به الأجير مسانهة أو مشاهرة أو مياومة فيستوجب الأجر بمنافعه عند أداء الشهادة فيصير كالمستأجر عليها .

                                                                                                        قال : ( ولا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر ) وقال الشافعي رحمه الله : تقبل لأن الأملاك بينهما متميزة والأيدي متحيزة ، ولهذا يجري القصاص والحبس بالدين بينهما ولا معتبر بما فيه من النفع لثبوته ضمنا كما في الغريم إذا [ ص: 88 ] شهد لمديونه المفلس . ولنا ما رويناه ، ولأن الانتفاع متصل عادة وهو المقصود فيصير شاهدا لنفسه من وجه أو يصير متهما بخلاف شهادة الغريم لأنه لا ولاية له على المشهود به ( ولا شهادة المولى لعبده ) لأنه شهادة لنفسه من كل وجه إذا لم يكن على العبد دين ; أو من وجه إن كان عليه دين ; لأن الحال موقوف مراعى ( ولا لمكاتبه ) لما قلنا ( ولا شهادة الشريك لشريكه فيما هو من شركتهما ) لأنه شهادة لنفسه من وجه لاشتراكهما ، ولو شهد بما ليس من شركتهما تقبل لانتفاء التهمة .

                                                                                                        [ ص: 83 - 86 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 83 - 86 ] باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل الحديث الأول : قال عليه السلام : { لا تقبل شهادة الولد لوالده ، ولا شهادة الوالد لولده ولا المرأة لزوجها ، ولا الزوج لامرأته ، ولا العبد لسيده ، ولا المولى لعبده ، ولا الأجير لمن استأجره }قلت : غريب ، وهو في ( مصنف ابن أبي شيبة ) ، وعبد الرزاق من قول شريح ، قال عبد الرزاق : حدثنا سفيان عن جابر عن عامر عن شريح ، قال : لا تجوز شهادة الابن لأبيه ، ولا الأب لابنه ، ولا المرأة لزوجها ، ولا الزوج لامرأته ، ولا الشريك لشريكه في شيء بينهما لكن في غيره ، ولا الأجير لمن استأجره ، ولا العبد لسيده انتهى .

                                                                                                        وقال ابن أبي شيبة : حدثنا وكيع ثنا سفيان به ، وأخرجا نحوه عن [ ص: 87 ] إبراهيم النخعي ، وقال في " الخلاصة " : رواه الخصاف بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                        الحديث الثاني : قال عليه السلام : { لا شهادة للقانع بأهل البيت }قلت : أخرجه أبو داود في " سننه " عن محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن { رسول الله صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن ، والخائنة ، وذي الغمر على أخيه ، وشهادة القانع لأهل البيت ، وأجازها لغيرهم }انتهى . قال أبو داود : والغمر الشحناء انتهى .

                                                                                                        وكذلك رواه عبد الرزاق في " مصنفه " ، وعند عبد الرزاق رواه أحمد في " مسنده " ، قال في " التنقيح " : ومحمد بن راشد وثقه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وغيرهما ، وتكلم فيه بعض الأئمة ، وقد تابعه غيره عن سليمان انتهى .

                                                                                                        قلت : ورواه أيضا عن عمرو بن شعيب حجاج بن أرطاة . وآدم بن فائد وهما ضعيفان ، فحديث الحجاج في " سنن ابن ماجه " ، وحديث آدم بن فائد في " سنن الدارقطني " [ ص: 88 ] وكلاهما لم يذكر فيه : القانع ، ولفظهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا محدود في الإسلام ، ولا ذي غمر على آخر }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الترمذي عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تجوز شهادة خائن ، ولا خائنة ، ولا مجلود حدا ولا ذي غمر على أخيه ، ولا مجرب بشهادة الزور ، ولا القانع أهل البيت ، ولا ظنين في ولاء ، ولا قرابة } ، انتهى .

                                                                                                        وقال : حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن زياد الدمشقي ، وهو يضعف في الحديث ، ولا يصح هذا من قبل إسناده ، والغمر : العداوة انتهى .

                                                                                                        ورواه الدارقطني في سننه " ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب " غريب الحديث " ، قال أبو عبيد : والغمر : العداوة ، والقانع : التابع لأهل البيت ، كالخادم لهم ، والظنين : المتهم في دينه انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية