الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 111 ] باب صدقة الغنم السائمة

                                                                                                                                            قال الشافعي رحمه الله : " ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقة الغنم معنى ما أذكر إن شاء الله تعالى وهو أن ليس في الغنم صدقة حتى تبلغ أربعين ، فإذا بلغتها ففيها شاة ، ولا شيء في زيادتها حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين فإذا بلغتها ففيها شاتان ، وليس في زيادتها شيء حتى تبلغ مائتين وشاة فإذا بلغتها ففيها ثلاث شياه ، ثم لا شيء في زيادتها حتى تبلغ أربعمائة فإذا بلغتها ففيها أربع شياه ، ثم في كل مائة شاة ، وما نقص عن مائة فلا شيء فيها وتعد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما زكاة الغنم فواجبة لعموم كتاب الله سبحانه ، وتبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، روى مالك بن أوس بن الحدثان ، عن أبي ذر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " في الإبل صدقتها ، وفي البقر صدقتها ، وفي الغنم صدقتها ، وفي البز صدقتها " بالزاي معجمة . وقال صلى الله عليه وسلم في سائمة الغنم زكاة وأجمع المسلمون على وجوب زكاتها ، وأن أول نصابها أربعون وأن لا شيء فيما دونها ، وإن فيها إذا بلغت أربعين شاة واحدة ، وأن لا شيء في زيادتها إلى مائة وعشرين ، فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين ففيها شاتان ، ثم لا شيء في زيادتها إلى مائتين ، فإذا بلغت مائتي شاة وشاة ففيها ثلاث شياه ، ثم لا شيء في زيادتها حتى تبلغ أربعمائة ، فإذا بلغتها ففيها أربع شياه ، وكلما زادت مائة كاملة ففيها شاة ، ولا شيء فيما دون المائة من الزيادة ، وهذا قول الفقهاء وبه أخذ الخلفاء ، وحكي عن الحسن بن صالح بن حي والنخعي أنهما قالا : في مائتي شاة وشاة ثلاث شياه ، كقول الجماعة ، فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها أربع شياه خلافا للكافة ، واستدلالا بحديث روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " فإذا زادت على المائتين ففيها ثلاث شياه ، إلى ثلاثمائة " ، قالوا : فهذا حد والزيادة عليه توجب تغيير الحد ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " فإذا زادت على مائة وعشرين ، ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة " ، وهذا مذهب يبطل بإجماع من تقدمه ووفاق من تعقبه ، مع ما فيه من مخالفة العمل الجاري ، والنص المروي من طريق ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في أربعين شاة : شاة إلى مائة [ ص: 112 ] وعشرين ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين ، فإذا زادت ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة ، فإن كانت أكثر من ذلك ففي كل مائة شاة شاة ، وليس فيما دون المائة شيء . وقد مضى أنس وابن حزم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ، وقد روي من طريق آخر أنه صلى الله عليه وسلم قال : " فإذا بلغت أربعمائة ففيها أربع شياه " ، فكانت هذه الأخبار كلها توضح معنى الحديث الأول وتفسر إجماله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية