الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن العلم بدخول شهر رمضان يحصل بأحد وجهين ، لا ثالث لهما :

                                                                                                                                            إما رؤية الهلال ، أو استكمال شعبان ثلاثين يوما فلا فرق ، بين أن يرى الهلال ظاهرا ، أو خفيا ويلزم الصيام برؤيته على أي حال كان ، فلو رآه جماعة من بلد ولم يره باقيهم لزم جميعهم الصيام ؛ بدليل إجماعهم على وجوب الصيام على الأعمى والمحبوس وإن لم يرياه ، فلو رآه أهل البلد ولم يره أهل بلد آخر ، فقد اختلف أصحابنا في أهل ذلك البلد الذين لم يروه على ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدهما : أن عليهم يصوموا إذ ليس رؤية الجميع شرطا في وجوب الصيام ، وفرض الله تعالى على جميعهم واحدا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يلزمهم صيامه حتى يروه ؛ لأن الطوالع والغوارب قد تختلف لاختلاف البلدان ، وكل قوم فإنما خوطبوا بمطلعهم ومغربهم ، ألا ترى أن الفجر قد يتقدم طلوعه في بلد ، ويتأخر في آخر وكذلك الشمس ، قد يتعجل غروبها في بلد ويتأخر في آخر ، ثم كان الصائم يراعي طلوع الفجر وغروب الشمس في بلده فكذلك الهلال .

                                                                                                                                            والوجه الثالث : إن كانوا من إقليم واحد لزمهم أن يصوموا ، وإن كانوا من إقليمين لم يلزمهم ؛ لما روي أن ثوبان قدم المدينة من الشام فأخبرهم برؤية الهلال قبل المدينة بليلة ، فقال ابن عباس : " لا يلزمنا لهم شامهم ولنا حجازنا " فأجرى على الحجاز حكما واحدا وإن اختلفت بلاده ، وفرق بينه وبين الشام .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية