الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        138 114 - مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ؛ أنه قال : ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلا واحدا ، ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة .

                                                                                                                        3607 - قال مالك : الأمر عندنا في المستحاضة ؛ على حديث هشام بن عروة عن أبيه . وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك .

                                                                                                                        115 - وأما حديث مالك ، عن نافع ، عن سليمان بن يسار ، عن أم سلمة ، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن امرأة كانت تهراق الدماء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتت لها أم سلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " لتنظر إلى عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها ، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر . فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ، ثم لتستثفر بثوب ، ثم لتصلي .

                                                                                                                        [ ص: 235 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 235 ] 3608 - فقد ذكرنا في التمهيد اختلاف الناس في هذا الحديث في إسناد ألفاظه :

                                                                                                                        3609 - فمن ذلك أن الليث بن سعد رواه عن نافع ، فأدخل بين سليمان بن يسار وأم سلمة رجلا لم يسمه .

                                                                                                                        3610 - وكذلك رواه أنس بن عياض ، عن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن سليمان ، عن رجل من الأنصار ، عن أم سلمة .

                                                                                                                        3611 - وقال فيه أيوب السختياني : إن المرأة التي استفتت لها أم سلمة عن استحاضتها هي فاطمة بنت أبي حبيش المذكورة في حديث هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة على ما رواه مالك وغيره ، عن هشام في هذا الباب .

                                                                                                                        3612 - حدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان ، قالا حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن يوسف ، قال حدثنا الحميدي ، قال حدثنا سفيان ، قال حدثنا أيوب السختياني ، عن سليمان بن يسار : أنه سمعه يحدث عن أم سلمة . قالت : كانت فاطمة بنت أبي حبيش تستحاض ، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنه ليس بالحيضة ، ولكنه عرق ، وأمرها أن تدع الصلاة قدر إقرائها أو قدر حيضتها ثم تغتسل . فإن غلبها الدم استثفرت بثوب وصلت .

                                                                                                                        3613 - وقد مضى القول في حديث هشام بن عروة ونذكرها هنا ما يوجب القول في حديث نافع هذا ؛ لأنه عندنا حديث آخر .

                                                                                                                        [ ص: 236 ] 3614 - وذلك أن حديث هشام في امرأة عرفت إقبال حيضتها من إدبارها ، فأجابها رسول الله على ذلك ، وحديث نافع في امرأة كانت لها أيام معروفة فزادها الدم ، وأطبق عليها ، ولم تميز إقبال دم الحيضة من إدباره وانقطاعه ، وإقبال دم الاستحاضة ، فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تترك الصلاة قدر أيامها التي كانت تحيضهن من الشهر . ثم تغتسل ، ولم تذكر لها أيضا استطهارا .

                                                                                                                        3615 - والقول في الاستطهار هنا كالقول الذي مضى في حديث هشام سواء .

                                                                                                                        3616 - وقال أحمد بن حنبل في الحيض ثلاثة أحاديث : اثنان ليس في نفسي منهما شيء :

                                                                                                                        3617 - ( أحدهما ) حديث هشام ، عن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش .

                                                                                                                        3618 - ( والثاني ) حديث نافع عن سليمان بن يسار ، عن أم سلمة .

                                                                                                                        3619 - وأما ( الثالث ) الذي في قلبي منه شيء ، فحديث حمنة بنت جحش ، رواه عبد الله بن محمد بن [ ص: 237 ] عقيل ، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة ، عن عمه عمران بن طلحة ، عن أمه حمنة [ ص: 238 ] بنت جحش ، وقد ذكرناه في التمهيد .

                                                                                                                        3620 - فجعل أحمد حديث نافع عن سليمان بن يسار غير حديث هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة .

                                                                                                                        3621 - وقال مع أحمد جماعة غيره ، فلذلك قلنا : إنهما حديثان في معنيين مختلفين على ما وصفنا .

                                                                                                                        3622 - وأما حديث مالك عن سليمان بن يسار فمعناه عند أهل العلم أنها كانت امرأة لا ينقطع دمها ، ولا ينفصل ، ولا ترى منه طهرا . وقد زادها - على ذلك - على أيام كانت لها معروفة ، وتمادى بها . فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ؛ لتعلم : هل حكم ذلك الدم كحكم دم الحيض ؟ إذا كانت عندها وعند غيرها عادة دم الحيض : أنه ينقطع . فأجابها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمرها إذا انقضت أيامها أو عدد أيامها أن تغتسل وتستثفر ، وتصلي .

                                                                                                                        3623 - وأجمع العلماء على أن للدماء الظاهرة من الأرحام ثلاثة أحكام :

                                                                                                                        3624 - ( أحدها ) دم الحيض يمنع الصلاة ، وتسقط الصلاة مع وجوده من غير إعادة لها على ما قدمناه عن جماعة العلماء .

                                                                                                                        3625 - ( والثاني ) دم النفاس عند الولادة ، وحكمه في الصلاة كحكم دم الحيض بإجماع .

                                                                                                                        3626 - وقد اختلف العلماء في مقداره كما اختلفوا في مقدار الحيض . وسنبين ذلك كله إن شاء الله .

                                                                                                                        [ ص: 239 ] 3627 - ( والدم الثالث ) دم ليس بعادة ولا طبع للنساء ، ولا خلقه معروفة منهن ، وإنما هو عرق انقطع وسال دمه ، فهذا حكمه أن تكون المرأة في الأيام التي ينوبها فيها طاهرة . ولا يمنعها من صلاة ، ولا صوم ، ولا يوقف على دم العرق من غيره إلا بمعرفة ما زاد على هذا الحيض بإجماع ، أو ما نقص عنه باختلاف .

                                                                                                                        3628 - وقد اختلف العلماء في ذلك :

                                                                                                                        3629 - فأما فقهاء أهل المدينة فيقولون : إن الحيض لا يكون أكثر من خمسة عشر يوما وجائز عندهم أن يكون خمسة عشر يوما فما دون ، وما زاد على خمسة عشر يوما فلا يكون حيضا ، وإنما هو استحاضة وهو دم العرق المنقطع .

                                                                                                                        3630 - وهذا مذهب مالك وأصحابه في الجملة .

                                                                                                                        3631 - وقد روي عن مالك أنه لا وقت لقليل الحيض ولا لكثيره ، إلا ما يوجد في النساء ، وأكثر ما بلغه أنه وجد في النساء خمسة عشر يوما .

                                                                                                                        3632 - والدفعة عنده من الدم حيض تمنع من الصلاة ، ولكن الدفعة وما كان مثلها لا تحسب قرءا في العدة .

                                                                                                                        3633 - هذا مذهب ابن القاسم ، وأكثر المصريين والمدنيين عنه .

                                                                                                                        3634 - وقال ابن الماجشون عنه : أقل الحيض خمسة أيام ، وأقل الطهر خمسة أيام ، [ ص: 240 ] وهو قول ابن الماجشون .

                                                                                                                        3635 - قال أبو عمر : أما أقل الطهر فقد اضطرب فيه قول مالك وأصحابه :

                                                                                                                        3636 - فروى ابن القاسم عنه : عشرة أيام ، وروى عنه أيضا : أقل الطهر ثمانية أيام ، وهو قول سحنون .

                                                                                                                        3637 - وقال عبد الملك بن الماجشون ، عبد الملك قال : أقل الطهر خمسة أيام ، ورواه عن مالك ، وإلى هذه الرواية مال بعض البغداديين من المالكيين .

                                                                                                                        3638 - وقال محمد بن مسلمة : أقل الطهر خمسة عشر يوما ، وهو اختيار أكثر البغداديين من المالكيين ، وهو قول الشافعي ، وأبي حنيفة ، وأصحابهما ، والثوري .

                                                                                                                        3639 - وهو الصحيح ؛ لأن الله قد جعل عدة ذات الأقراء ثلاثة قروء ، وجعل عدة من لا تحيض من كبر أو صغر ثلاثة أشهر . فكان كل قرء عوضا من شهر ، والشهر يجمع الطهر والحيض . فإذا قل الحيض كثر الطهر ، وإذا كثر الحيض قل الطهر . فلما كان أكثر الحيض خمسة عشر يوما وجب أن يكون أقل الطهر خمسة عشر يوما ليكمل في الشهر الواحد حيض وطهر ، وهو المتعارف في الأغلب من كثرة النساء وجبلتهن مع دلائل القرآن والسنة على ذلك كما ذكرنا .

                                                                                                                        3640 - وقال ابن أبي عمران عن يحيى بن أكثم : أقل الطهر تسعة عشر يوما .

                                                                                                                        3641 - واحتج بأن الشهر جعل عدل كل حيضة وطهر في العدة ، والحيض في [ ص: 241 ] العادة أقل من الطهر . فلم يجز أن يكون الحيض خمسة عشر يوما ، ووجب أن يكون عشرة أيام ؛ لأن الناس في أكثر الحيض على هذين القولين . فلما لم تصح الخمسة عشر ؛ لأن العادة في الحيض أن يكون أقل من الطهر صحت العشرة الأيام . وإذا صحت العشرة حيضا كان ما بقي طهرا ، وهو تسعة عشر يوما ؛ لأن الشهر قد يكون تسعة وعشرين .

                                                                                                                        3642 - وأما اختلافهم مجملا في أقل الحيض وأكثره فكان مالك لا يوقت في قليل الحيض ولا في كثيره .

                                                                                                                        3643 - وقال : أقله دفقة من دم ، غير أنها لا تعتد بها من طلاق .

                                                                                                                        3644 - ثم قال : أكثره الحيض خمسة عشر يوما فيما بلغنا .

                                                                                                                        3645 - وقال محمد بن مسلمة : أكثره خمسة عشر يوما ، وأقله ثلاثة أيام .

                                                                                                                        3646 - وقال الشافعي : أقله يوم وليلة ، وأكثره خمسة عشر يوما . وقد روي عنه مثل قول مالك : أن ذلك مردود إلى عرف النساء .

                                                                                                                        3647 - وقال الطبري : أقله يوم ، وأكثره خمسة عشر يوما . فإن تمادى بها الدم خمسة عشر يوما ، وزادها قضت صلاة أربعة عشر يوما .

                                                                                                                        3648 - وروي عن سعيد بن جبير : إذا زاد على ثلاثة عشر يوما فهو استحاضة .

                                                                                                                        3649 - وقال أحمد بن حنبل : أقصى ما سمعنا سبعة عشر يوما .

                                                                                                                        3650 - وكان نساء الماجشون يحضن سبعة عشر يوما .

                                                                                                                        3651 - وبه قال ابن نافع صاحب مالك .

                                                                                                                        3652 - وقال أبو ثور مثل قول الشافعي : أقله يوم وليلة ، وأكثره خمسة عشر يوما .

                                                                                                                        3653 - وبه قال أحمد بن حنبل ، وهو قول عطاء بن أبي رباح .

                                                                                                                        [ ص: 242 ] 3654 - وقال الأوزاعي : أقل الحيض يوم . 3655 - قال : وعندنا امرأة تحيض غدوة ، وتطهر عشية .

                                                                                                                        3656 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : أقل الحيض ثلاثة أيام . وأكثره عشرة أيام .

                                                                                                                        3657 - قال أبو عمر : ما نقص عند هؤلاء عن ثلاثة أيام فهو استحاضة ، لا يمنع من الصلاة إلا عند ظهوره ؛ لأنه لا يعلم مبلغ مدته .

                                                                                                                        3658 - ثم على المرأة قضاء صلاة تلك الأوقات إن كانت أقل من ثلاثة أيام . وكذلك ما زاد على عشرة أيام عند الكوفيين ، وعند الحجازيين على خمسة عشر يوما . فهو استحاضة على ما قدمنا .

                                                                                                                        3659 - وأما الشافعي والأوزاعي فما كان أقل من يوم أو يوم وليلة فهو استحاضة ، وهو قول الطبري .

                                                                                                                        3660 - واعتبروا في أقل الطهر ما ذكرنا عنهم : خمسة عشر يوما ، فجعلوا ما دونها كدم متصل .

                                                                                                                        3661 - وعند محمد بن مسلمة في هذا شيء من خلاف ليس بنا حاجة إلى ذكره .

                                                                                                                        3662 - فهذه أصولهم ، فقف عليها في مقدار الطهر والحيض ، فلا غنى عنها في المسألة الواردة في الحيضة المنقطعة وفي العدة . فمن قاد أصله فيها كان أسعد بالصواب .

                                                                                                                        3663 - والمسألة امرأة حاضت يوما أو يومين ، ثم طهرت يوما أو يومين ، فتمادى بها الأمر أياما .

                                                                                                                        3664 - فأما مالك وأصحابه فقالوا : تجمع أيام الدم بعضها إلى بعض ، وتلغي أيام الطهر ، وتغتسل عند كل يوم ترى فيه الطهر أول ما تراه ، وتصلي ما دامت طاهرة ، [ ص: 243 ] وتكف عن الصلاة في أيام الدم ، وتحصي ذلك . فإذا اجتمع لها من الدم خمسة عشر يوما اغتسلت ، وصلت ، وعلمنا أنها حيضة انقطعت . وإن زادت على خمسة عشر يوما فهي مستحاضة .

                                                                                                                        3665 - هذه رواية أهل المدينة عن مالك ، وهو قول الشافعي في رواية الربيع وغيره عنه .

                                                                                                                        3666 - وقال الطحاوي : قد أجمعوا أنه لو انقطع ساعة أو نحوها - أنه كدم متصل ، فكذلك اليوم واليومان ؛ لأنه لا يعتد به من طلاق . وليس الثلاث عنده كاليومين ، وهو قول محمد بن مسلمة .

                                                                                                                        3667 - وروى ابن القاسم والمصريون عنه : أنها تضم أيام الدم بعضها إلى بعض ، فإن دام ذلك بها أيام عادتها استطهرت بثلاثة أيام على أيام حيضتها ، وإن رأت في أيام الاستطهار طهرا ألغته أيضا ، حتى تحصل لها ثلاثة أيام من الدم للاستطهار . وتصلي ، وتصوم ، ويأتيها زوجها ، وتكون ما جمعته من الدم حيضة واحدة ، ولا تعتد بشيء من أيام الطهر في عدة من طلاق ، وتغتسل كل يوم من أيام طهرها عند انقطاع الدم ؛ لأنها لا تدري لعل الدم لا يرجع إليها .

                                                                                                                        3668 - وقال محمد بن مسلمة : إذا كان طهرها يوما ، وحيضتها يوما ، فطهرها أقل الطهر ، وحيضتها أقل الحيض ، ولكنه يقطع طهرها وحيضها ، فكأنها قد حاضت خمسة عشر يوما متوالية ، وطهرت خمسة عشر يوما متوالية . فحال الحيضة لا يضرها ، واجتماع الأيام وافتراقها سواء ، ولا تكون هذه مستحاضة .

                                                                                                                        3669 - فقال محمد بن مسلمة في هذه المسألة بتلفيق الطهر إلى الطهر ، ولم يقله غيره .

                                                                                                                        [ ص: 244 ] 3670 - وسائر أصحاب مالك إنما يقولون بتلفيق الدم إلى الدم فقط .

                                                                                                                        3671 - وقال أبو الفرج : ليس بنكير أن تحيض يوما ، وتطهر يوما ، وتنقطع الحيضة عليها . كما لا ينكر أن يتأخر حيضها عن وقته ؛ لأن تأخر بعضه عن اتصاله كتأخره كله فمن أجل ذلك كانت عندنا بالقليل حائضا ، ولم يكن القليل حيضة ؛ لأن الحيضة لا تكون إلا بأن يمضي لها وقت حيض تام وطهر تام ، أقله فيما روي عن عبد الملك خمسة أيام .

                                                                                                                        3672 - قال : ولو أن قلة الدم تخرجه من أن تكون حيضا لأخرجت من أن تكون دم استحاضة ؛ لأن دم العرق هو استحاضة دون دم العرق الكثير الزائد على ما يعرف .

                                                                                                                        3673 - قال أبو عمر : راعى عبد الملك ، وأحمد بن المعذل في هذه المسألة ما أصلاه في أن أقل الطهر خمسة أيام .

                                                                                                                        3674 - وراعى محمد بن مسلمة خمسة عشر يوما .

                                                                                                                        3675 - وجعل كل واحد منهم ما يأتي من الدم قبل تمام الطهر مضافا إلى الدم الأول ، إلا أن يكون بعد تمام مدة أكثر الحيض ، فيكون حينئذ عرقا ، ولا تترك فيه الصلاة .

                                                                                                                        3676 - وكذلك يلزم كل من أصل في أقل الطهر وأقل الحيض أصلا بعدة معلومة أن [ ص: 245 ] يكون ما خرج عنها في النقصان والزيادة استحاضة .

                                                                                                                        3677 - وقد جعل ابن مسلمة أقل الحيض ثلاثة أيام ، وهو قول الكوفيين في أقل الحيض . فيجب أن يكون ما دونه عنده دم عرق واستحاضة .

                                                                                                                        3678 - وأما مذهب ابن القاسم وروايته وغيره من المصريين عن مالك فعلى ما احتج له أبو الفرج ؛ لأنه جعل اليسير حيضا يمنع من الصلاة ، ولم يجعله حيضة يعتد بها من طلاق ، وهو المشهور من أصل قولمالك .

                                                                                                                        3679 - وغيره يقول : ما لا يعتد به من عدة الطلاق فليس بحيض ، وإنما هو استحاضة لا يمنع من الصلاة .

                                                                                                                        3680 - وقد احتج أصحابنا عليهم في غير موضع ، والكلام في الحيض والاستحاضة ، ومقدار الحيض والنفاس بين المختلفين كثير جدا طويل .

                                                                                                                        3681 - وقد ذكرنا مذاهبهم وأصول أقوالهم ، وأضربنا عن الاعتلال لهم بما ذكروه لأنفسهم ، لما فيه من التطويل والتشغيب ، ولأن الحيض ومقداره ، والنفاس ومدته مأخوذ أصلهما من العادة والعرف ، والآراء والاجتهاد . فلذلك كثر بينهم فيه الاختلاف والتشغيب . وفيما لوحنا به ما يبين لك المراد منه إن شاء الله .

                                                                                                                        3682 - وقد أوضحنا القول وبسطناه في حكم الحيض والاستحاضة ومهدناه في باب نافع ، وباب هشام بن عروة من التمهيد ، والحمد لله .

                                                                                                                        3683 - قال أبو عمر : وأما مسألة تقطع الطهر والحيض فهي لمن تدبرها ناقضة لما أصلوه في أقل الحيض والطهر وأكثرهما ، فتدبرها تجدها كذلك إن شاء الله .




                                                                                                                        الخدمات العلمية