مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كانت له فضة خلطها بذهب كان عليه أن يدخلها النار حتى يميز بينهما ، فيخرج الصدقة من كل واحد منهما " .
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا فله حالان : كانت له فضة قد خالطها ذهب وأراد إخراج زكاتها
أحدهما : أن يتولى إخراجها بنفسه فإن علم قدر الفضة والذهب يقينا وكان كل واحد [ ص: 262 ] منهما يبلغ بانفراده نصابا أو بإضافة إلى ما عنده نصابا أخرج زكاته ، وإن لم يتيقن قدر الفضة والذهب وعمل على الاحتياط وأخرج زكاة ما يعلم قطعا أنه لا يزيد عليه أجزأه ، وإن لم يتيقن ميزهما بالنار ، وأخرج زكاة كل واحد منهما إن بلغ بانفراده أو بالإضافة إلى غيره نصابا فصاعدا .
والحالة الثانية : أن يتولى الإمام أخذ زكاتها منه ، فإن أخبره بيقين ما فيها من الفضة والذهب وقال أعلم ذلك قطعا وإحاطة ، كان القول قوله ، وإن اتهمه أحلفه استظهارا ، وإن لم يتيقن ولكن قال : الاحتياط أن ما فيها من الفضة كذا ومن الذهب كذا لم يقبل قوله : لأن ذلك اجتهاد منه والإمام لا يلزمه العمل باجتهاد غيره ، فإن انضاف إلى قوله قول من تسكن النفس إلى قوله من ثقات أهل الخبرة عمل عليه ، وإنما جاز له العمل على احتياطه إذا تولى إخراجها بنفسه : لأن المرجع فيه إلى اجتهاده ، فإن أشكل الأمر ميزت بالنار وخلصت بالسبك ، وفي مؤنة السبك وجهان :
أحدهما : من وسط المال : لأن المساكين شركاؤه في المال قبل السبك فلم يجز أن يختص بمؤنته دونهم .
والوجه الثاني : وهو أظهر أن المؤنة عليه : لأنه لا يمكن أخذ الزكاة إلا بها كالحصاد والصرام .