مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن إن شاء [ ص: 389 ] الله تعالى . سأل رجل سالما فقال ألم يكن طرحها عند من تجمع عنده أجزأه ابن عمر يدفعها إلى السلطان ؟ فقال : بلى ، ولكن أرى أن لا يدفعها إليه " .
قال الماوردي : أما زكاة الفطر ، فقد قال أصحابنا وهي جارية مجرى زكاة الأموال الظاهرة ، كالزروع والثمار والمواشي ، لكن عرف السلف جار بتولي الناس تفريقها بنفوسهم ، فإن كان والي الوقت جائرا لم يجز دفعها إليه ، وإن كان عادلا وجب على قوله القديم دفعها إليه ، واستحب ذلك له على قوله الجديد ، وإن لم يجب عليه هذا نص الشافعي في زكاة الأموال الظاهرة ، فأما زكاة الفطرة فقد قال الشافعي : " تفريقها بنفسي أحب إلي من أن أطرحها عند من تجمع عنده " فاحتمل أمرين : أحدهما : أن ذلك أحب إليه إذا لم يكن الوالي نزها فقد أورد الشافعي في الأم أن رجلا سأل عطاء عن ذلك فقال : ادفعها إلى الوالي ، فجاء الرجل إلى ابن أبي مليكة ، فسأله فقال : أخرجها بنفسك فقال له الرجل : فإن عطاء أمرني أن أدفعها إلى الوالي فقال ابن أبي مليكة : أفتاك الصالح بغير مذهبه لا تدفعها إليهم ، فإنما يعطيها هشام حرسه ، وبوابه ومن شاء من غلمانه .
وروي أن رجلا سأل سالما فقال : أحمل صدقتي إلى السلطان فقال : لا . فقال له الرجل : ألم يكن ابن عمر يدفعها ؟ فقال : بلى ! ولكن لا أرى أن تدفعها إليه .
والثاني : أنه أحب ذلك على كل حال ، وهذا يدل على أنه أجراه مجرى الأموال الباطنة ، وهذا أحب إلي وأولى عندي .