الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
3684 - وأما قوله : إن المستحاضة إذا صلت آن لزوجها أن يصيبها ، وكذلك [ ص: 246 ] النفساء إذا بلغت أقصى ما يمسك النساء الدم ، فإن رأت الدم بعد ذلك فإنه يصيبها زوجها ؛ لأنها بمنزلة المستحاضة .
3685 - قال أبو عمر : أما nindex.php?page=treesubj&link=24587وطء المستحاضة فمختلف فيه بالمدينة وغيرها .
3686 - ذكر عبد الرزاق : عن معمر ، عن أيوب ، قال : سئل nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار : أيصيب المستحاضة زوجها ؟ فقال : إنما سمعت بالرخصة في الصلاة .
3687 - قال معمر : وسألت nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : أيصيب المستحاضة زوجها ؟ قال : إنما سمعنا بالصلاة .
3688 - وعن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن منصور ، قال : لا تصوم ، ولا يأتيها زوجها ، ولا تمس المصحف .
3689 - وروي عن عائشة أنه لا يأتيها زوجها وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية .
3690 - وذكر عن شريك ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : المستحاضة تصوم ، وتصلي ، ولا يأتيها زوجها .
3691 - وعن nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14238حفص بن سليمان ، عن الحسن مثله .
3692 - وعن عبد الواحد بن سالم عن حريث عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي مثله ، وهو قول الحكم nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين .
3693 - وحجة من ذهب هذا المذهب أن الله تعالى قد سمى الحيض أذى ، وأمر باعتزال النساء من أجله ، وهو دم خارج من الفرج ، وأجمعوا على نجاسته وغسل الثوب منه ، فكل دم يجب غسله ، ويحكم بنجاسته - فحكمه حكم دم الحيض في تحريم الوطء ؛ إذا وجد في موضع الوطء .
[ ص: 247 ] 3694 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق ، قال : أخبرنا مصعب ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=15290المغيرة بن عبد الرحمن - وكان من أعلى أصحاب مالك - يقول : قولنا في المستحاضة - إذا استمر بها الدم بعد انقضاء أيام حيضتها - أنا لا ندري : هل ذلك انتقال من دم حيضها إلى أيام أكثر منها ، أم ذلك استحاضة ؟ فنأمرها أن تغتسل إذا مضت أيام حيضها ، وتصلي ، وتصوم ولا يغشاها زوجها احتياطا حتى ينظر إلى ما يصير إليه حالها بعد ذلك ، فإن كانت حيضتها انتقلت من أيام إلى أكثر منها - عملت فيما تستقبل على الأيام التي انتقلت إليها ، ولم يضرها ما كانت احتاطت من الصلاة والصيام . وإن كان ذلك الدم الذي استمر بها استحاضة كانت قد احتاطت للصلاة والصوم .
3695 - قال أبو مصعب : هذا قولنا ، وبه نقضي .
3696 - وقال جمهور الفقهاء : المستحاضة تصوم ، وتصلي ، وتطوف بالبيت ، وتقرأ القرآن ، ويأتيها زوجها .
3697 - وممن روي عنه إجازة وطء المستحاضة nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، والحسن - على اختلاف عنه nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح .
3698 - وهو قول عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأبي حنيفة وأصحابهما ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور .
3699 - وكان nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يقول : أحب إلي ألا يطأها إلا أن يطول ذلك .
3700 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، عن الأجلح عن عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . قال في المستحاضة : لا بأس أن يجامعها زوجها .
3701 - وذكر عبد الرزاق : عن معمر ، عن إسماعيل بن شروس أنه سمع من [ ص: 248 ] عكرمة مثله ، وزاد : وإن سال الدم على عقبيها .
3702 - وعبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن سمي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن يونس ، عن الحسن ، قال في المستحاضة : تصوم وتصلي ، ويجامعها زوجها .
3703 - وعن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن سالم الأفطس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير أنه سأله عن المستحاضة : أتجامع ؟ فقال : الصلاة أعظم من الجماع .
3704 - وذكر ابن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه قال : المستحاضة تصوم ، وتصلي ، ويطؤها زوجها .
3705 - قال ابن وهب : وقال مالك : أمر أهل الفقه والعلم على ذلك ، وإن كان دمها كثيرا .
3706 - وقال مالك : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=951918إنما ذلك عرق وليس بالحيضة " . فإذا لم تكن حيضة فما يمنعه أن يصيبها وهي تصلي وتصوم .
3707 - قال أبو عمر : حكم الله تعالى في دم الاستحاضة أنه لا يمنع الصلاة ، وتعبد فيه بعبادة غير عبادة الحيض ؛ لذلك وجب ألا يحكم له بحكم الحيض ، إلا أن يجمعوا على شيء ، فيكون موقوفا على ذلك . وإنما أجمعوا على غسله كسائر الدماء .
3708 - وأما قول مالك : وكذلك النفساء إذا بلغت أقصى ما يمسك النساء الدم - فإن العلماء قد اختلفوا قديما وحديثا في مدة دم النفاس الممسك للنساء عن الصلاة [ ص: 249 ] والصوم : فكان مالك يقول : أقصى ذلك شهران ، ثم رجع فقال : يسأل عن ذلك النساء .
3709 - وأصحابه على أن nindex.php?page=treesubj&link=690أقصى مدة النفاس شهران : ستون يوما ، وبه قال عبيد الله بن الحسن وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور .
3710 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : تجلس كامرأة من نسائها ، فإن لم يكن لها نساء كأمهاتها وأخواتها فأربعون يوما .
3711 - وروي ذلك عن عطاء وقتادة ، على اختلاف عن عطاء .
3712 - وقال أكثر أهل العلم : أقصى مدة النفاس أربعون يوما ، وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=61وعثمان بن أبي العاصي ، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ، وعائذ بن عمر ، والمزني ، nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة زوج النبي - عليه السلام - .
3713 - وهؤلاء كلهم صحابة ، لا مخالف لهم فيه . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، وأبو حنيفة وأصحابه ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ابن راهويه ، nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد القاسم بن سلام ، وداود .
3714 - وقد حكي عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد : أن من الناس من يقول : سبعون يوما .
3715 - وروي عن الحسن أنه قال : لا يكاد النفاس يجاوز أربعين يوما ، فإن جاوز خمسين يوما فهي مستحاضة .
3716 - وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن أهل دمشق أن أجل النفاس من الغلام ثلاثون يوما ، ومن الجارية أربعون يوما .
3717 - وروي عن الضحاك قول شاذ أيضا : أن النفساء تنتظر سبع ليال وأربع [ ص: 250 ] عشرة ليلة ، ثم تغتسل وتصلي ، وهذا لا وجه له .
3718 - وأما nindex.php?page=treesubj&link=691أقل النفاس فقال مالك : إذا ولدت المرأة ، ولم تر دما اغتسلت ، وصلت .
3719 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأبي عبيد ، ومحمد بن الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور .
3720 - ولم يحد nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، وأحمد ، وإسحاق في أقل النفاس حدا .
3721 - وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري عشرين يوما ، وعن أبي حنيفة خمسة وعشرين يوما ، وعن أبي يوسف أحد عشر يوما .
3722 - قال أبو عمر : التحديد في هذا ضعيف ؛ لأنه لا يصح إلا بتوقيف . وليس في مسألة nindex.php?page=treesubj&link=690أكثر النفاس موضع للاتباع والتقليد إلا من قال بالأربعين ؛ فإنهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا مخالف لهم منهم . وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم ، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم ؛ لأن إجماع الصحابة حجة على من بعدهم ، والنفس تسكن إليهم . فأين المهرب عنهم دون سنة ولا أصل ؟ وبالله التوفيق .