[ ص: 207 ] كتاب
nindex.php?page=treesubj&link=16760موجبات الضمان
والنظر في الفعل ومراتبه ، ويندرج في جنايات العبيد ، ثم في دفع الصائل ، ثم في إفساد البهائم ; فذلك ثلاثة أنظار .
النظر الأول : في الأفعال ومراتبها .
وفي الكتاب : إن
nindex.php?page=treesubj&link=16786_16763قتل عبد رجلا له وليان فعفا أحدهما عن العبد على أن يأخذ جميعه ويعتني السيد ; فإن دفع السيد لأخيه نصف الدية ، تم فعله ; لعدم المطالبة ، وإلا خير بين كون العبد بينهما أو يرده ; فإن رده فلهما القتل ، والعفو ، وإن عفوا خير السيد بين إسلامه أو فدائه منهما بالدية ; لقوله عليه السلام : (
العبد فيما جنى ) ، وعنه أيضا : الدخول مع أخيه ، فيكون العبد بينهما لشركتهما في الدم ، وكذلك إن عفا أحدهما على أن يأخذ القاتل وزيادة عبد ; فإن
[ ص: 208 ] دفع السيد لغير العافي نصف الدية ، تم فعله ، وإلا دفع العافي لأخيه نصف القاتل وحده ويتم فعله ; فإن أبى رد العبدين ( وقتل القاتل إن أحبا لاشتراكهما في الدم ، وقيل : ( يدخل مع قتله في العبدين ) ; لأنهما ثمن الدم الذي لهما . في التنبيهات :
nindex.php?page=treesubj&link=23600العبيد عندنا ذكورهم وإناثهم بينهم في القصاص كالأحرار بينهم ، ملكهم واحد أم لا ؛ لتساويهم ، وقال بعض الناس : إن كانوا لواحد فلا ; لأنه مضاعفة ضرر الناس على السيد ، كما لا يقطع العبد في مال سيده ، ومع الأحرار من يقطع في الجراح دون النفس فيقتل العبد بالحر إن رضي الولي ، ولا يقتل الحر به لعدم التساوي ، قال
ابن يونس : قال
ابن أبي مسلمة :
nindex.php?page=treesubj&link=23602يقاد للحر من العبد في الجراح إن رضي الحر ، ولا يقاد له من الحر وإن رضي الحر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إن
nindex.php?page=treesubj&link=23601قتل العبد رجلا عمدا ; إن شاء الولي قتله أو استحياءه يكون عبدا له ، وإن قال أحد الوليين : إنما عفوت ; ليكون لي نصفه ، لم يصدق إلا بدليل ، فيكون العبد بينهما إلا أن يفديه السيد بجميع الدية ، وله فداء نصفه بنصفها من أحدهما ، وإسلام نصفه للآخر ، وإن عفوت عن عبد قتل عمدا بقي لمولاه ; إلا أن يشترط رقه فيخير السيد في فدائه أو إسلامه ، أو قتل خطأ ، وقيمته ثلث تركة القتيل جاز عفوه ; لأن الذي يجب له في الدية العبد إلا أن يفديه سيده ، فلما عفا صار كأنه أوصى به لسيده ; فإن كانت قيمته مائة ، والتركة مائتان جاز ، أو التركة بمائة ، فلسيد العبد ثلثاه ، ويخير في فداء الثلث بثلث الدية أو إسلامه ، وقيل : إنما يكون في الثلث الأقل من قيمته أو الدية ; لأن السيد لما كان مقدما على المجني عليه في أن يسلم له العبد أو يفديه بالدية ; كان الواجب له في الدية أحدهما ، وبه أوصى له فيجعل في الثلث الأقل من قيمة الرقبة ، أو قيمة الكتابة ، وقيل : هذا لا يخالفه
ابن القاسم ، وهو وظاهره يخالفه ; فإن
nindex.php?page=treesubj&link=23601_9298قتله خطأ وأوصى أن يعفى عنه ، ويرد لسيده ، ولا مال له ، ولم يخير للورثة ، قال
أشهب : يخير سيده في فداء جميعه
[ ص: 209 ] بثلثي الدية ; لأن ثلثها عنه سقط بالوصية ، أو يسلم جميعه بثلثي الدية ; لأن اللازم في الجناية التخيير لا شيء يتعلق بالذمة ، كما لو
nindex.php?page=treesubj&link=9298جرح عبدك حرا ديته مائة ، فطرح عنك خمسين ، فلك فداء جميعه بخمسين ، أو تسلم جميعه بالخمسين ، وكالرهن يضع المرتهن بعض حقه بجميع الرهن بما بقي ، وقال
أصبغ : ليس للورثة إلا ثلث أو ثلثا الدية ، وإن شاء سيده أسلم ثلثيه أو افتكهما بثلثي الدية ، وثلث العبد لسيده بالوصية ; أسلم بقيته أو فداه ، بخلاف المجروح ; فإنه كالرهن ، قال
اللخمي : إنما كان للأول العود للقتل بعد تقدم الصلح ; لأنه إنما سقط القتل فيكون جميع العبد له ، فلما استحق نصفه ولم تكن هناك ذمة يتبعها عاد للقتل بخلاف القاتل حرا للولي ذمة يتبعها إذا استحق نصف ما صالح به ، وإن أسلم بخلاف القاتل السيد العبد على إن لم يجد الغائب دفع للحاضر نصف قيمة العبد ، لم يكن الأول إن لم يجد الثاني ; لأن له ذمة يتبعها .
فرع :
في الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=16785أعتقته بعد علمك بقتله لرجل خطأ ، وأردت حمل الجناية فذلك لك ، أو قلت : ظننت أنها تلزم ذمته ، حلفت على ذلك ، ورد عتقه لتعلق حق الجناية برقبته ، وكذلك إن جرح الحر وحلفت ، وإن كان للعبد مال مثل الجناية أو وجد معينا على أدائها نفذ العتق ، وإلا بيع منه بقدرها وعتق الفاضل ، وإن كان لا فضل فيه أسلم لأهل الجناية ، ( وإن باعه بعد علمه بالجناية ) حلف : ما أراد الحمل ثم دفع الأرش لأهل الجناية ، وإن باعه بعد علمه بالجناية حلف ما أراد ، وإلا فلهم إجازة البيع وقبض الثمن وفسخه ، وأخذ العبد ; لتعلق الجناية به ، قال غيره : إلا أن يشاء المبتاع دفع الأرش لأيهم فذلك لهم ; لأنه حقهم ، ويرجع على البائع بالأقل بما
[ ص: 210 ] افتكه أو الثمن ; لأن كليهما متعلق بالسيد ، فإن افتكه البائع فللمبتاع رده بهذا العيب إلا أن يبينه البائع له ، وقال غيره : هذا في العمد ، وأما في الخطأ فلا ، وهو كعيب ذهب ، في التنبيهات : للسيد ثلاثة أحوال : الأول : إن علم الجناية والحكم أسلم في العتق المجني عليه رقيقا ، أو يفديه ويمضي عتقه ، وفي البيع إن أعطى الجناية مضى البيع وإلا رده . الثاني : أو يعلم الجناية ويجهل أنه ليس له عتقه ولا بيعه إلا بعد تحمل الجناية ; فيحلف : ما أراد التحمل ، ويكون له من الخيار ، وللأولياء في البيع ما تقدم . الثالث : لا يعلم الجناية ولا منعه عن البيع والعتق ; فقولان : أحدهما : رضي بالتحمل فيمضي عليه البيع والعتق . وثانيهما : أنه ليس يرضى ويحلف : ما أراد التحمل لكن يحلف وصفة أيمانه ; أن يحلف في الوجه الثاني بعد جهل ذلك . وفي الثالث : ما أراد تحمل ذلك ، وإنما يستحلف في كل هذا إذا كان له مال ; قاله
محمد . وقد يقال : يستحلف على كل حال إذا رضي باتباعه ، وكذلك إن وطأ بعد الجناية ، فحملت في الوجوه الثلاثة ، لكن إن لم يعلم وهو مليء فعليه الأقل من قيمتها ، أو أرش الجناية ، فإن كان عديما أخذها أهل الجناية ، فإن علم قال في الكتاب : لزمه أرش الجناية إن كان له مال ; لأن ذلك منه رضا بتحمل الجناية ، وقال
محمد : إذا حلف أنه لم يرض بحملها فعليه الأقل ، وعليه هذا التفصيل ; والخلاف في العلم ، وإن لم يكن له مال أخذها أهل الجناية ; فإن لم تحمل لا يكون وطؤه رضا بالجناية ، قاله
أبو عمران ، وفي النكت : إذا بيع وافتكه المشتري ورجع ، فللأصل إن افتكه بأقل من الثمن فعهدته على البائع ، أو بمثل الثمن فأكثر ، فعهدة المشتري على أهل الجناية ; لأن في الأولى بقي للبائع فضل ، وهو قد رضي بتمام البيع ، بخلاف غير ذلك ، وقوله :
nindex.php?page=treesubj&link=27412_16764للمشتري الرد [ ص: 211 ] بالعيب في العمد ; يريد : جناية عمد في المال إلا أن يبين ، أما في القصاص بقدر لا ينفع البيان ; لأنه لا يدري أيقتص منه أو لا ، وقوله : يباع بقدر الجناية ، ويعتق ما فضل ; يريد : لا مال للسيد ، وإلا يكمل عليه عتق جميعه ، قال
محمد : وينبغي إن كان موسرا وفي العبد فضل ألا يحلف السيد أنه لم يرد حمل الجناية ; لأنه إذا صدق بيع بعضه في الجناية وعتق باقيه ، فيلزمه التقويم ، فيلزمه الأرش وإن كره ، قال
التونسي : العهدة مشكلة في العبد ; لأنهم إن أجازوا البيع وأخذوا الثمن على من يرجع المشتري إذا استحق ، والبائع لو أسلمه للمجني عليه ، وانتقض البيع فاستحق رجع المسمى للمشتري ، وأجاز أهل الجناية البيع فاستحق العبد ; فإن رجع المشتري بالثمن على البائع لعدم أهل الجناية أدركه ضرر ; لأنه قد رضي بإسلامه فسقطت العهدة ، فإذا أجازوا البيع والمشتري مليء أضر ذلك به ، إلا أن يقال : لما علم البائع بالجناية ، وباع فقد رضي بالعهدة عليه إن أجازوا البيع ، قال
ابن يونس عن
مالك : إذا حلف : لم يرد حمل الجناية ; رد عتق العبد ، وخير السيد في الافتكاك ; فإن افتكه كان حرا ; لأنه أعتقه أو أسلمه ، وله مال أو نحوه معيبا بقدر العتق ، وهو تفسير لما في الكتاب ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم : إذا حلف أنه لم يرد حمل الجناية ; رد عتقه وخير السيد في افتدائه ، ويبقى له عبدا ، أو يسلمه عبدا ، وعن
المغيرة : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=27412_16764أعتقه عالما بالجناية ضمن كإيلاد الأمة ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=27412_16764جرح رجلين فعلم بأحدهما ; فأعتقه [ ص: 212 ] رضي فحمل الجناية ودفعها إليه ، ثم قام الآخر ، فعليه إعطاء الآخر الأقل من أرش جرحه ، أو نصف قيمة العبد ; إن كان المدفوع إليه أكثر من ذلك ، ويأخذ ما بقي ; لأنه ظهر أنه إنما يستحق نصفه ، وهو لا يقدر أن يسلم إليه نصفه لما حدث فيه من العتق ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=16786_23601جنى فوهبه بعد علمه ، ولم يرض بأداء الجناية ، وحلف : ما أراد حملها ; فإن الجناية أولى به . قال
اللخمي : قال
محمد : إن
nindex.php?page=treesubj&link=16786_23601أعتقه والجناية أكثر ، وحلف أنه لم يرض بحملها وكان عليه قيمتها ; فإن نكل غرم الدية ، وإن كان بيد العبد مال يقوم بالجناية ; أخذ منه ، وعتق ، أو وجد من يغيثه ، واختلف : هل يبدأ بأخذ ماله ، أو يتخير السيد ؟ فعلى القول بأن السيد يفتديه للرق ; يبتدأ بماله وبمن يعينه ، وعلى القول أنه يفتدي لعدم تخيير السيد ; فإن لم يكن له مال ، وفي قيمته فضل عن الجناية ، فثلاثة أقوال في المدونة :
nindex.php?page=treesubj&link=23601_16786يباع منه بقدر الجناية ، ويعتق الباقي ( وفي الموازية : يعتق ) كله على السيد ; لأنه يستكمل عليه ما قابل الجناية . وقيل : يسلم كله لأهل الجناية ; لأن الأصل في جناية : أن لا يباع إلا بعد حقها ، والأول يقتضي أن لا يستكمل على المعتق ، وإلا لا يستكمل من غير بيع ، وإنما أعتق ذلك القدر من باب : لا ضرر ولا ضرار ; لأن السيد بريء منه بالبيع ، فعتق الباقي أولى من رقه .
فرع :
في الكتاب : إن
nindex.php?page=treesubj&link=16786_23601جنى فقال : أبيعه وأدفع الأرش عن ثمنه ; إلا أن يضمن وهو ثقة مأمون ، أو يأتي بضامن ثقة فليؤخر اليومين ونحوهما ، وإلا فداه أو أسلمه ; لأن
[ ص: 213 ] الأصل : تعينه للجناية ; فإن باع ودفع دية الجرح جاز بيعه وإلا فلا ، قال
اللخمي : إن كان فيه فضل ; فالأحسن : إجابته للبيع ; لأن المجني عليه إذا أخذ حقه سقط مقاله ، واختلف : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=16786_23601أسلمه السيد وأراد أولياء الجناية نقض البيع ، فدفع المشتري الجناية . فقيل : له ذلك تتميما للعقد ، ويرجع على البائع بأقل من الثمن أو الفداء ، وقيل : ليس له ; لأن البائع بريء منه ، وأسلمه إلى أولياء الجناية فصار ملكا لهم فلا يباع إلا برضاهم ، وعلى القول الآخر : إن كان في الثمن فضل على الجناية وقف ; فإن رجع السيد أو المجني عليه إلى إجازة البيع أخذوه ; لأن المشتري لا حق له فيه .
فرع :
في الكتاب : إن
nindex.php?page=treesubj&link=23601_16786ولدت بعد الجناية لم تسلم وابنها معها ; إذ يوم الحكم يستحقها المجني عليه ، بل تسلم بما لها بعد الجناية ، وقاله
أشهب : في الولد والمال ; لأنه جزؤها . قال
ابن يونس : قال
المغيرة : إن ولدت بعد الجناية فهو رهن معها في الجناية . قال
ابن القاسم : إن ماتت فأهل الجناية أحق بمالها ، إلا أن يدفع السيد الأرش . قال
اللخمي :
nindex.php?page=treesubj&link=16786_23601الجناية لا تتعلق بذمة السيد ، لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ; إلا أن يتسبب السيد في ذلك مثل : أن يجيعه فيسرق ، ففي كون الجناية حينئذ في رقبته أو ذمة سيده قولان ، ( وقضى
عمر رضي الله عنه على
حاطب لما أجاع عبيده حتى سرقوا بعيرا : بقيمة البعير ، وثنى عليه عقوبة ) ; فإن أمره السيد بذلك : فللمجني عليه اتباع السيد قولا واحدا ; يتبع بها
[ ص: 214 ] العبد فيفدى منه أو يسلم ، واختلف إذا أسلمه وله مال فسلمه بماله عند
ابن القاسم كالعتق ، وقال
مالك في
nindex.php?page=treesubj&link=7546أم الولد تجني : تقوم بغير مالها ، وقيل : تقوم به . فعلى الأول : يقوم العبد بغير مال ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=7546جنت حاملا أسلمت على هيئتها والحمل للمجني عليه ; فإن وضعت قبل الإسلام : لم يسلم الولد لانفصاله قبل الحكم ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=7546حملت بعد الجناية ، ثم وضعت فخلاف ، والإسلام أحسن ; لتجدده بعد الجناية . وعلى قول : لا يسلمه إذا جنت حاملا والاستثناء ; لتجد بعد فيه هاهنا أخف من الاستثناء في البيع ، وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=33637_23919قتل العبد عبدا فقتله المجني عليهم ; فالمال للسيد اتفاقا ; لأن الذي كان لهم هو نفس القاتل ، وقد أخذوها ، واختلف إذا عفوا عنه وأسلم إليهم ، فعند
ابن القاسم : لا يسلم ماله ; لأنه لم يستحق بالقتل إلا رقبته ، وإن أسلمه ; ليستحيوه ، فقتلوه ; استرجع المال منهم .
[ ص: 207 ] كِتَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=16760مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ
وَالنَّظَرِ فِي الْفِعْلِ وَمَرَاتِبِهِ ، وَيَنْدَرِجُ فِي جِنَايَاتِ الْعَبِيدِ ، ثُمَّ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ ، ثُمَّ فِي إِفْسَادِ الْبَهَائِمِ ; فَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَنْظَارٍ .
النَّظَرُ الْأَوَّلُ : فِي الْأَفْعَالِ وَمَرَاتِبِهَا .
وَفِي الْكِتَابِ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16786_16763قَتَلَ عَبْدٌ رَجُلًا لَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنِ الْعَبْدِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَهُ وَيَعْتَنِيَ السَّيِّدُ ; فَإِنْ دَفَعَ السَّيِّدُ لِأَخِيهِ نِصْفَ الدِّيَةِ ، تَمَّ فِعْلُهُ ; لِعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ ، وَإِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ كَوْنِ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا أَوْ يَرُدُّهُ ; فَإِنْ رَدَّهُ فَلَهُمَا الْقَتْلُ ، وَالْعَفْوُ ، وَإِنْ عَفَوَا خُيِّرَ السَّيِّدُ بَيْنَ إِسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ ; لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
الْعَبْدُ فِيمَا جَنَى ) ، وَعَنْهُ أَيْضًا : الدُّخُولُ مَعَ أَخِيهِ ، فَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا لِشَرِكَتِهِمَا فِي الدَّمِ ، وَكَذَلِكَ إِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْقَاتِلَ وَزِيَادَةَ عَبْدٍ ; فَإِنْ
[ ص: 208 ] دَفَعَ السَّيِّدُ لِغَيْرِ الْعَافِي نِصْفَ الدِّيَةِ ، تَمَّ فِعْلُهُ ، وَإِلَّا دَفَعَ الْعَافِي لِأَخِيهِ نِصْفَ الْقَاتِلِ وَحْدَهُ وَيَتِمُّ فِعْلُهُ ; فَإِنْ أَبَى رَدَّ الْعَبْدَيْنِ ( وَقُتِلَ الْقَاتِلُ إِنْ أَحَبَّا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الدَّمِ ، وَقِيلَ : ( يَدْخُلُ مَعَ قَتْلِهِ فِي الْعَبْدَيْنِ ) ; لِأَنَّهُمَا ثَمَنُ الدَّمِ الَّذِي لَهُمَا . فِي التَّنْبِيهَاتِ :
nindex.php?page=treesubj&link=23600الْعَبِيدُ عِنْدَنَا ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ بَيْنَهُمْ فِي الْقِصَاصِ كَالْأَحْرَارِ بَيْنَهُمْ ، مَلَكَهُمْ وَاحِدٌ أَمْ لَا ؛ لِتَسَاوِيهِمْ ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : إِنْ كَانُوا لِوَاحِدٍ فَلَا ; لِأَنَّهُ مُضَاعَفَةُ ضَرَرِ النَّاسِ عَلَى السَّيِّدِ ، كَمَا لَا يُقْطَعُ الْعَبْدُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ، وَمَعَ الْأَحْرَارِ مَنْ يُقْطَعُ فِي الْجِرَاحِ دُونَ النَّفْسِ فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ إِنْ رَضِيَ الْوَلِيُّ ، وَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِهِ لِعَدَمِ التَّسَاوِي ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
ابْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ :
nindex.php?page=treesubj&link=23602يُقَادُ لِلْحُرِّ مِنَ الْعَبْدِ فِي الْجِرَاحِ إِنْ رَضِيَ الْحُرُّ ، وَلَا يُقَادُ لَهُ مِنَ الْحُرِّ وَإِنْ رَضِيَ الْحُرُّ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23601قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا عَمْدًا ; إِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ قَتْلَهُ أَوِ اسْتِحْيَاءَهُ يَكُونُ عَبْدًا لَهُ ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ : إِنَّمَا عَفَوْتُ ; لِيَكُونَ لِي نِصْفُهُ ، لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا بِدَلِيلٍ ، فَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ ، وَلَهُ فِدَاءُ نِصْفِهِ بِنِصْفِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا ، وَإِسْلَامِ نِصْفِهِ لِلْآخَرِ ، وَإِنْ عَفَوْتَ عَنْ عَبْدٍ قَتَلَ عَمْدًا بَقِيَ لِمَوْلَاهُ ; إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ رِقَّهُ فَيُخَيَّرُ السَّيِّدُ فِي فِدَائِهِ أَوْ إِسْلَامِهِ ، أَوْ قَتْلِ خَطَأٍ ، وَقِيمَتُهُ ثُلُثُ تَرِكَةِ الْقَتِيلِ جَازَ عَفْوُهُ ; لِأَنَّ الَّذِي يَجِبُ لَهُ فِي الدِّيَةِ الْعَبْدُ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ ، فَلَمَّا عَفَا صَارَ كَأَنَّهُ أَوْصَى بِهِ لِسَيِّدِهِ ; فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً ، وَالتَّرِكَةُ مِائَتَانِ جَازَ ، أَوِ التَّرِكَةُ بِمِائَةٍ ، فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ ثُلُثَاهُ ، وَيُخَيَّرُ فِي فِدَاءِ الثُّلُثِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ أَوْ إِسْلَامِهِ ، وَقِيلَ : إِنَّمَا يَكُونُ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوِ الدِّيَةُ ; لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ الْعَبْدُ أَوْ يَفْدِيَهُ بِالدِّيَةِ ; كَانَ الْوَاجِبُ لَهُ فِي الدِّيَةِ أَحَدُهُمَا ، وَبِهِ أَوْصَى لَهُ فَيَجْعَلُ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ ، أَوْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ ، وَقِيلَ : هَذَا لَا يُخَالِفُهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَهُوَ وَظَاهِرُهُ يُخَالِفُهُ ; فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23601_9298قَتَلَهُ خَطَأً وَأَوْصَى أَنْ يُعْفَى عَنْهُ ، وَيُرَدَّ لِسَيِّدِهِ ، وَلَا مَالَ لَهُ ، وَلَمْ يُخَيَّرْ لِلْوَرَثَةِ ، قَالَ
أَشْهَبُ : يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَاءِ جَمِيعِهِ
[ ص: 209 ] بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ ; لِأَنَّ ثُلُثَهَا عَنْهُ سَقَطَ بِالْوَصِيَّةِ ، أَوْ يُسَلَّمُ جَمِيعُهُ بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ ; لِأَنَّ اللَّازِمَ فِي الْجِنَايَةِ التَّخْيِيرُ لَا شَيْءَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ ، كَمَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=9298جُرِحَ عَبْدُكَ حُرًّا دِيَتُهُ مِائَةٌ ، فَطَرَحَ عَنْكَ خَمْسِينَ ، فَلَكَ فِدَاءُ جَمِيعِهِ بِخَمْسِينَ ، أَوْ تُسَلِّمُ جَمِيعَهُ بِالْخَمْسِينَ ، وَكَالرَّهْنِ يَضَعُ الْمُرْتَهِنُ بَعْضَ حَقِّهِ بِجَمِيعِ الرَّهْنِ بِمَا بَقِيَ ، وَقَالَ
أَصْبَغُ : لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إِلَّا ثُلُثُ أَوْ ثُلُثَا الدِّيَةِ ، وَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ أَسْلَمَ ثُلُثَيْهِ أَوِ افْتَكَّهُمَا بِثُلُثَيِ الدِّيَةِ ، وَثُلُثُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ بِالْوَصِيَّةِ ; أَسْلَمَ بَقِيَّتَهُ أَوْ فَدَاهُ ، بِخِلَافِ الْمَجْرُوحِ ; فَإِنَّهُ كَالرَّهْنِ ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : إِنَّمَا كَانَ لِلْأَوَّلِ الْعَوْدُ لِلْقَتْلِ بَعْدَ تَقَدُّمِ الصُّلْحِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَقَطَ الْقَتْلُ فَيَكُونُ جَمِيعُ الْعَبْدِ لَهُ ، فَلَمَّا اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ وَلَمْ تَكُنْ هُنَاكَ ذِمَّةٌ يَتْبَعُهَا عَادَ لِلْقَتْلِ بِخِلَافِ الْقَاتِلِ حُرًّا لِلْوَلِيِّ ذِمَّةٌ يَتْبَعُهَا إِذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ مَا صَالَحَ بِهِ ، وَإِنْ أَسْلَمَ بِخِلَافِ الْقَاتِلِ السَّيِّدِ الْعَبْدَ عَلَى إِنْ لَمْ يَجِدِ الْغَائِبُ دَفَعَ لِلْحَاضِرِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ ، لَمْ يَكُنِ الْأَوَّلُ إِنْ لَمْ يَجِدِ الثَّانِي ; لِأَنَّ لَهُ ذِمَّةً يَتْبَعُهَا .
فَرْعٌ :
فِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16785أَعْتَقْتَهُ بَعْدَ عِلْمِكَ بِقَتْلِهِ لِرَجُلٍ خَطَأً ، وَأَرَدْتَ حَمْلَ الْجِنَايَةِ فَذَلِكَ لَكَ ، أَوْ قُلْتَ : ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَلْزَمُ ذِمَّتَهُ ، حَلَفْتَ عَلَى ذَلِكَ ، وَرُدَّ عِتْقُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ ، وَكَذَلِكَ إِنْ جَرَحَ الْحُرَّ وَحَلَفْتَ ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ مِثْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ وَجَدَ مُعِينًا عَلَى أَدَائِهَا نَفَذَ الْعِتْقُ ، وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا وَعُتِقَ الْفَاضِلُ ، وَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِيهِ أُسْلِمَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ ، ( وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ ) حَلَفَ : مَا أَرَادَ الْحَمْلَ ثُمَّ دَفَعَ الْأَرْشَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ ، وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ حَلَفَ مَا أَرَادَ ، وَإِلَّا فَلَهُمْ إِجَازَةُ الْبَيْعِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ وَفَسْخُهُ ، وَأُخِذَ الْعَبْدُ ; لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهِ ، قَالَ غَيْرُهُ : إِلَّا أَنْ يَشَاءُ الْمُبْتَاعُ دَفْعَ الْأَرْشِ لِأَيِّهِمْ فَذَلِكَ لَهُمْ ; لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْأَقَلِّ بِمَا
[ ص: 210 ] افْتَكَّهُ أَوِ الثَّمَنِ ; لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِالسَّيِّدِ ، فَإِنِ افْتَكَّهُ الْبَائِعُ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِهَذَا الْعَيْبِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَهُ الْبَائِعُ لَهُ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : هَذَا فِي الْعَمْدِ ، وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَلَا ، وَهُوَ كَعَيْبٍ ذَهَبَ ، فِي التَّنْبِيهَاتِ : لِلسَّيِّدِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ : الْأَوَّلُ : إِنْ عَلِمَ الْجِنَايَةَ وَالْحُكْمَ أَسْلَمَ فِي الْعِتْقِ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ رَقِيقًا ، أَوْ يَفْدِيهِ وَيَمْضِي عِتْقُهُ ، وَفِي الْبَيْعِ إِنْ أَعْطَى الْجِنَايَةَ مَضَى الْبَيْعُ وَإِلَّا رَدَّهُ . الثَّانِي : أَوْ يَعْلَمُ الْجِنَايَةَ وَيَجْهَلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِتْقُهُ وَلَا بَيْعُهُ إِلَّا بَعْدَ تَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ ; فَيَحْلِفُ : مَا أَرَادَ التَّحَمُّلَ ، وَيَكُونُ لَهُ مِنَ الْخِيَارِ ، وَلِلْأَوْلِيَاءِ فِي الْبَيْعِ مَا تَقَدَّمَ . الثَّالِثُ : لَا يَعْلَمُ الْجِنَايَةَ وَلَا مَنَعَهُ عَنِ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ ; فَقَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : رَضِيَ بِالتَّحَمُّلِ فَيَمْضِي عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ . وَثَانِيهِمَا : أَنَّهُ لَيْسَ يَرْضَى وَيَحْلِفُ : مَا أَرَادَ التَّحَمُّلَ لَكِنْ يَحْلِفُ وَصِفَةُ أَيْمَانِهِ ; أَنْ يَحْلِفَ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي بَعْدَ جَهْلِ ذَلِكَ . وَفِي الثَّالِثِ : مَا أَرَادَ تَحَمُّلَ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا يُسْتَحْلَفُ فِي كُلِّ هَذَا إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ; قَالَهُ
مُحَمَّدٌ . وَقَدْ يُقَالُ : يُسْتَحْلَفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا رَضِيَ بِاتِّبَاعِهِ ، وَكَذَلِكَ إِنْ وَطِأَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ ، فَحَمَلَتْ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ مَلِيءٌ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا ، أَوْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ ، فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا أَخَذَهَا أَهْلُ الْجِنَايَةِ ، فَإِنْ عَلِمَ قَالَ فِي الْكِتَابِ : لَزِمَهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ رِضًا بِتَحَمُّلِ الْجِنَايَةِ ، وَقَالَ
مُحَمَّدٌ : إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِحَمْلِهَا فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ ، وَعَلَيْهِ هَذَا التَّفْصِيلُ ; وَالْخِلَافُ فِي الْعِلْمِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَخَذَهَا أَهْلُ الْجِنَايَةِ ; فَإِنْ لَمْ تُحْمَلْ لَا يَكُونُ وَطْؤُهُ رِضًا بِالْجِنَايَةِ ، قَالَهُ
أَبُو عِمْرَانَ ، وَفِي النُّكَتِ : إِذَا بِيعَ وَافْتَكَّهُ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ ، فَلِلْأَصْلِ إِنِ افْتَكَّهُ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ فَعُهْدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ ، أَوْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَأَكْثَرَ ، فَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَهْلِ الْجِنَايَةِ ; لِأَنَّ فِي الْأُولَى بَقِيَ لِلْبَائِعِ فَضْلٌ ، وَهُوَ قَدْ رَضِيَ بِتَمَامِ الْبَيْعِ ، بِخِلَافِ غَيْرِ ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=treesubj&link=27412_16764لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ [ ص: 211 ] بِالْعَيْبِ فِي الْعَمْدِ ; يُرِيدُ : جِنَايَةَ عَمْدٍ فِي الْمَالِ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ، أَمَّا فِي الْقِصَاصِ بِقَدْرٍ لَا يَنْفَعُ الْبَيَانُ ; لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُقْتَصُّ مِنْهُ أَوْ لَا ، وَقَوْلُهُ : يُبَاعُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ ، وَيُعْتَقُ مَا فَضَلَ ; يُرِيدُ : لَا مَالَ لِلسَّيِّدِ ، وَإِلَّا يُكْمَلُ عَلَيْهِ عِتْقُ جَمِيعِهِ ، قَالَ
مُحَمَّدٌ : وَيَنْبَغِي إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَفِي الْعَبْدِ فَضْلٌ أَلَّا يَحْلِفَ السَّيِّدُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ ; لِأَنَّهُ إِذَا صُدِّقَ بِيعَ بَعْضُهُ فِي الْجِنَايَةِ وَعُتِقَ بَاقِيهِ ، فَيَلْزَمُهُ التَّقْوِيمُ ، فَيَلْزَمُهُ الْأَرْشُ وَإِنْ كَرِهَ ، قَالَ
التُّونِسِيُّ : الْعُهْدَةُ مُشْكِلَةٌ فِي الْعَبْدِ ; لِأَنَّهُمْ إِنْ أَجَازُوا الْبَيْعَ وَأَخَذُوا الثَّمَنَ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي إِذَا اسْتَحَقَّ ، وَالْبَائِعُ لَوْ أَسْلَمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ فَاسْتَحَقَّ رَجَعَ الْمُسَمَّى لِلْمُشْتَرِي ، وَأَجَازَ أَهْلُ الْجِنَايَةِ الْبَيْعَ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ ; فَإِنْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ أَهْلِ الْجِنَايَةِ أَدْرَكَهُ ضَرَرٌ ; لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِإِسْلَامِهِ فَسَقَطَتِ الْعُهْدَةُ ، فَإِذَا أَجَازُوا الْبَيْعَ وَالْمُشْتَرِي مَلِيءٌ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِ ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ : لَمَّا عَلِمَ الْبَائِعُ بِالْجِنَايَةِ ، وَبَاعَ فَقَدْ رَضِيَ بِالْعُهْدَةِ عَلَيْهِ إِنْ أَجَازُوا الْبَيْعَ ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ عَنْ
مَالِكٍ : إِذَا حَلَفَ : لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ ; رُدَّ عِتْقُ الْعَبْدِ ، وَخُيِّرَ السَّيِّدُ فِي الِافْتِكَاكِ ; فَإِنِ افْتَكَّهُ كَانَ حُرًّا ; لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ أَسَلَمَهُ ، وَلَهُ مَالٌ أَوْ نَحْوَهُ مَعِيبًا بِقَدْرِ الْعِتْقِ ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِمَا فِي الْكِتَابِ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16991ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ : إِذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَمْلَ الْجِنَايَةِ ; رُدَّ عِتْقُهُ وَخُيِّرَ السَّيِّدُ فِي افْتِدَائِهِ ، وَيَبْقَى لَهُ عَبْدًا ، أَوْ يُسَلِّمُهُ عَبْدًا ، وَعَنِ
الْمُغِيرَةِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=27412_16764أَعْتَقَهُ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ ضَمِنَ كَإِيلَادِ الْأَمَةِ ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27412_16764جَرَحَ رَجُلَيْنِ فَعَلِمَ بِأَحَدِهِمَا ; فَأَعْتَقَهُ [ ص: 212 ] رَضِيَ فَحَمَلَ الْجِنَايَةَ وَدَفَعَهَا إِلَيْهِ ، ثُمَّ قَامَ الْآخَرُ ، فَعَلَيْهِ إِعْطَاءُ الْآخَرِ الْأَقَلَّ مِنْ أَرْشِ جُرْحِهِ ، أَوْ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ ; إِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَيَأْخُذُ مَا بَقِيَ ; لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ ، وَهُوَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُسَلِّمَ إِلَيْهِ نِصْفَهُ لِمَا حَدَثَ فِيهِ مِنَ الْعِتْقِ ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16786_23601جَنَى فَوَهَبَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ ، وَلَمْ يَرْضَ بِأَدَاءِ الْجِنَايَةِ ، وَحَلَفَ : مَا أَرَادَ حَمْلَهَا ; فَإِنَّ الْجِنَايَةَ أَوْلَى بِهِ . قَالَ
اللَّخْمِيُّ : قَالَ
مُحَمَّدٌ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16786_23601أَعْتَقَهُ وَالْجِنَايَةُ أَكْثَرُ ، وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِحَمْلِهَا وَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا ; فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الدِّيَةَ ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْعَبْدِ مَالٌ يَقُومُ بِالْجِنَايَةِ ; أُخِذَ مِنْهُ ، وَعُتِقَ ، أَوْ وُجِدَ مَنْ يُغِيثُهُ ، وَاخْتُلِفَ : هَلْ يَبْدَأُ بِأَخْذِ مَالِهِ ، أَوْ يَتَخَيَّرُ السَّيِّدُ ؟ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّيِّدَ يَفْتَدِيهِ لِلرِّقِّ ; يُبْتَدَأُ بِمَالِهِ وَبِمَنْ يُعِينُهُ ، وَعَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ يَفْتَدِي لِعَدَمِ تَخْيِيرِ السَّيِّدِ ; فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ، وَفِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَنِ الْجِنَايَةِ ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ :
nindex.php?page=treesubj&link=23601_16786يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ ، وَيُعْتَقُ الْبَاقِي ( وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ : يُعْتَقُ ) كُلُّهُ عَلَى السَّيِّدِ ; لِأَنَّهُ يَسْتَكْمِلُ عَلَيْهِ مَا قَابَلَ الْجِنَايَةَ . وَقِيلَ : يُسَلَّمُ كُلُّهُ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جِنَايَةٍ : أَنْ لَا يُبَاعَ إِلَّا بَعْدَ حَقِّهَا ، وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُسْتَكْمَلَ عَلَى الْمُعْتِقِ ، وَإِلَّا لَا يُسْتَكْمَلُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ ، وَإِنَّمَا أُعْتِقَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْ بَابِ : لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ; لِأَنَّ السَّيِّدَ بَرِيءٌ مِنْهُ بِالْبَيْعِ ، فَعِتْقُ الْبَاقِي أَوْلَى مِنْ رِقِّهِ .
فَرْعٌ :
فِي الْكِتَابِ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16786_23601جَنَى فَقَالَ : أَبِيعُهُ وَأَدْفَعُ الْأَرْشَ عَنْ ثَمَنِهِ ; إِلَّا أَنْ يَضْمَنَ وَهُوَ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ ، أَوْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ ثِقَةٍ فَلْيُؤَخَّرِ الْيَوْمَيْنِ وَنَحْوَهُمَا ، وَإِلَّا فَدَاهُ أَوْ أَسْلَمَهُ ; لِأَنَّ
[ ص: 213 ] الْأَصْلَ : تَعَيُّنُهُ لِلْجِنَايَةِ ; فَإِنْ بَاعَ وَدَفَعَ دِيَةَ الْجُرْحِ جَازَ بَيْعُهُ وَإِلَّا فَلَا ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : إِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ ; فَالْأَحْسَنُ : إِجَابَتُهُ لِلْبَيْعِ ; لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إِذَا أَخَذَ حَقَّهُ سَقَطَ مَقَالُهُ ، وَاخْتُلِفَ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16786_23601أَسْلَمَهُ السَّيِّدُ وَأَرَادَ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ نَقْضَ الْبَيْعِ ، فَدَفَعَ الْمُشْتَرِي الْجِنَايَةَ . فَقِيلَ : لَهُ ذَلِكَ تَتْمِيمًا لِلْعَقْدِ ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ أَوِ الْفِدَاءِ ، وَقِيلَ : لَيْسَ لَهُ ; لِأَنَّ الْبَائِعَ بَرِيءٌ مِنْهُ ، وَأَسْلَمَهُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ فَصَارَ مِلْكًا لَهُمْ فَلَا يُبَاعُ إِلَّا بِرِضَاهُمْ ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ : إِنْ كَانَ فِي الثَّمَنِ فَضْلٌ عَلَى الْجِنَايَةِ وُقِفَ ; فَإِنْ رَجَعَ السَّيِّدُ أَوِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إِلَى إِجَازَةِ الْبَيْعِ أَخَذُوهُ ; لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ .
فَرْعٌ :
فِي الْكِتَابِ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23601_16786وَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَمْ تُسَلَّمْ وَابْنُهَا مَعَهَا ; إِذْ يَوْمَ الْحُكْمِ يَسْتَحِقُّهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ، بَلْ تُسَلَّمُ بِمَا لَهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ ، وَقَالَهُ
أَشْهَبُ : فِي الْوَلَدِ وَالْمَالِ ; لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا . قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
الْمُغِيرَةُ : إِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَهُوَ رَهْنٌ مَعَهَا فِي الْجِنَايَةِ . قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِنْ مَاتَتْ فَأَهْلُ الْجِنَايَةِ أَحَقُّ بِمَالِهَا ، إِلَّا أَنْ يَدْفَعَ السَّيِّدُ الْأَرْشَ . قَالَ
اللَّخْمِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=16786_23601الْجِنَايَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=164وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ; إِلَّا أَنْ يَتَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ مِثْلَ : أَنْ يُجِيعَهُ فَيَسْرِقُ ، فَفِي كَوْنِ الْجِنَايَةِ حِينَئِذٍ فِي رَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّةِ سَيِّدِهِ قَوْلَانِ ، ( وَقَضَى
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى
حَاطِبٍ لَمَّا أَجَاعَ عَبِيدَهُ حَتَّى سَرَقُوا بَعِيرًا : بِقِيمَةِ الْبَعِيرِ ، وَثَنَّى عَلَيْهِ عُقُوبَةً ) ; فَإِنْ أَمَرَهُ السَّيِّدُ بِذَلِكَ : فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ السَّيِّدِ قَوْلًا وَاحِدًا ; يُتْبَعُ بِهَا
[ ص: 214 ] الْعَبْدُ فَيُفْدَى مِنْهُ أَوْ يُسَلَّمُ ، وَاخْتُلِفَ إِذَا أَسْلَمَهُ وَلَهُ مَالٌ فَسَلَّمَهُ بِمَالِهِ عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ كَالْعِتْقِ ، وَقَالَ
مَالِكٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7546أُمِّ الْوَلَدِ تَجْنِي : تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا ، وَقِيلَ : تُقَوَّمُ بِهِ . فَعَلَى الْأَوَّلِ : يُقَوَّمُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ مَالٍ ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=7546جَنَتْ حَامِلًا أُسْلِمَتْ عَلَى هَيْئَتِهَا وَالْحَمْلُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ; فَإِنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ : لَمْ يُسْلَمِ الْوَلَدُ لِانْفِصَالِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=7546حَمَلَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ ، ثُمَّ وَضَعَتْ فَخِلَافٌ ، وَالْإِسْلَامُ أَحْسَنُ ; لِتَجَدُّدِهِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ . وَعَلَى قَوْلٍ : لَا يُسَلِّمُهُ إِذَا جَنَتْ حَامِلًا وَالِاسْتِثْنَاءُ ; لِتَجِدَ بَعْدُ فِيهِ هَاهُنَا أَخَفَّ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْبَيْعِ ، وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=33637_23919قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدًا فَقَتَلَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِمْ ; فَالْمَالُ لِلسَّيِّدِ اتِّفَاقًا ; لِأَنَّ الَّذِي كَانَ لَهُمْ هُوَ نَفْسُ الْقَاتِلِ ، وَقَدْ أَخَذُوهَا ، وَاخْتُلِفَ إِذَا عَفُوا عَنْهُ وَأُسْلِمَ إِلَيْهِمْ ، فَعِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ : لَا يُسَلَّمُ مَالُهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِالْقَتْلِ إِلَّا رَقَبَتَهُ ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ ; لِيَسْتَحْيُوهُ ، فَقَتَلُوهُ ; اسْتَرْجَعَ الْمَالَ مِنْهُمْ .